5 يوليو 2024
9 يونيو 2024
يمن فريدم-توفيق الشنواح
عناصر حوثية تستعرض بأسلحتها في فعالية للجماعة بصنعاء (ا ف ب)


فيما استبشر اليمنيون والعالم ببدء فتح الطرقات المغلقة منذ 10 أعوام بين المحافظات اليمنية، سارعت جماعة الحوثي إلى شن حملة مداهمات واختطفت العشرات من موظفي الأمم المتحدة والوكالات الأممية ومكتب المبعوث الأممي وعدد من المنظمات الدولية والمحلية من منازلهم في العاصمة صنعاء بالتزامن مع قرارات للحكومة الشرعية تطالب بنقل مقار البعثات الدولية إلى العاصمة الموقتة عدن.

وخلال الأيام الماضية نفذت جماعة الحوثي المصنفة من قبل الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب حملة اختطافات ما زالت مستمرة طاولت العشرات في عدد من المحافظات الخاضعة لها شمال البلاد.

وقالت الأمم المتحدة أول من أمس الجمعة إن 11 من موظفيها احتجزهم الحوثيون، من بينهم أربع نساء، وإنها تتابع ملابسات اختطافهم من قبل هؤلاء، مطالبة بالإفراج عنهم، في حين لم تعلق الجماعة على الإجراءات التي اتخذتها.

عملية استباقية

وفيما لم تعلن الجماعة عن الهدف من هذا الإجراء فإنه يأتي عقب يوم من إصدار الحكومة الشرعية قرارات قضت بنقل مقار المنظمات الدولية من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين الى العاصمة الموقتة عدن في إطار سلسلة قرارات اقتصادية ومصرفية اتخذتها الشرعية تهدف إلى سحب البساط من تحت الجماعة المنقلبة التي تسيطر على عدد من المؤسسات المالية الكبرى في البلاد.

يقول الباحث السياسي ذياب الدباء إن الحركة الحوثية تدرك تأثير الأوراق التي تملكها الحكومة الشرعية المرتبطة بمركز الدولة القانوني والسيادي في المؤسسات والقطاعات الكبرى في البلاد مثل البنك والخارجية والاتصالات والتعاون الدولي والمؤسسات الإيرادية وغيرها.

ويضيف أنه "بمجرد إعطاء الضوء الأخضر من الرباعية الدولية المختصة بالشأن اليمني ستتمكن الشرعية من سحب البساط من تحت الحوثيين وإفقادهم التوازن القائم على السيطرة القسرية على موارد الدولة الاقتصادية في العاصمة والحديدة (المطلة على البحر الأحمر ويقع بها ثاني أكبر ميناء تجاري في البلاد) وعدد من المحافظات الأخرى وتعريتهم أمام أنصارهم والمغرر بهم".

وبحسب الدباء "فإن حملة الاعتقالات الواسعة بحق موظفي المنظمات والوكالات تأتي محاولة لتفادي الوصول إلى هذه المرحلة بعمليات استباقية لإعاقة وإيقاف مزيد من القرارات المتعلقة بربط الأنشطة الاقتصادية واللوجستية والإنسانية بالعاصمة الموقتة عدن والحكومة الشرعية من خلال الضغط على المجتمع الدولي لوقفها".

ويختطف الحوثيون نحو 20 موظفاً يمنياً لدى السفارة الأميركية في صنعاء بعضهم يحمل الجنسية الأميركية منذ ثلاثة أعوام.

وسبق أن اختطفت الجماعة الموالية لإيران أربعة موظفين تابعين للأمم المتحدة، اثنان في 2021 واثنان آخران عام 2023، وما زالوا رهن الاحتجاز لدى الجماعة بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

"الابتزاز والضغط".. أجندة سياسية

من جانبها تحدثت وزارة الخارجية في الحكومة المعترف بها دولياً عما وصفته أجندة سياسية "غير قانونية" قالت إن جماعة الحوثي تسعى إليها من وراء عمليات الاختطاف الواسعة التي تشنها في صنعاء.

وأوضحت أمس أن جماعة الحوثي تحاول من خلال حملات الاختطاف "تسخير المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها الأمنية والعسكرية وتحويل المناطق الواقعة تحت سيطرتها إلى سجون كبيرة لكل من يعارض سياساتها".

وذكّرت الخارجية اليمنية في بيانها المنشور على حسابها في منصة "إكس" بتحذيراتها السابقة "منذ أعوام" للمنظمات الدولية من أخطار التغاضي عن "انتهاكات الحوثيين وأساليب الابتزاز والضغط التي تمارسها على المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن".

وجددت مطالبتها للأمم المتحدة وجميع الوكالات الدولية بنقل مقارها الرئيسية إلى عدن، مؤكدة أن من شأن ذلك "ضمان بيئة آمنة وملائمة لعمل هذه المنظمات وتقديم خدماتها الإنسانية إلى جميع اليمنيين في كل المناطق من دون تمييز أو عراقيل".

وفي سياق ما اعتبر نهجاً معتاداً دأبت الجماعة على اتخاذه مع كل أزمة تواجهها لتحقق من وراء هذا السلوك مكاسب سياسية، قال وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان اليمني أحمد عرمان إن خطف الحوثيين لأكثر من 50 موظفاً أممياً يعملون في وكالات دولية من بينهم أربع نساء، سياسة ممنهجة تمارسها الجماعة بصورة مستمرة منذ أعوام وليست المرة الأولى التي تقوم بها.

وأضاف عرمان في حديث تلفزيوني إلى قناة "العربية الحدث" أن الموظفين الذين تم اختطافهم خلال الأسبوع الماضي من اليمنيين "يضاف إليهم أكثر من 15 موظفاً دولياً لا يُسمح لهم بدخول صنعاء، ويتعرضون لكثير من المضايقات، منها منعهم من مزاولة أعمالهم"، مجدداً تأكيد الحكومة على "ضرورة أن تنقل الأمم المتحدة مقارها بأسرع وقت ممكن إلى عدن حتى تكون قادرة على حماية موظفيها والعاملين لديها ومكاتبها".

وكشف عن أن "الحملة الحوثية ضد موظفي الأمم المتحدة بدأت الخميس الماضي في خمس مدن هي صنعاء والحديدة وصعدة وإب وحجة ولا تزال مستمرة".

وأرجع إقدام الحوثيين على هذا السلوك إلى "صمت الأمم المتحدة تجاه سياسات الميليشيات، إذ اعتبرته بمثابة الضوء الأخضر للاستمرار في ممارساتها".

فيما دان وزير الإعلام معمر الإرياني حملة المداهمات الحوثية باعتقال الموظفين الأمميين والدوليين وترويع أسرهم واعتبرها "جريمة نكراء" ليست الأولى من نوعها.

العقاب بالإخفاء القسري

الإرياني لم يعلن عن إجراءات حكومته إزاء هذه التطورات ولكنه طالب "المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة مربع الصمت المخزي، وإصدار إدانة واضحة لهذه الممارسات الإجرامية باعتبارها انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية".

وطالب كذلك بـ"الضغط على ميليشيات الحوثي لإطلاق المختطفين فوراً وكل المخفيين قسراً في معتقلاتها والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية، ودعم الحكومة لفرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي".

ولم يُكشف بعد عن مصير المختطفين ومكان اعتقالهم وطبيعة احتجازهم، إلا أن المركز الأميركي للعدالة (ACJ) أعلن أن جماعة الحوثي تحتجز نحو 50 عاملاً في المنظمات الأممية والدولية منهم 18 موظفاً أممياً، بعد حملة واسعة شنتها الجماعة على منازل ومكاتب موظفين يعملون في مختلف وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.

وقال المركز إن جماعة الحوثي قامت بحملة واسعة منذ أول من أمس ضد العاملين في مختلف الأجهزة الأممية والإغاثية، واعتقلتهم من دون الكشف عن أماكن اعتقالهم ورفضت السماح لهم بالتواصل مع منظماتهم أو عوائلهم، مما يظهر أنها مصرة على استخدام الإخفاء القسري كوسيلة عقاب حتى ضد الموظفين الأمميين.

وأوضح أن عدد المحتجزين بلغ حتى اليوم 50 من بينهم أربع نساء، إحداهن أوقفت مع زوجها وأطفالها من قبل جماعة الحوثي، مشيراً إلى أن "جميع المعتقلين يحتجزهم الحوثيون في جهاز ما يسمى ’الأمن والمخابرات‘ التابع لهم في صنعاء"، وطالب الأمم المتحدة "بممارسة كل أشكال الضغط اللازمة على جماعة الحوثي من أجل وقف انتهاكاتها ضد الموظفين والعاملين في القطاع الإغاثي والإنساني وتحييد هذا الملف عن الصراع المسلح والتجاذبات السياسية".

في السياق عبرت منظمات يمنية عن قلقها البالغ من حملة الاعتقالات التي قام بها "جهاز الأمن والمخابرات" التابع لميليشيات الحوثي في صنعاء والحديدة وصعدة وعمران واستهدفت موظفين يعملون لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

واعتبرت 118 منظمة في بيان مشترك أن "اعتقال موظفين دوليين انتهاك خطر لحقوق الإنسان والحريات العامة وأمر مخالف للقوانين والأعراف الدولية وانتهاك فاضح لعمل ونشاط المنظمات الدولية".

وأكد البيان أن هذه الممارسات هي "بمثابة استمرار ميليشيات الحوثي في جرائمها وتجاهل واضح لكل المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى إرساء السلام في البلاد".

(اندبندنت عربية)
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI