يتجه البنك المركزي اليمني الحكومي في عدن إلى سحب تراخيص بنوك واستبعادها من نظام التحويلات "سويفت" حيث يتهمها برفض قرار نقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى عدن التي تتخذ منها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة لها.
جاء ذلك وفق نسخة مسربة صادرة عن البنك الحكومي الذي دعا فيها البنوك التي ألغيت تراخيصها اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار مع مراعاة استيفاء حقوق المودعين لديها، في حين استثنى من الإلغاء فروع البنوك التي تعمل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وتستمر هذه الفروع في ممارسة نشاطها حتى إشعار آخر.
وبينما لم يصدر أي قرار رسمي من البنك المركزي الحكومي حتى الآن تشير الوثيقة المسربة إلى خطاب موقع من محافظ البنك أحمد غالب المتبقي موجه إلى شركة التحويلات الدولية "سويفت" لسحب النظام من البنوك الخمسة المشمولة بالقرار وهي؛ التضامن الإسلامي، والكريمي للتمويل الأصغر، واليمن والكويت، والأمل للتمويل الأصغر، واليمن الدولي.
وربط المحلل المصرفي نشوان سلام، لـ"العربي الجديد"، هذه التطورات المتصاعدة بأنها جاءت على إثر الخطاب الذي هدد فيه زعيم جماعة الحوثي السعودية التي يتهمها بالوقوف وراء هذه القرارات الصادرة عن البنك المركزي في عدن.
وطالب المبعوث الأممي إلى اليمن السويدي هانس غروندبرغ، الحكومة المعترف بها دولياً تأجيل تطبيق القرار الخاص بسحب تراخيص البنوك حتى نهاية الشهر القادم، وإبلاغ نظام سويفت بذلك تجنباً لتصعيد عسكري محتمل، داعياً في الرسالة التي وجّهها إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، إلى حوار اقتصادي بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة.
قرارات كارثية
ووصف المصرفي اليمني، علي التويتي، في حديث لـ"العربي الجديد"، قرارات البنك المركزي في عدن بالكارثية، إذ قال إنها تستهدف الإضرار بالقطاع المصرفي والبنوك ومعيشة اليمنيين.
وفي الوقت الذي يتخوف فيه عملاء البنوك على وضعية ودائعهم لدى هذه المصارف المشمولة بالقرار، أكد سلام عدم وجود أي جديد في هذا الخصوص لأن البنوك تمتنع منذ بداية الحرب عن إجراء أي حركة في ودائع الحسابات القديمة لما قبل العام 2014، فضلاً عن تراجع ملحوظ في الودائع لديها خلال الأعوام التي تلت اندلاع الحرب في اليمن مع بروز شركات الصرافة ومؤسساتها منافساً رئيسياً لها في جذب أموال التجار والمواطنين وودائعهم.
وتشهد اليمن أزمة خانقة نتيجة الشلل الذي أصاب عملية التحويلات الداخلية بين مناطق طرفي الصراع بسبب إيقاف الشبكات المصرفية عن العمل واستلام وإرسال، كان آخرها قرار إيقاف شبكات تحويلات مهمة مثل "النجم"، وكذا "الحزمي" وشبكة ثالثة بحسب تعميم صادر عن جمعية الصرافين اليمنيين بصنعاء.
وأفاد مواطنون تحدثوا لـ"العربي الجديد"، بأنهم غير قادرين على التحويل من مناطق الحكومة المعترف بها دولياً إلى مناطق سيطرة الحوثيين أو العكس، إذ قال المواطن أحمد فاضل، وهو من سكان صنعاء شمال اليمن إنه فوجئ عندما توجه إلى إرسال مبلغ مالي يصل إلى نحو 20 ألف ريال إلى أقارب له في تعز جنوب غربي البلاد بمشكلة في عملة التحويل.
من جانبه، أشار التاجر نبيل الأشول، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى وجود صعوبات في التحويلات وهي شبه متوقفة بين المناطق اليمنية، ما أثر كثيراً على تسيير أنشطتهم وأعمالهم، لافتاً إلى محدودية الجهات المصرفية المستخدمة في التحويلات المالية.
استبعاد بنوك صنعاء
وكانت الأمم المتحدة قد نبهت منتصف الشهر الماضي من قرار محتمل وشيك باستبعاد البنوك الموجودة في صنعاء من استخدام نظام سويفت المصرفي، الأمر الذي من شأنه أن يمنع هذه البنوك من تسهيل المعاملات المالية الدولية، كما حذرت مسؤولة في منظمة أممية مما وصفتها بـ"العواقب الكارثية المحتملة" لهذا القرار، مؤكدةً أن هذه الخطوة تهدد بمزيد من التفتت وإضعاف الاقتصاد اليمني المتعثر بالفعل.
وأصدر البنك المركزي الحكومي سلسلة من القرارات منذ مارس/ آذار الماضي 2024، أهمها القرار الذي وضع مهلة مدتها 60 يوماً للبنوك والمصارف العاملة في صنعاء لنقل مقراتها وإدارة عملياتها إلى عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً حيث انتهت المدة في مايو/ أيار الماضي بدون قيام البنوك الخمسة المشمولة بتنفيذ القرار وهو الأمر الذي نتج عنه إقدام البنك على اتخاذ العديد من الإجراءات التي تخللها إيقاف العديد من شركات الصرافة وشبكات التحويلات المالية.
(العربي الجديد)