قال خبراء وباحثون إن جماعة الحوثيين مستعدة لتوسيع دورها في مواجهة المصالح الإسرائيلية في الصراع المستمر بالشرق الأوسط، في الوقت الذي تعلمت الجماعة من الأخطاء التي ارتكبها حزب الله.
جاء ذلك في ندوة نظمها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ناقشت الصراع في لبنان، وتحوّل مسار الحرب بشكل كبير بعد اغتيال إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعدد من كبار قادة الحزب نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي.
ومنذ ذلك الحين تشن إسرائيل حملة موسعة من الغارات الجوية وبدأت في غزو مناطق جنوب لبنان، في خطوة تهدف لتفكيك القوة العسكرية والسياسية لحزب الله، وإيقاف إطلاق الصواريخ التي يطلقها عناصر الحزب باتجاهها، حسبما تقول تل أبيب.
وقال عدنان الجبرني، وهو باحث متخصص في الشؤون العسكرية والحوثيين، إن "الجماعة تعلمت كيف تتجنب سقوط حزب الله بعد الضربات الموجعة التي تلقاها الأخير". وأضاف "لذلك سوف تنكفئ مجددا وتعود لحالها السابق من الغموض لتحافظ على سرية بنيتها، إضافة إلى تهيئة آخرين للمناصب القيادية، ومراجعة بروتوكولها الأمني".
واستلهمت جماعة الحوثيين بنيتها وهيكلها العسكري والسياسي والإعلامي من حزب الله، وكان خبراء الحزب أول من وصل لمساندة الحوثيين في صعدة إبان الحرب الرابعة التي خاضتها الجماعة ضد القوات الحكومية؛ إذ نقلوا الجماعة من مجموعة مقاتلة إلى جماعة منظمة تملك خبرة وتكتيكا عسكريا، وفقا للجبرني.
وقال إن ظهور زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي أكثر حذرا في تحركاته، وتراجع ضربات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، يشير إلى أن الجماعة تجري إعادة لتقييم الوضع.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت الولايات المتحدة من قصف الأهداف العسكرية للحوثيين، كما قصفت إسرائيل مرتين الموانئ ومحطات الطاقة منذ يوليو/ تموز، ردا على هجمات الحوثيين بالصواريخ على مناطق داخل إسرائيل.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه حزب الله بإسرائيل، قال عبدالغني الإرياني، باحث أول في مركز صنعاء، إن الحوثيين يحتفظون ببعض قوتهم النارية للدفاع عن إيران في حال شنت إسرائيل ضربة عسكرية ضدها.
وأضاف الإرياني: "دور الحوثيين في محور المقاومة قد تغيّر... لم يعودوا يستخدمون كل مواردهم العسكرية في البحر الأحمر، والآن يحاولون الاحتفاظ بالطائرات المسيّرة والصواريخ حتى إذا استُهدفت إيران في ضربة واسعة من قِبل الولايات المتحدة وإسرائيل، يمكن للحوثيين استخدام هذه الموارد حينها لتشتيت انتباههم".
أما بالنسبة لحزب الله، قالت لينا خطيب، رئيسة قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن، إن الحزب تعافى بعد الضربات الإسرائيلية الأولية، وإن لديه هيكلية مرنة يستطيع من خلالها الاستمرار حتى بعد قتل زعيمه".
لكنها قالت إن "غياب نصرالله يشكل طعنة رمزية للفصائل التي كانت تنظر إليه كأخ أكبر".
ويتفق معها علي هاشم، مراسل قناة الجزيرة الدولية في بيروت، وقال: "عقب مقتل أمينه العام حسن نصر الله، استعاد الحزب نسخته القديمة كحركة مقاومة سرية".
ولم يكن محور المقاومة يريد حربا مع إسرائيل، لكن السابع من أكتوبر وضع جميع من في المحور أمام لحظة صعبة؛ إذ لم يكونوا قد وصلوا إلى المستوى الذي يستطيعون فيه خوض هذه المعركة، حسب ما يرى هاشم.
وفي سياق آخر، قال الإرياني إن السعودية تحاول تحييد وضعها خلال هذه المرحلة بحيث لا تغضب إيران والولايات المتحدة في الوقت ذاته. كما تحرص على التأكيد للحوثيين بأنها ستوقع الاتفاق معهم بعد توقف المعارك في غزة.
وقال إن الرياض باتت تدرك أنه في حال توسعت الحرب في المنطقة فإنها ستتعرض للهجوم من قِبل الحوثيين.
وأضاف أن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها إيقاف جماعة الحوثيين هي عبر اليمنيين أنفسهم، أي أن تكون هناك قوة حقيقية لدى المعسكر المناوئ للجماعة بقيادة موحدة تستطيع أن تشكّل رادعا يقنع الحوثيين بأنه لا يمكنهم فرض إرادتهم بقوة السلاح.