كشف التقرير الجديد الصادر عن فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي المعنية باليمن، عن تنسيق مشترك بين الحوثيين والجماعات الإرهابية لتهريب الأسلحة وشن هجمات ضد الحكومة اليمنية.
وتشير المعلومات التي جمعها الفريق إلى أن الحوثيين يتلقون المساعدة التقنية والتدريبات والأسلحة والدعم المالي من إيران والجماعات المسلحة العراقية وحزب الله. بالإضافة إلى ذلك أنشئت مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلا حوثيا بهدف تنسيق الأعمال العسكرية المشتركة التي يقوم بها "محور المقاومة".
وكشف التقرير عن التعاون المتزايد بين الحوثيين والجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي أكد التقرير أنه "أمر مثير للقلق".
وذكر التقرير أن الحوثيين والجماعات الإرهابية اتفقوا على وقف النزاع الداخلي وعلى نقل الأسلحة والتنسيق بشأن الهجمات ضد قوات حكومة اليمن وبالإضافة إلى ذلك لوحظت زيادة في أنشطة التهريب، بما في ذلك تهريب الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، بين الحوثيين وحركة الشباب، مع وجود مؤشرات على وجود إمدادات عسكرية مشتركة أو مورد مشترك.
ولفت التقرير إلى أن الجزاءات المفروضة على الحوثيين سيكون تأثيرها محدودا ما لم تُتخذ الإجراءات المناسبة ضد جميع من منتهكي نظام الجزاءات.
وأشار إلى أن عمليات نقل الأعتدة والتكنولوجيا العسكرية المتنوعة المقدمة للحوثيين من مصادر خارجية، بما في ذلك الدعم المالي المقدم لهم وتدريب مقاتليهم، "هي عمليات غير مسبوقة من حيث حجمها ونطاقها".
وأكد التقرير أن الحوثيين "اعتمدوا إستراتيجية تصعيد تدريجي من خلال استهداف السفن التجارية والبحرية في البحر الأحمر. ووقعت عمليات اختطاف سفينة جالكسي ليدر في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ويزال أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فردا ينتمون إلى جنسيات مختلفة محتجزين حتى الآن. وردا على ذلك تم تشكيل قوات تحالف بحرية دولية بهدف رد الحوثيين وتأمين حرية الملاحة. غير أن الحوثيين لم يرتدعوا بعد، وهم يواصلون مهاجمة السفن.
فقد شُنَّ ما لا يقل عن 134 هجوما من مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين ضد سفن بما في ذلك سفن حربية من المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية والولايات المتحدة باستخدام قذاف من طرازات جديدة".
وعلى الصعيد الداخلي، أورد التقرير أن الحوثيين يكثفون عملياتهم ضد حكومة اليمن، محاولين إحراز تقدم على عدة جبهات. كما قاموا بتجنيد أعداد كبيرة من الشباب والأطفال اليمنيين والمهاجرين غير النظامين والمرتزقة من القبائل الأثيوبية.
وأكد أن "الوضع العسكري الداخلي هش، وإشعال أي شرارة على الصعيد الداخلي أو الخارجي قد يتسبب باستئناف المواجهات العسكرية".
وتابع التقرير " يواصل الحوثيون، بهدف دعم أنشطهم العسكرية، اعتماد العديد من التدابير غير القانونية لتوليد موارد كبيرة لأغراضهم العسكرية. كما أنهم يستغلون سيطرتهم على قطاع الاتصالات لطلب الأموال العامة لطائراتهم المسيرة التي تشكل "القوة الجوية" ولـ "قواتهم للدفاع الساحلي"، وذلك عن طريق إرسال ملايين الرسائل إلى المشتركين في شركات الاتصالات".
وكشف التقرير أيضا، استخدام الحوثيين شبكات مختلفة تعمل في إطار ولايات قضائية متعددة، بما في ذلك الشركات الوهمية وشركات الصرافة، لتمويل أنشطتهم، خاصة من قطاع النفط والغاز النفط المسال.
كما أوضح أن الحوثيين يستخدمون "وثائق مزورة مثل شهادات بلدان المنشأ، وتلجأ إلى المناقلة بين السفن، وتنشر سفنا تقوم بوقف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن بانتظام أثناء الرحلات لتجنب الكشف عن الموانئ التي تزورها هذه السفن، والطرق التي تسلكها، أو لتجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آليات الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش".
وقال تقرير الخبراء، إن الحوثيين ضالعين في استخدام عناصر مسلحة على نطاق واسع وبشكل غير قانوني لتجميد أو مصادرة أصول الأفراد والكيانات والاستيلاء على إدارة الشركات والانخراط على نطاق واسع في عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات ومعدات الاتصالات ذات الاستخدام المزدوج والمبيدات الحشرية والأدوية والممتلكات الثقافية اليمنية.
واستعرض التقرير محاولات من قبل الحوثيين لطباعة أوراق نقدية في الخارج. حيث أصدر البنك المركزي اليمني في صنعاء عملة معدنية جديدة من فئة 100 ريال في 30 آذار/ مارس 2024، ما لبث البنك المركزي اليمني في عدن أن أعلن أنها مزيفة، أعقبها قرار بإلغاء ستة بنوك رائدة في صنعاء وهدد بفصلها عن نظام جمعية الاتصالات المالية بين المصارف على مستوى العال (نظام سويفت).
وقال التقرير أن قرار البنك المركزي في عدن أثّر على المصالح الاقتصادية للحوثيين الذين هددوا بعد ذلك بالعودة إلى الحرب وشن هجمات عبر الحدود ضد البنية التحتية الاقتصادية الحيوية في المملكة العربية السعودية، حيث أن هذه البنوك تتولى إجراء عدد كبير من التحويلات المالية الدولية، خاصة نيابة عن العديد من الكيانات التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأوضح التقرير أن هذا التصعيد سلط الضوء على الكيفية التي يمكن أن تتحول بها مشكلة اقتصادية إلى حرب شاملة، مما يؤكد الطابع الهام والملح لمعالجة التحديات الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
أكد التقرير أن الوضع في اليمن تعقد بسبب التفاعل بين المصالح الاقتصادية والصراع على السلطة السياسية والأعمال العسكرية.
وعن الهجمات في البحر الأحمر، قال التقرير إن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر أثرت تأثيرا مضاعفا، وكان اليمن هو الطرف الأكثر تضررا. وأدى الارتفاع الكبير في تكاليف النقل والتأمين إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم.
وذكر التقرير في موجزه " كما أن الحظر الذي يستمر الحوثيين في فرضه على تصدير النفط الخام والذي أدى إلى استفاد احتياطي النق الأجنبي وخفض قيمة الريال اليمني خلّف عواقب سلبية أثرت بشدة على تقديم الخدمات العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وقد أدى ذلك إلى اندلاع احتياجات منتظمة واضطرابات عامة ومشاحنات بين المجلس الانتقالية الجنوبي والحكومة، مما هدد الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلد".
وعن الانتهاكات، أشار التقرير إلى الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون، وقال إن انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان لا تزال مستمرة، خاصة من قبل الحوثيين. وتشمل هذه الانتهاكات تنفيذ هجمات عشوائية على المدنيين وأعيان المدنية، وأعمال العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات والعنف الجنساني بما في ذلك العنف القائم على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسية، وكذلك التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية المهينة.
وهناك العديد من حالات الاحتجاج التعسفي والاختفاء القسري وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وإيصالها وتوزيعها. ووردت تقارير عن انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة، غالبا ما أدت إلى صدور أحكام بالإعدام، وهي أحكام نُفذت على ما يبدو لقع المعارضة.
كما لفت التقرير إلى الاحتجاج التعسفي من قبل الحوثيين للعاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية، الذين اُحتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي، والاستيلاء على ممتلكات الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، معتبرا ذلك أمر مثير للقلق بشكل خاص.
وأكد أن هذه الأعمال تعيق تنفيذ الولايات الإنسانية وتعرق جهود الأمم المتحدة لتعزيز السلام والأمن في اليمن.
وتطرق موجز التقرير إلى تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع يهدد استقرار المجتمع اليمني في المستقبل وآفاق السلام والأمن المستدامين.
كما ذكر أن الحوثيين يستخدمون المخيمات الصيفية لنشر الكراهية والعنف والتمييز. بالإضافة إلى ما يواجهه العاملون في مجال التعليم، الذين يقاومون تسييس النظام التعليمي، من أعمال انتقامية شديدة تشمل الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.
وأشار التقرير إلى مخاطر الألغام التي يصنعها الحوثيون محليا وقال "من الأمور المثيرة للقلق ما يُلاحظ من أن الحوثيين ينتجون الألغام الأرضية محليا، حيث يستخدمون آليات تفجير محددة لزيادة احتمال وقوع أضرار بشرية. وقد أصبح إبطال مفعول الألغام الأرضية أكثر خطورة بالنسبة لعمال إزالة الألغام، لا سيما وأن الحوثيين لا يتبعون خطة لزرع الألغام".
ودعا تقرير فريق الخبراء إلى وجوب معالجة هذه الانتهاكات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية المتشابكة على نحو شامل.