10 سبتمبر 2025
5 إبريل 2025
يمن فريدم-اندبندنت عربية-جمال عبدالقادر البدوي


تتصاعد الاشتباكات والمعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بالأسلحة الثقيلة في محور غرب أم درمان، إثر شن الجيش هجوماً واسعاً بإطلاق عمليات برية وجوية وبالمسيرات على نقاط تمركز قوات "الدعم" في منطقي الجموعية وصالحة غرب أم درمان، حيث أحد أكبر معسكرات "الدعم السريع" وآخر معاقله في مدينة أم درمان.

استبق الجيش هجومه البري على المنطقة بغارات جوية وقصف مدفعي مكثف على مواقع "الدعم" جنوب غربي أم درمان، في أعقاب تكثيف الأخيرة هجماتها على قرى تلك المنطقة.

وأوضحت مصادر ميدانية أن العلميات الحربية في غرب أم درمان هدفها حماية المدنيين بالمنطقة الذين تعرضوا لانتهاكات وقتل ممنهج من قوات العدو المتراجعة من الخرطوم نحو تلك المنطقة على مدار الأسبوع الماضي، وتطهير الريف الجنوبي للمدينة من مجموعات العدو المتمركزة هناك بعد فرارها من الخرطوم.

ذكرت مصادر أن الجيش تصدى أمس الجمعة لمحاولة قوة من الميليشيات الهجوم على الدفاعات الغربية المتقدمة لمعسكر سلاح المهندسين في منطقة أم بدة كرور، وكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، مبينة أن قوات الجيش حققت تقدماً كبيراً في منطقة سوق ليبيا، وتتقدم بقوة نحو سوق قندهار أكبر معاقل "الدعم" جنوب غربي أم درمان.

وأشارت المصادر إلى أنه ومع الهجوم الواسع المنطلق من داخل أم درمان، هناك أيضاً قوات تتقدم نحو المنطقة من ولاية النيل الأبيض، إلى جانب قوات "درع السودان" المتحركة من جنوب شرقي العاصمة في جبل أولياء.

هجمات واستغاثة

وكان سكان قرى الجموعية، أطلقوا نداءات واستغاثات وتحذيرات من اعتزام قوات "الدعم السريع" ارتكاب مجازر إضافية في حق سكان تلك القرى.

وارتفع عدد القتلى في قرى الجموعية غرب أم درمان جراء هجمات "الدعم" إلى حوالى 100 وما يقارب 250 من الجرحى والمصابين.

وأفاد نداء استغاثة في رسالة صوتية لأحد المواطنين من داخل المنطقة، بأن قوات "الدعم" شرعت في استهداف منازل المواطنين باستخدام الطائرات المسيرة، عقاباً للمواطنين على دفاعهم عن أنفسهم في مواجهتها ببنادقهم (الكلاشنكوف) غير المجدية، مطالباً السلطات بمدهم بالسلاح ولو عبر النيل ليتمكنوا من الصمود.

وأفرزت هجمات "الدعم السريع" على قرى الجموعية عن موجة نزوح كبيرة للسكان سيراً على الأقدام نحو منطقة جبل أولياء عبر جسر الخزان.

وأفاد مواطنون أنه ومع تقدم الجيش تفرض الميليشيات حصاراً على معظم أحياء محلية أم بدة، وتحظر حركتهم إلى خارج المنطقة، وتمنع حركة المركبات المتجهة إلى خارجها أو الداخلة إليها.

وقال والي الخرطوم المكلف، أحمد عثمان حمزة، لدى استقباله مجموعات من النازحين من قرى الجموعية، أن الميليشيات أقدمت على قتل عدد كبير من مواطني قرى الريف الغربي لأم درمان.

حملات اعتقال

وفي جنوب الخرطوم كشفت غرفة طوارئ جنوب الحزام، عن تنفيذ قوات مساندة للجيش حملة اعتقالات علاوة على تصفية أحد المدنيين في منطقة مايو جنوب الخرطوم مطلع هذا الأسبوع.

وقالت الغرفة في بيان لها أمس، إن "الجيش اعتقل أكثر من 700 شاب في مناطق مايو ومانديلا وأنجولا ودار النعيم وجنوب الخرطوم.

أضاف البيان، "جميع كتائب الجيش تنظر إلى المنطقة بصورة مشوهة، مما أدى إلى تنفيذ اعتقالات تعسفية على أساس مناطقي وعرقي، مع ارتكاب مجازر بشعة، وتعمل الغرفة الآن على رصد وحصر عمليات التصفية والإعدامات التي جرت أخيراً في المنطقة".

في الأثناء ووسط إشاعات وحال من القلق بين المواطنين من طبيعة ما حدث، شهدت مدن سودانية عدة، من بينها الخرطوم وبحري وأم درمان وبعض مناطق في شندي والدامر وبورتسودان وكسلا والنيل الأبيض، انقطاعاً واسعاً في التيار الكهربائي بحسب ما أفادت مصادر محلية.

وفي ما لم تصدر أية توضيحات رسمية في شأن أسباب الانقطاع الواسع للتيار الكهربائي بالبلاد، أعلنت الفرقة 19 مشاة بمدينة شمال السودان عن تمكن دفاعاتها الأرضية صباح اليوم السبت من إسقاط عدد من المسيرات التي أطلقتها ميليشيات "الدعم السريع" المتمردة في محاولة لاستهداف مقر قيادة الفرقة وسد مروي.

وأكدت قيادة الفرقة استعدادها الكامل للتصدي لأي تهديدات تستهدف الولاية الشمالية، مشددة على أن محاولات ضرب البنية التحتية للمواطنين لن تنجح في تحقيق أهدافها، وأوضحت القيادة أن الجيش مستمر في حماية مقراته وتأمين المناطق الإستراتيجية.

قصف وجوع

في محور دارفور وعقب هدوء قصير عاشته مدينة الفاشر ليومين استأنفت قوات الجيش قصفها المدفعي على تمركزات قوات "الدعم السريع" في محيط المدينة، وسط توقعات بتجديد الأخيرة قصفها الأحياء السكنية داخل المدينة.

في هذا الوقت تعاني أسواق الفاشر شحاً كبيراً وارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الغذائية والأدوية وانعدام مياه الشرب في معسكرات النازحين، حيث بلغ سعر الأربعة لترات من الماء 1500 جنيه سوداني (حوالى 60 دولاراً) بالسوق الموازية.

وحذرت مصادر محلية من أن الوضع في المدينة يشهد تدهوراً كارثياً مخيفاً نتيجة الشح المتناهي للغذاء والانعدام شبه الكامل للسلع والمواد الغذائية.

وأوضحت المصادر، أن الوضع هناك يستدعي تحركاً عاجلاً، وبخاصة بعدما فاقم إغلاق المخابز ونفاد مخزون الدقيق الأزمة الإنسانية ومعاناة النازحين في مخيم زمزم 15 كيلومتراً جنوب مدينة الفاشر، بسبب الحصار الذي تضربه قوات "الدعم السريع" على المنطقة منذ أكثر من 10 أشهر.

وكشفت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين عن تواصل عمليات النزوح من مدينة الفاشر ومخيماتها باتجاه منطقة طويلة، حيث وصل إلى المنطقة أمس، أكثر من 45 أسرة سيراً على الأقدام وعلى ظهر عربات الكارو التي تجرها الحمير، في ظروف إنسانية مزرية وحال من الجوع والمرض.

وناشد بيان للمنسقية، الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لإنقاذ حياة المتضررين من هذه الظروف القاسية.

معارك مصيرية

وأعلن وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة السودانية جبريل إبراهيم، عن معارك مصيرية يجرى الترتيب لها لفك الحصار عن مدينة الفاشر وتحريرها.

وقال الوزير لدى تفقده القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة في محور الصحراء، إنه وقف برفقة وفد كبير من القيادات العسكرية على الاستعدادات والجاهزية الميدانية للقوات المشتركة بمحور الصحراء، واطمأن على اكتمال جاهزيتها قبل خوضها معركة فك الحصار عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وتحرير الإقليم من الميليشيات المتمردة.

من جانبه أوضح حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أن مواطني الفاشر يعانون حصاراً قاسياً قائماً على أسس عرقية وإثنية حرمهم من أبسط مقومات الحياة، مؤكداً أن الجيش والقوات المتحالفة معه لن يتوقفوا حتى تنعم مدن الفاشر والأبيض بالأمن والأمان، ومبشراً بقرب انتهاء محنة الفاشر بتحريرها وفك الحصار عنها.

وأضاف مناوي على حسابه بموقع "فيس بوك"، أن الأهالي على رغم ما عانوه رفضوا ترك أرضهم للمستوطنين الجدد، مجدداً العهد بقرب تحرير الفاشر ومواطنيها وتخليصها من براثن الجوع والمرض.

إلى ذلك دعا القيادي بتحالف صمود، ورئيس الحركة الشعبية ياسر عرمان التيار الثوري، إلى تكوين لجنة وطنية تضم أكثر بنات وأبناء السودان نفوذاً داخل البلاد وخارجها وتمثل التنوع السوداني ووحدة النسيج الوطني، للدفاع عن حقوق جميع المدنيين السودانيين في الحياة والأمن والإغاثة والسكن بجميع أنحاء البلاد.

ووصف عرمان ما يحدث الآن في مناطق الجموعية جنوب أم درمان ومايو والحزام جنوب الخرطوم وضد المدنيين في الفاشر والأبيض وغيرها من المناطق، بأنه "أمر يندى له جبين البشرية"، لافتاً إلى أن الاعتداءات وجرائم الحرب ضد المدنيين تتصاعد من دون رادع أو صوت قوي نافذ داخل السودان أو خارجه.

وأوضح أن كل ذلك يحدث في ظل خطاب كراهية متصاعد ودعاوى لاستهداف مناطق جغرافية بعينها، مؤكداً أن توجهات الحرب الإثنية والجهوية وخطاب الكراهية يجعل هذه الحرب موجهة بامتياز ضد كافة المدنيين السودانيين والنسيج الوطني، وهي حرب لتمزيق السودان وتفتيته ولن تنتج ديمقراطية أو عدالة اجتماعية مهما ادعى أصحابها والقائمون على أمرها.

جبهات جديدة

في السياق أوضح الباحث الأمني ضو البيت دسوقي، أن قوات "الدعم السريع" تعمل على تنشيط عملياتها في جبهات معارك جديدة في النيل الأزرق وجنوب كردفان بعد تحالفها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) بقيادة عبدالعزيز الحلو، مما يتطلب من قوات الجيش التشدد في تأمين ولاية شمال كردفان لمواجهة تحركات "الدعم السريع" في الجبهة الجنوبية.

ولفت ضو البيت، إلى أن نجاح ترتيبات الجيش الحثيثة لفك حصار الفاشر والشروع في استعادة إقليم دارفور، ليس أمراً مستبعداً في ظل فقدان قوات "الدعم" لمعظم قوتها الصلبة في الجزيرة والخرطوم، وموازين القوة العسكرية الجديد على الأرض، محذراً من أن سيطرة "الدعم" على منطقة المالحة الحدودية شمال دارفور ستمكنها من تعزيز موقفها الهجومي وخططها الرامية إلى الاستيلاء على مدينة الفاشر.

أممياً، قالت منظمة الهجرة الدولية إن العاصمة السودانية الخرطوم بعد عامين من الحرب "تعيش وضعاً كارثياً بمستوى من الدمار يفوق التصور". وأوضح رئيس بعثة المنظمة بالسودان محمد رفعت، عقب زيارة له إلى العاصمة وضواحيها استغرقت أربعة أيام، أنه شاهد بنفسه حجم الدمار والمعاناة والأوضاع المروعة التي يعيشها الناس في الخرطوم.

وكانت قوات الجيش السوداني تمكنت في الـ26 من مارس/ آذار الماضي، من استعادة السيطرة على مدينة الخرطوم بعد معارك ضارية خاضتها ضد قوات "الدعم السريع" التي ظلت مهيمنة على المدينة نحو عامين كاملين.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI