يشكل كأس العالم لكرة القدم مناسبة تجارية رائجة في اليمن التي تشهد أسواقها حركة نشاط دؤوبة منذ مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، لا تقتصر على الملابس والمتعلقات الرياضية ومحال بيع الأجهزة الإلكترونية والاستراحات، بل تشمل أيضاً العديد من العروض التجارية التي تستغل هذا الحدث لتقديم منتجاتها بطابع دعائي وعروض وتخفيضات ومسابقات، تزامناً مع هذا الكرنفال العالمي الذي يثير اهتمامات اليمنيين بشكل كبير، والمقام في الشرق الأوسط للمرة الأولى.
بعد معاناة أشهر من الركود، مع تراجع القوة الشرائية للمواطنين، يلاحظ ارتفاع نسبي للحركة التجارية في صنعاء وعدن ومدن يمنية عدة، وتركّزها بشكل متصاعد في محال بيع الأجهزة الإلكترونية والكهربائية والتي تشمل وكلاء الشبكات الإعلامية الرياضية الناقلة لهذا الحدث الذي تستضيفه دولة قطر، ويقام لأول مرة في المنطقة العربية.
يأتي ذلك، إضافة إلى محال بيع الملابس والمستلزمات الرياضية التي عملت على توفير كلّ ما تطلبه الجماهير اليمنية الرياضية العاشقة لكرة القدم، فضلاً عن المقاهي والاستراحات المنتشرة في مختلف المدن اليمنية.
استعداد مبكر للمقاهي
يقول مالك إحدى الاستراحات البارزة في منطقة حدة وسط العاصمة اليمنية صنعاء، عبد الله سعيد، لـ "العربي الجديد"، إن الحدث المقام في قطر يتطلب استعداداً مبكراً بتوفير كلّ متطلباته من تجهيزات وشاشات عرض ومختلف عوامل جذب الزبائن ورواد هذه الأماكن، في ظل منافسة شرسة، وتوسع وانتشار لمثل هذه المرافق والمنشآت والاستراحات، وما يستحدث من أعمال واستثمارات في هذا الجانب، لاستغلال هذا الكرنفال العالمي الذي لا يأتي إلّا كلّ أربع سنوات.
سينصب سعيد شاشة عرض كبيرة الحجم اشتراها، وفق حديثه، منذ حوالي أسبوع، إلى جانب الشاشات المعتادة والمثبتة على زوايا هذه الاستراحة التي تعرض جميع البطولات الرياضية العالمية التي يحرص مستخدموها على متابعتها. وتتفاوت تكلفة الجلسة الواحدة التي يدفعها الزبائن الذين يرتادون هذه الأماكن ما بين 500 و1000 ريال للشخص الواحد، في حين قد يزيد إجمالي ما يجري إنفاقه إلى نحو 1500 ريال (الدولار = نحو 1188 ريالاً) تشمل المشروبات وتدخين النارجيله، علاوة على تكاليف أخرى ينفقها البعض لتناول أوراق نبتة "القات" الشهيرة في اليمن أثناء متابعة مباريات البطولة.
المتاجر والأجهزة الناقلة
تمتد الاستعدادات إلى البقالات ومحال بيع المنتجات الاستهلاكية والغذائية، وفق هشام النهاري، وهو مالك متجر في صنعاء، والذي قال لـ "العربي الجديد" إنّ هذه البطولة تجتذب المهتمين بشكل كبير من مختلف الأعمار إلى أماكن العرض والاستراحات التي تتطلب مواكبتها بتوفير ما يلزم ذلك من مشروبات واحتياجات وسلع استهلاكية متعددة.
وبدأت في العديد من المدن اليمنية منذ مطلع الشهر الحالي نوفمبر/ تشرين الثاني، بعض المبادرات بالظهور، وتستهدف استغلال الساحات والأماكن المفتوحة، كما يلاحظ ذلك في صنعاء وعدن وحضرموت، لنصب شاشات عرض كبيرة الحجم، وإتاحة المشاهدة إما بشكل مجاني أو بمبالغ رمزية.
وحسب وكلاء الشركات المحتكرة لهذه الخدمات، فإنّ هناك إقبالاً تدريجياً من قبل المشتركين للحصول على أجهزة وخدمة الجهة الناقلة حصرياً لبطولة كأس العالم، في حين يصل عدد المشتركين في هذه الخدمة، بحسب تقديرات سابقة لوكلاء هذه الجهة في اليمن، إلى أقل من 100 ألف مشترك.
موسم لتنشيط التجارة
يشير الباحث الاقتصادي جمال حسن العديني، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ كأس العالم دخل خلال السنوات الماضية في اليمن كأحد المواسم التجارية بالنظر إلى ما يحدثه من انتعاش لبعض الأنشطة والأعمال، كالأماكن العامة التي تنقل المباريات بمقابل مادي، وارتفاع بيع الملابس الرياضية، فضلاً عن إقدام البعض على تجديد الاشتراك في القنوات الرياضية الناقلة لهذه البطولة، مع اهتمام البعض بشراء شاشات جديدة ومستلزمات وأغراض أخرى استعداداً لمتابعة بطولة تتكرر كلّ أربع سنوات.
انتعاش سوق الملابس الرياضية
تعتبر الرياضة، وكرة القدم على وجه الخصوص، متنفساً وملاذاً لليمنيين للهروب من أخبار الحرب الدائرة ومن هموم وظروف الحياة المعيشية الصعبة التي تشمل معظم سكان البلاد.
يتجسد ذلك في حرص المواطن حميد المقبلي، من سكان العاصمة صنعاء، على اقتراض المال لتلبية رغبة أطفاله الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 9 و15 عاماً، وتوجهه برفقتهم الأسبوع الماضي إلى مركز تجاري لبيع المستلزمات الرياضية، لشراء قمصان بعض المنتخبات المشاركة في كأس العالم، لتكون عليها أسماء بعض النجوم الذين اعتادوا على متابعتهم وتشجيعهم مع أنديتهم في البطولات الأوروبية، وفق حديثه لـ"العربي الجديد".
وبحسب تجار ملابس ومستلزمات رياضية فقد ارتفعت مبيعات هذه السلع والملابس من قمصان وأحذية وأدوات رياضية بصورة نسبية مؤخراً، يقدرها عامل في أحد المراكز التجارية المتخصصة في بيع هذه المنتجات، معتصم عبد الرحمن، بنحو 15%، ويرجح أن ترتفع أكثر كلما اقترب موعد البطولة.
ويوضح عبد الرحمن لـ "العربي الجديد" أنّ هناك حرصاً من قبل المحال والمراكز التجارية على تعدد الخيارات لناحية السعر والأصناف لتكون متاحة للمواطنين والمتسوقين بمختلف فئاتهم وقدراتهم الشرائية، إذ تبدأ أسعار القمصان مثلاً من 1500 ريال، وتنتهي بأكثر من 10 آلاف ريال، بحسب نوع وجودة الصنف.
ورغم ضعف ومحدودية حضور المنتخب اليمني في المشاركات والبطولات الدولية الخارجية والدولية، فإنّ اليمنيين يشجعون مختلف المنتخبات، خصوصاً العربية، ويتفاعلون معها، ويحرصون على شراء قمصانها والتباهي بها، إذ يأتي ذلك في إطار الاهتمام والتفاعل الطاغي طوال العام بالبطولات الأوروبية ونجومها اللامعين.
"العربي الجديد"