قاوم الداعية الديني صالح حنتوس، إضافة إلى زوجته السبعينية، حملة عسكرية حوثية شرسة هدفت لإخضاعه، قبل أن يلقى مصرعه خلال المواجهات التي استخدمت فيها الجماعة الموالية للنظام الإيراني الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وعشرات العناصر التابعة لها.
وكانت الحملة الحوثية، من خلال منتحل صفة محافظ ريمة، فارس الحباري، والقيادي فارس روبع، باشرت مساء أمس الثلاثاء محاصرة منزل الداعية حنتوس المنتمي لـ "حزب الإصلاح" (الإخوان المسلمين) الذي يدير داراً للقرآن الكريم في قرية البيضاء بمديرية السلفية، ونتج من المواجهات إصابة زوجته بجروح خطرة مع آخرين من أقاربهما، في حين ذكر بيان صادر عن إدارة أمن محافظة ريمة التي يديرها الحوثيون بأن المواجهات نتج منها قتل وجرح عدد من عناصرهم على يد حنتوس.
حصار وتصفية
وبحسب الصحافي والكاتب ثابت الأحمدي المنتمي إلى المنطقة ذاتها، فقد بدأت ميليشيات الحوثي حملتها بمحاصرة منزل الشيخ حنتوس فجر الثلاثاء وشرعت بإطلاق نار كثيف باتجاهه، أعقبه قصف مباشر بقذائف "آر بي جي" مما أدى إلى مقتله وإصابة زوجته وجرح آخرين كانوا معه، إضافة إلى خطف اثنين من أبنائه واقتيادهما إلى جهة مجهولة.
وأوضح الأحمدي لـ "اندبندنت عربية" أن "مقتل الشيخ حنتوس سبقته حملات استهداف ممنهجة شملت إغلاق دار القرآن الكريم التي يديرها وتهديده ومحاولات إكراهه التي وصلت ذروتها بالاعتداء الدامي"، مشيراً إلى "اتفاق قديم قضى بإغلاق الدار التي يشرف عليها، إلا أن الناس تفاجأوا أمس بقصف الحوثيين منزل حنتوس ودار القرآن الكريم واشتعال النيران من المنزل الذي يقطنه مع أسرته".
واستنكر حقوقيون وناشطون الحملة الحوثية، داعين إلى تحرك عاجل لحماية زوجته وإسعافها مع من بقي من أسرته وأبنائه، وفتح ممر إنساني لإسعاف المصابين والتحقيق في ملابسات الحادثة التي وصفوها بالجريمة غير المبررة بحق رجل مسن تجاوز الـ 70 من عمره، ووصفوا أن ما حدث يأتي في إطار حملات التصفية الفكرية والمذهبية التي تمارسها جماعة الحوثي مع الآخر المختلف، خصوصاً أصحاب المذاهب السنيّة، إضافة إلى باقي المعتقدات والديانات مثل اليهود والبهائيين وغيرهم، واعتبروها امتداداً طبيعياً لحملات سابقة بدأت للمرة الأولى في محافظة صعدة مطلع عام 2014 عندما باشرت بتهجير طلاب "مركز الحديث النبوي" في منطقة دماج.
أنشطة تحريضية
وأفاد بيان صادر عن شرطة محافظة ريمة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بأن المواجهات نتج منها مقتل "ثلاثة من رجال الأمن وإصابة سبعة آخرين، ومصرع أحد الجناة (حنتوس) خلال مواجهة مسلحة مع رجال الأمن"، مضيفاً أن "المدعو حنتوس كان يمارس أنشطة تحريضية تستهدف أمن واستقرار المحافظة، وعمد إلى الدعوة للفوضى والتمرد".
وتشهد مناطق سيطرة الحوثيين بين حين وآخر مواجهات عنيفة بين الأهالي ومسلحي الجماعة جراء الإجراءات التي تتخذها في إطار مساعي تكريس مشروعها الطائفي القائم على فكرة "الحق الإلهي في الحكم" و"مبدأ الولاية والاصطفاء"، وهي المساعي التي تقابل بمقاومة يمنية صلبة نتجت منها سلسلة مواجهات دامية في عدد من المناطق.
إدانة رسمية
وفي أول إجراء رسمي، دانت الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً "بأشد العبارات الجريمة الوحشية التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران بحق الشيخ حنتوس، والتي تأتي ضمن سلسلة الانتهاكات والجرائم المستمرة للميليشيات بحق المدنيين الأبرياء في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها منذ انقلابها الغاشم"، وقالت الشرعية على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني "إن ميليشيات الحوثي أقدمت على محاصرة منزل الشيخ حنتوس في عزلة بني نفيع - مديرية السلفية بمحافظة ريمة، مستخدمة حملة مسلحة من 20 طاقماً عسكرياً، وقامت بقصف المنزل بقذائف آر بي جي".
وأشار الإرياني إلى أن "هذه الجريمة تأتي بعد قيام الميليشيات الحوثية بإغلاق دار القرآن الكريم في مديرية السلفية التي كان الشيخ حنتوس يديرها منذ ثلاثة عقود، وإحراق محتوياتها من الكتب في محاولة لطمس الهوية الدينية الوسطية للمجتمع اليمني، وفرض مشروعها الطائفي المستورد من إيران".
تناقض الشعارات
واعتبر وزير الإعلام اليمني أن هذه الواقعة "تعكس التناقض الصارخ في سلوك ميليشيات الحوثي التي تتاجر بالقضية الفلسطينية، وتزايد بشعارات نصرة غزة، بينما تمارس القتل والإرهاب بحق اليمنيين وتواصل تدمير حياة المواطنين ومصادرة حقوقهم خدمة لمشروع إيراني توسعي يستهدف أمن اليمن واستقراره وهويته الوطنية والدينية"، كما دان "المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية" الجريمة الوحشية، ووصفها بأنها سلوك يعكس الطبيعة العنيفة والانتهازية التي تنتهجها الجماعة بحق المدنيين، محملًا الحوثيين وداعميهم المسؤولية الكاملة عن الحادثة.
(اندبندنت عربية)