قالت منظمة حقوقية، الثلاثاء، إن قوات الأمن الإيرانية قتلت 72 متظاهراً، بينهم 56 في مناطق يسكنها الأكراد، خلال الأسبوع الماضي، في حملة قمع التظاهرات التي تشهدها إيران منذ سبتمبر الماضي، بينما نقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر أن قادة كبار في النظام الإيراني وجهوا "نداءً سرياً" إلى اثنتين من العائلات المحسوبة على التيار الإصلاحي، للتدخل من أجل تهدئة الاحتجاجات.
وطلب رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، وفقاً للصحيفة الأميركية، من ممثلي عائلتي رفسنجاني والخميني، التحدث علناً لتهدئة الاضطرابات. وقال إنه إذا حدث ذلك، فإن "التدابير الليبرالية" التي يسعى إليها المتظاهرون يمكن أن تطبق، على حد قول أشخاص تحدثوا للصحيفة، مؤكدين رفض العائلتين الطلب.
واعتبرت الصحيفة أن المرشد الإيراني علي خامنئي، ودائرته المقربة يواجهان "مأزقاً شديداً" بعد شهرين من الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، إذ أدّت عمليات "تطهير الحكومة من كبار المنافسين الإصلاحيين" في السنوات الأخيرة إلى الحد من الخيارات المتاحة لإخماد "واحد من أخطر التحديات الداخلية" التي واجهها نظام الملالي الحاكم في إيران على مدى تاريخه الممتد عبر 43 عاماً.
وقال إصلاحيون إيرانيون بارزون للصحيفة إن تأييد الاحتجاجات "غذته نار الغضب من اقتصاد أرهقته العقوبات والتضخم، ومن قوانين تطالب المرأة بتغطية وجهها أمام الناس، ومن حكومة استبعدت الإصلاحيين من صفوفها".
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن المعتدلين كانوا يمثلون "جزءاً لا يتجزأ من نظام الحكم في إيران"، ولكنهم الآن يحتشدون بأعداد متزايدة خلف دعوات المحتجين لهدم النظام.
الرئيس السابق يحذر
وحذر محمد خاتمي، الرئيس السابق لإيران، في خطاب نُشر هذا الأسبوع على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، من أن "قطاعاً كبيراً من المجتمع يشارك المحتجين سخطهم". وأضاف أن "استمرار الحالة الراهنة سيفاقم أسباب الانهيار المجتمعي".
وأوضحت الصحيفة أن وجود المعتدلين والإصلاحيين في الحكومة في وقت سابق كان بمثابة "صمام أمان (للنظام) للتنفيس عن الضغط السياسي"، حتى لمس الفصيلان (المعتدل والإصلاحي) تقلص دورهما في السياسة الإيرانية في السنوات الأخيرة.
وتتهم الحكومة الإيرانية الفصائل الكردية المعارضة بإثارة الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ 16 سبتمبر، إثر وفاة مهسا أميني بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.
وقضى المئات، من بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات واعتبر مسؤولون جزءاً كبيراً منها "أعمال شغب".
وتحدثت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي يقع مقرها في أوسلو، في آخر حصيلة أصدرتها، عن سقوط 416 شخصاً على أيدي القوات الأمنية في إيران، بينهم 51 طفلاً و21 امرأة.
ولفتت إلى أن 72 شخصاً لقوا حتفهم في الأسبوع الماضي، بينهم 56 في مناطق يقطنها الأكراد حيث تصاعدت الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة.
واتهمت منظمة "هنكاو" الحقوقية، قوات الأمن الإيرانية بإطلاق النار مباشرة على المتظاهرين بواسطة الرشاشات وقصف المناطق السكنية.
وشهدت مدن عدة في مناطق يسكنها الأكراد غرب إيران، تشمل مهاباد وجوانرود وبیرانشهر، تظاهرات واسعة بدأت خلال جنازات ضحايا قمع التظاهرات.
انقطاع خدمات الإنترنت
وذكرت "هنكاو" أن 5 أشخاص قُتلوا في جوانرود، الاثنين، بعدما تجمع الآلاف للمشاركة في جنازات ضحايا الحملة القمعية في الأسبوع الماضي.
وأكدت المجموعة مصرع 42 كردياً بإيران في 9 مدن خلال الأسبوع الماضي، وسقط أغلبهم بنيران مباشرة.
وتتهم مواقع لمراقبة الإنترنت، السلطات الإيرانية، بقطع الاتصال عن شبكة للهواتف المحمولة، الاثنين، على مستوى البلاد، في ذروة حركة الاحتجاجات.
وأوضحت منظمة مراقبة الأمن السيبراني "نيتبلوكس"، الثلاثاء، أن خدمة الإنترنت للهواتف المحمولة عادت بعد "تعتيم دام 3 ساعات ونصف الساعة"، تزامناً مع رفض المنتخب الإيراني لكرة القدم أداء النشيد الوطني الإيراني في كأس العالم في قطر.
وأشارت منظمة "أرتيكيل 19" الحقوقية، إلى أن "التقارير تتحدث عن استمرار ممارسة الدولة الوحشية على نحو شديد خارج كردستان إلى جانب انقطاع الإنترنت وحظره في جميع أنحاء البلاد".
دعوات لتحرك دولي
بدوره، حض "مركز حقوق الإنسان في إيران"، ومقره نيويورك، المجتمع الدولي، الاثنين، على التحرك لمنع حصول مجزرة في المنطقة.
وقال مدير المركز هادي قائمي: "ما لم تقرر سلطات إيران أن تكاليف ذبح المدنيين لسحق الاحتجاجات المستمرة باهظة للغاية، فإنها ستستمر في ذبح الأطفال والنساء والرجال مع الإفلات من العقاب في محاولة يائسة لإعادة السيطرة".
ووفقاً للأرقام التي جمعتها منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو، فإن أكثر من نصف الضحايا على أيدي قوات الأمن الإيرانية في حملة القمع قد لقوا حتفهم في محافظات تقطنها أقليات عرقية.
وأشارت المنظمة إلى أن 126 قُتلوا في سيستان بلوشستان، و48 قُتلوا في كردستان، و45 في أذربيجان الغربية، و23 في مناطق محافظة كرمانشاه التي يسكنها عدد كبير من الأكراد.
وقال مدير المنظمة محمود أميري مقدّم إن "القتل الممنهج للمتظاهرين المدنيين المنتمين إلى الأقليات الكردية والبلوشية يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
تواصل احتجاجات الطلاب
وفي السياق، قال موقع وتلفزيون "إيران إنترناشيونال"، إن الاحتجاجات والاعتصامات والتجمعات تتواصل في العديد من المناطق الإيرانية، إضافة إلى إعلان طلاب في عشرات الجامعات تضامنهم مع الاحتجاجات في كردستان إيران.
وتتزامن هذه الاحتجاجات مع دعوة جامعة "كردستان" لاعتصامات في المناطق كافة الثلاثاء، واعتصامات أخرى الأربعاء في جامعات البلاد.
كما دعا الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المواطنين في جميع مدن البلاد إلى النزول للشوارع، الخميس، لدعم إقليم كردستان إيران الذي يتعرض للقمع الكبير من قبل القوات الأمنية، وفقاً للموقع.
وفي وقت سابق الثلاثاء، نظم عدد من الطلاب اعتصاماً في "جامعة خليج فارس" في بوشهر، وكذلك عُقد في جامعة "كردستان" تجمع كبير للتنديد باستخدام العنف الشديد وقتل المواطنين.
وحضر هذا التجمع الاحتجاجي الذي نظمه أساتذة الجامعة عدد كبير من الطلاب.
وأفادت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية، بأن مجموعة من أعضاء البرلمان صاغوا خطة، في حال الموافقة عليها، سيتم تغريم الطلاب المحتجين ومنعهم من مغادرة البلاد لمدة 10 سنوات.
وبحسب "إيران إنترناشيونال"، تنص هذه الخطة على أنه في حالة "خرق الطلاب للمعايير"، سيتم الحكم عليهم بدفع التكلفة الكاملة للدراسة في ذلك المستوى التعليمي.
وتداول نشطاء إيرانيون مقاطع فيديو قالوا إنها تُظهر استمرار إضراب أصحاب المتاجر في عدد من المدن.
واتسعت الاحتجاجات الشعبية في مدن أذربيجان الغربية، وكردستان، وكرمانشاه، بعدما هاجمت قوات الأمن الإيرانية المواطنين في مهاباد، حيث أطلقت النار، الاثنين، على الأشخاص المشاركين في مراسم تشييع 3 أشخاص قتلوا في الانتفاضة الثورية للشعب الإيراني في جوانرود وبيرانشهر.