23 أكتوبر 2025
22 أكتوبر 2025
يمن فريدم-جمال عبدالقادر البدوي
فرانس برس


مع التراجع الملاحظ في وتيرة العمليات البرية المباشرة بمحوري دارفور وكردفان، عادت المسيرات من جديد للهيمنة على مسار الحرب بالسودان بمزيد من التصعيد الجوي المتبادل الذي بدأ منذ أسابيع بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، إذ شن كل منهما هجمات جوية في عمق مناطق سيطرة الطرف الآخر.

وأفاد مصدر عسكري وكالة "الصحافة الفرنسية" بأن مسيرات لقوات "الدعم السريع" استهدفت اليوم الأربعاء مطار الخرطوم، لليوم الثاني على التوالي.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه لأنه غير مخول التصريح للإعلام، "مسيرات الميليشيات الإرهابية استهدفت مطار الخرطوم مرة أخرى فجر اليوم وتصدت مضاداتنا للمسيرات".

وبينما هاجم سرب من الطائرات المسيرة لـ"الدعم السريع" أمس الثلاثاء مدن الخرطوم وسنار والدمازين، تابعت مقاتلات ومسيرات الجيش قصفها الجوي لكل من الجنينة بغرب دارفور ونيالا جنوب الإقليم.

استهداف مطار الخرطوم

في العاصمة السودانية الخرطوم، استهدفت مسيرات "الدعم السريع" مطار الخرطوم الدولي شرق المدينة، بينما جرى رصد تحليق طائرات مسيرة أخرى في سماء جنوب العاصمة.

ويأتي الهجوم على المطار قبل يوم واحد من إعلان عودته للتشغيل وإعادة افتتاحه أمام الرحلات الداخلية المقرر اليوم الأربعاء، على أن يعود تدريجاً للعمل بصورة كاملة، بحسب ما أعلنت سلطة الطيران المدني.

واستعاد الجيش مطار الخرطوم في نهاية مارس/ آذار الماضي، بعد سيطرة قوات "الدعم السريع" عليه منذ الأسبوع الأول من الحرب منتصف أبريل/ نيسان 2023.

وخلال الأيام الماضية تعرضت العاصمة السودانية لموجة هجوم بمسيرات تابعة لـ"الدعم السريع"، استهدفت مناطق عدة بالولاية، بجانب مدن الدبة بالولاية الشمالية، والأبيض بشمال كردفان.

تصد وانفجارات

أكدت مصادر ميدانية أن وحدات الدفاع الجوي كانت حاضرة في التعامل مع التهديدات من دون تسجيل أية إصابات أو أضرار بالمطار، بوصفه أحد أهم المواقع الاستراتيجية الخاضعة لسيطرة الجيش.

وفق شهود عيان، فقد سمع دوي انفجارات قوية جراء استهداف المسيرات لمواقع عدة بولاية الخرطوم، بعضها بالقرب من مطار الخرطوم الدولي، بالتزامن مع سماع أصوات المضادات الأرضية للجيش، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي في شأن طبيعة الهجوم وتفاصيل حجم الأضرار الناجمة عنه.

سرب مسيرات

غير أن قوات "الدعم السريع" من جانبها قالت إن ما تسميه بكتيبة "سارص" الجوية التابعة لها، تمكنت أمس من ضرب عمق الخرطوم، وإن سرب المسيرات الذي توجه نحو العاصمة أصاب أهدافه داخل المطار.

وكان تحالف "تأسيس" بقيادة "الدعم السريع"، قد هدد الأسبوع الماضي بمواصلة هجمات المسيرات على كل من الخرطوم بحري وأم درمان، رداً على هجمات الجيش الجوية على مدن دارفور وبخاصة مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور التي تتخذها حكومة "تأسيس" الموازية مقراً لها.

هجوم مسيرات بالدمازين

في إقليم النيل الأزرق، قالت مصادر محلية إن طائرة مسيرة استهدفت المحطة التحويلية للكهرباء غرب خزان الروصيرص بالقرب من مقر الدفاع الجوي، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي ودخول المدينة في إظلام كامل.

وأكد المكتب الإعلامي لقيادة الفرقة الرابعة مشاة بمدينة الدمازين عاصمة الإقليم أن "الأوضاع بالمدينة مستقرة وتحت السيطرة الكاملة، بعد تعامل قوات الدفاع الجوي مع مسيرات تابعة للعدو وإسقاطها بنجاح".

أشار البيان إلى أن كل الأصوات التي سمعت خلال الهجوم كانت نتيجة تفاعل مضادات الفرقة الأرضية مع المسيرات.

وأعلنت مصادر محلية بولاية سنار، تصدي أنظمة الدفاع الجوي للجيش أمس لمحاولة استهداف خزان سنار على النيل الأزرق بواسطة طائرة مسيرة تابعة لـ"الدعم السريع".

وأفاد سكان محليون بأن طائرة مسيرة انتحارية انفجرت بالقرب من خزان سنار، محدثة دوياً عنيفاً سمع في أرجاء المدينة، بينما سمعت أصوات المضادات الأرضية بكثافة وهي تتصدى للهجوم.

البرهان في المطار

وعقب استهداف المطار بساعات قليلة، وصل رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان أمس إلى الخرطوم متفقداً الأوضاع بالمطار.

حيا البرهان في كلمة له من داخل أرض المطار صمود الشعب السوداني في وجه جرائم الميليشيات، مؤكداً أن "هذه العصابة لن تنال من عزيمته وأن جنود جيشه قادرون على توفير الأمان لأهل السودان بحيث لن يستطيع أحد أن يهددهم"، مجدداً العزم على القضاء نهائياً على التمرد وعدم إتاحة الفرصة لعودة المتمردين مرة أخرى.

وتابع "هذه الأرض كانت محتلة بواسطة الميليشيات الإرهابية في يوم ما، لكنها اليوم في يد السودانيين بفضل تضحيات الجيش والقوات المساندة له، ولا نريد لأي مرتزق أو ميليشي أن يكون له أي دور في المستقبل، ولا نريد لأية جهة كانت تساند الميليشيات أن يكون لها دور في مستقبل السودان".

وجدد البرهان ترحيبه بكل الجهود الجارية لتحقيق السلام وإعادة الحياة للبلاد، كمطلب يسعى إليه كل السودانيين، على أن يكون سلاماً مبنياً على الأسس الوطنية الراسخة، من دون عودة الميليشيات المتمردة، ومن وقفوا معها وساندوها بعد الضرر البليغ الذي تسببت فيه للشعب السوداني، مردفاً "نريد سلاماً يبنى على الوحدة الوطنية الراسخة من دون أن يكون هناك أي دور لمتمرد أو مرتزق في مستقبل السودان".

قصف نيالا

في المقابل ووسط تصاعد حدة المواجهات في إقليم دارفور، هاجمت طائرات ومسيرات الجيش للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع أمس أهدافاً في محور دارفور، شملت مواقع تابعة لـ"الدعم السريع" بمدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" منذ الأشهر الأولى للحرب، وفق مصادر ميدانية.

أوضحت المصادر أن سلاح الطيران الحربي للجيش جدد غاراته الجوية على مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، مستهدفاً مخزناً للوقود يتبع لقوات "الدعم السريع" غرب المدينة، مما تسبب في حريق هائل وأضرار مادية كبيرة بالمستودعات، وقبل ذلك بيوم واحد هاجمت مسيرة للجيش مواقع لقوات "الدعم السريع" بمدينة كبكابية، 150 كيلومتراً غرب مدينة الفاشر.

استهداف الجنينة

وفي غرب دارفور استهدفت الضربات تجمعات ونقاط تمركز الميليشيات داخل مدينة الجنينة وفي محيطها، شملت مخازن ومواقع لتجميع الآليات، بهدف إحباط تحركات لهجمات كانت تخطط لها ضد مواقع للجيش والقوات المشتركة بالولاية.

ومطلع هذا الأسبوع، قصف طيران الجيش أهدافاً لـ"الدعم السريع" في مدينة نيالا بجنوب دارفور ومقر حكومة "تأسيس" الموازية، بجانب قصف مقر أمانة الحكومة في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.

مأساة ومواجهات

في شمال دارفور تواصل مدينة الفاشر عاصمة الإقليم، الغرق في مأساتها مع تفاقم الوضع الإنساني، والدخول في مرحلة الجوع الكارثي بسبب المواجهات والحصار المضروب عليها لما يقارب عامين، بينما يستمر الجيش وحلفاؤه في التصدي لعمليات اختراق المدينة والتسلل البري في مواجهات اتسمت بالكر والفر والقصف المدفعي العشوائي من جانب "الدعم السريع" على أحياء المدينة التي فقدت معظم سكانها بالفرار نحو مناطق تسيطر عليها حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور.

وبثت قوات "الدعم السريع" مقاطع فيديو لما زعمت أنها عمليات استسلام لمجموعات من الجنود تضم أفراداً من الجيش تابعين للفرقة السادسة والقوات المشتركة والمستنفرين، استجابة لنداء قوات تحالف "تأسيس" وقائده محمد حمدان دقلو (حميدتي).

حميدتي يتوعد

في خطاب مصور هدد قائد قوات "الدعم السريع" الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بتوسيع الحرب باستهداف أي مطار بدول الجوار تنطلق منه أية طائرة أو مسيرة، مؤكداً أنه سيكون هدفاً مشروعاً لقواته.

وعد حميدتي بوقف ما وصفها بهجمات مسيرات الجيش التي قال إنها تستهدف المدنيين وآخرهم قادة الإدارات الأهلية لقبيلة "المجانين" بمنطقة المزروب بشمال كردفان، فضلاً عن استهداف اجتماعات للإدارات الأهلية في كل من مناطق الزرق والدبيبات والمجلد بضربات تخويفية ممنهجة ومقصودة، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق دولية في كل المجازر وعمليات الإبادة التي تمت ضد المدنيين أثناء الحرب.

قطع قائد "الدعم السريع"، بعدم الجلوس أو التفاوض مع الجيش مجدداً، قائلاً "لن يكون هناك جلوس للتفاوض معهم، لن تكون هناك (فيينا) مجدداً".

أكد حميدتي أن المسارات الآمنة والطرق مفتوحة أمام كل المواطنين وحتى العسكريين لمغادرة مدينة الفاشر، مؤكداً أن النصر قريب وقادم، كما دعا المنظمات الإنسانية إلى الوصول إلى كل المناطق بإقليمي دارفور وكردفان.

مركز للعمليات

في محور كردفان نوهت غرفة طوارئ دار حمر، إلى تحركات عسكرية "خطرة" لميليشيات "الدعم السريع" في منطقة عيال بخيت التابعة لمحلية الخوي بتحويلها إلى قاعدة عسكرية ومنصة لإطلاق المسيرات من غرب كردفان، وإحاطتها بحقول من الألغام.

وأوضح بيان للغرفة أن عناصر الميليشيات عمدت إلى تجهيز المنطقة لتكون مركزاً للعمليات الحربية، مشيرة إلى وجود قيادات بارزة من التمرد داخل البلدة من بينهم المدعو السافنا.

حذرت الغرفة من الأخطار التي تنطوي على زراعة حقول الألغام في تلك المناطق المأهولة، مطالبة المواطنين بتوخي الحذر، ومناشدة السلطات بسرعة التحرك لوقف تلك الأنشطة التي تهدد المدنيين.

أولوية وقف النار

دولياً حذر مستشار الرئيس والخارجية الأميركية للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس من تفاقم خطورة أكبر أزمة إنسانية في العالم بالسودان حالياً، مؤكداً أن وقف إطلاق النار هناك يمثل أولوية قصوى للولايات المتحدة التي تعمل بصورة حثيثة مع الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة لمعالجتها.

جدد بولس، في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ"، التحذير من خطورة الوضع المروع بالسودان وخصوصاً في مدينة الفاشر المحاصرة منذ أكثر من عام ونصف عام، وترك نحو 300 ألف شخص داخل المدينة بلا طعام أو رعاية طبية.

أوضح المستشار الأمريكي أنه على تواصل مع السعودية والإمارات ومصر كما أن فريقه يعمل بجد بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر في السودان، إلى جانب إنهاء حصار الفاشر كأولوية قصوى.

مصر تدعو إلى دعم إدريس

إقليمياً دعت مصر الاتحاد الأفريقي لدعم حكومة رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، باعتبارها الممثل الشرعي للدولة السودانية، ورفض أي تشكيلات موازية قد تهدد وحدة السودان وسلامة أراضيه.

وجدد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، خلال لقائه مبعوث الأمم المتحدة الخاص للقرن الأفريقي جوانج كونغ، تأكيد أن استقرار السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، مشدداً على التزام القاهرة الكامل بدعم جهود تحقيق الأمن والسلام والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية.

واستعرض عبدالعاطي الجهود المصرية في دعم المسار السياسي ووقف إطلاق النار في السودان، وصولاً إلى هدنة إنسانية تتيح تدفق المساعدات، بجانب تكثيف التنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية ضمن الآلية الرباعية والاتحاد الإفريقي.

(اندبندنت عربية)

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI