مع انقضاء ثلاثة أشهر على رفض ميليشيا الحوثي تجديد الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، تواجه هذه الميليشيا اليوم تحديات داخلية وضغوطاً خارجية غير مسبوقة، لإرغامها على العودة إلى مسار التسوية، والقبول بتجديد الهدنة نصف عام آخر، طبقاً للمقترحات التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ.
فمنذ الثاني من أكتوبر الماضي، حين رفض الحوثيون خطة الأمم المتحدة لتجديد الهدنة وطالبوا بصرف رواتب مقاتليهم وحصة من عائدات النفط والغاز، وقف المجتمع الدولي في وجه هذه المطالب ووصفها مجلس الأمن بالمتطرفة، لكن الحال بعد ثلاثة أشهر تغير كثيراً مع اتساع النقمة الشعبية جراء الشروط التي وضعها قادة الجماعة، وكانت سبباً في استمرار حرمان مئات الآلاف من الموظفين المدنيين من رواتبهم، وزاد معها اتساع مساحة الفقر، وثراء قادة الحوثيين، وزيادة الجبايات، ورافق ذلك انشقاقات مجتمعية في صفوف الفئات التي كانت جزءاً من القاعدة الشعبية للجماعة طوال السنوات الماضية.
ومع وصول الأمر مرحلة الدعوة لثورة شعبية، يؤكد سياسيون في مناطق سيطرة الحوثيين لـ "البيان" أن فترة الهدنة السابقة والتي استمرت ستة أشهر - 2 أبريل وحتى 2 أكتوبر -، كشفت عدم صحة المبررات التي كانت الجماعة تسوقها كسبب لعدم صرف رواتب الموظفين وارتفاع الأسعار، كما أنها كشفت عن حجم الممتلكات التي جمعها قادة الحوثيين وتكوين حبقة جديدة من رأس المال حتى وصل الأمر إلى التهديد بتأميم كبرى الشركات التجارية في البلاد لأنها رفضت الرضوخ للجبايات المتعددة التي تفرض كل شهر.
ووفق هؤلاء فإن فترة الهدوء وتدفق الوقود عبر الموانئ الخاضعة للحوثيين، وتشغيل الرحلات التجارية من مطار صنعاء، لم يرافقه أي تحسن في الأسعار، أو في الخدمات، حيث إن الحصول على تذاكر السفر عبر مطار صنعاء لا يتم إلا بالوساطة أو بدفع مبالغ مالية كرشاوى لمكتب الرقابة على الرحلات الذي استحدثه الحوثيون، وكذلك فيما يخص أسعار الوقود التي لم تنخفض إلا بنسبة بسيطة لا تقارن مع التبريرات التي كانت تقدم كسبب لرفع أسعاره.
كما أن قبول الحكومة بدفع رواتب جميع الموظفين طبقاً لقاعدة بيانات عام 2014 ورفض الحوثيين ذلك، جعلت قيادة الميليشيا في مواجهة مع نحو نصف مليون موظف يعيش أغلبهم على المساعدات، وضاعف من الغضب الشعبي، الزيادة الكبيرة في الضرائب والجمارك ما تسبب في حالة من الكساد غير مسبوقة، وترافقت مع شكوى المزارعين من عجزهم عن دفع الإتاوات المتنوعة، وانعدام الأمل لدى عشرات الآلاف من الشباب الذين أوصدت أمامهم كل الأبواب.
وفي الجانب الآخر، كثف المجتمع الدولي والوسطاء الإقليميون، من ضغوطهم على الحوثيين للقبول بمقترحات الأمم المتحدة، خصوصاً بعد قبول الحكومة والتحالف الداعم لها صرف رواتب جميع الموظفين مدنيين وعسكريين في مناطق سيطرة الحوثيين. الوسطاء الدوليون والإقليميون والذين أشادوا بمواقف الحكومة والتحالف، بشأن دفع الرواتب لجميع الموظفين. جددوا أن الشروط التي يضعها الحوثيون يصعب القبول بها، وحذروا من أنها تهدد المكاسب التي تحققت خلال فترة الهدنة الأولى.