1 يونيو 2025
آخر الاخبار
3 سبتمبر 2022

 

في تاريخ الشعوب، أجيال يواعدها القدر، ويختصها دون غيرها بأن تشهد لحظات التحول الحاسمة في التاريخ.

أنه يتيح لها أن تشهد المراحل الفاصلة في تطور الحياة تلك المرحلة التي تشبه مهرجان الشروق حين يحدث الانتقال العظيم ساعة الفجر من ظلام الليل إلى ضوء النهار.

إنها تشهد لحظات باهرة لم تصنعه وحدها، وإنما تشهد النتيجة الظافرة لتفاعل عوامل أخرى كثيرة واصلت حركتها في ظلام الليل الأسفع الرهيب، وعملت وسهرت، وبذلت من ذات نفسها، لتدفع الثواني بعد الثواني إلى الانتقال ساعة الفجر.

بهذه الكلمات أفتتح اللواء عبد الله قائد جزيلان كتابه الأهم عن "التاريخ السري للثورة اليمنية 26 سبتمبر" مسجلاً بذلك شهادة أهم قائد عسكري شارك في تنفيذ وصناعة اللحظة الحاسمة في تاريخ الثورة السبتمبرية.

ولقد كان جزيلان، ومن موقعه كمدير للكلية الحربية ومدرسة الأسلحة الذي كان ضباطها وطلابها هم صناع وأبطال تلك الثورة، واحد من أولئك الذين اختصهم القدر بشهادة بل وصناعة تلك اللحظة التاريخية في حياة الشعب اليمني.

وكان اللواء جزيلان واحدا من الجيل الذي واعدها القدر لتعيش لحظات الانتقال العظيم من ظلم الليل الدامس الذي أمتد مئات السنين إلى ساعة الفجر وضوء النهار.

يؤكد اللواء جزيلان أن أقدامه على كتابة ونشر هذا الكتاب هو ليكون نبراساً للأجيال القادمة طلائع الغد المشرق في اليمن، حتى تكون الصورة واضحة القسمات بدون زيف أو تزييف، مؤكداً ثقته بأن الحقيقة وحدها هي الباقية على مر الأيام.

 وللأسف فأنه وبعد نصف قرن مضى من عمر ثورة 26سبتمبر ولا تزال هناك العديد من الحقائق التي يجهلها كثير من الناس عن هذه الثورة بشخوصها وأحداثها وما عرفته الأجيال عن الثورة فيه الكثير من الغموض وأحيانا التلفيق نتيجة غياب التوثيق الدقيق والأمين لمجريات وأحداث الثورة الأمر الذي أدى إلى تهميش وتغييب عددا من المناضلين والأحرار الذين شاركوا في صناعة هذا الحدث العظيم والى جانب غياب التوثيق الدقيق.

في المقابل هناك العديد من الثوار والمناضلين الذين كانوا من أبرز قيادة الصف الأول في قيادة الثورة وكانت لهم إسهامات كبيرة في نجاحها والوصول بها إلى بر الأمان، لكنهم آثروا الاعتزال السياسي بعد سنوات من قيام الثورة حينما أحسوا أن هناك من يلهثون وراء المطامع الشخصية والخلافات الحزبية والمناطقية وأن مصلحة الوطن أخر ما يعنيهم.

ولقد كان اللواء عبدالله جزيلان، وهو القائد الأهم والأبرز في ثورة سبتمبر، من أوّل المغادرين للسلطة بعد انقلاب 5نوفمبر 1968.

والذي كان أخر مسؤولية تولها هي نائب رئيس الوزراء، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعضو مجلس قيادة الثورة، إضافة إلى مناصب أخرى كان تولها بعد الثورة.

في هذه الحلقة والحلقات القادمة نحاول أن نستعرض أهم ما جاء في مذكرات اللواء جزيلان التي  صدرت أواخر ثمانينات القرن الماضي. بعنوان" التاريخ السري للثور اليمنية"، وتعد من أهم الكتب أو المذكرات التي تحدثت بحقيقة ما جرى قبل وليلة السادس والعشرين من سبتمبر.

 وهذه أبسط محاولة نحاول فيها تسليط الضوء على دور هذا البطل اليماني المغمور، خصوصاً وانما جاء في شهادته يتطابق بشكل كبير مع شهادات أخرى أكدت جميعها دور اللواء جزيلان الحاسم والكبير في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.

إلا أن الكتاب الذي يتكون من ثمانية فصول حاول أن يتوسع فيه المؤلف إلى قبل تلك الحظة التاريخية الخالدة وبالتحديد إلى بداية وجذور النضال اليمني ضد أسرة بيت حميد الدين والتي استولت على السلطة بعد انسحاب القوات العثمانية من اليمن عام 1918.

فبدأ أسوأ نظام حكم عرفه التاريخ حسب اللواء جزيلان الذي يؤكد ذلك بمثلين من عهد الامام يحي الذي خاض معه الشعب اليمني حرب ضروساً ضد الأتراك حتى أخرجهم من اليمن فلاح في الأفق ان عهداً جديداً يوشك أن تشرق شمسه، لا سيما بعد أن استتب الأمن في البلاد، إلا أن الإمام أبقى كل شيء كما هو، جهل، وفقر، ومرض، وتخلف.

بل وابتدع أساليب أكثر خبثاً من حكم الاتراك، فبدد الأمل الذي، داعب خيال الشعب، وذهب به الأمر أن حول القليل من المدارس والمستشفيات ومظاهر المدنية التي أدخلها الأتراك إلى قصور خاصة له املاك تخدمه شخصياً، ولم تعد تقدم الخدمات البسيطة التي أنشئت من أجلها.

ومثال أخر من عهد الإمام أحمد الذي جاء والليل الحالك السواد يلف اليمن في طياته والسجون تفتح أبوابها وتقول: هل من مزيد؟

وسيف الجلاد ظمآن باستمرار، يريد أن يرتوي من دماء الأبرياء.

ولكي يعرف القارئ العقلية التي كانت تحكم اليمن في عهد ما قبل الثورة يذكر لنا اللواء جزيلان الموقف التاريخي المشهور

عندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا بعث الإمام أحمد برقية إلى الرئيس جمال عبدالناصر يطلب فيه الانضمام الى هذه الوحدة، وتقول البرقية بالحرف الواحد:

((من أمير المؤمنين الناصر لدين الله الإمام أحمد حميد الدين إلى فخامة الرئيس جمال عبدالناصر لقد استخرت النجوم وبعد الحساب الطويل، تبين لنا أن نجمكم يكسب نجوم الآخرين، ويغطي عليه، ولهذا نريد، أن ننضم اليكم، والولد البدر في طريقه إلى عندكم لبحث الامور، ونقل رأينا).

ويعلق اللواء جزيلان: بهذه العقلية المشعوذة كان الإمام أحمد يحكم الشعب اليمني في النصف الثاني من القرن العشرين ويقرر علاقته بالدول والشعوب حسب حساب النجوم، وكم من مآسٍ ارتكبت في حق الشعب نتيجة الشعوذة.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI