دراسة أممية رصدت تدهوراً كبيراً بسبب الحرب وتراجع دور الحكومة المركزية
اليمن الثاني عالمياً في "لا مساواة التنمية"
كشفت دراسة أممية حديثة عن وقوع اليمن في المرتبة الثانية من بين 159 دولة من حيث اللامساواة في التنمية، والمرتبة 125 من بين 131 في الصلابة الاقتصادية، حيث تتخذ البلاد مسارات مقلقة بسبب الصراع الذي أدى إلى تدهور الوضع الإنمائي الهش.
ووفقاً للدراسة التي أعدّتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)؛ تمثل التحديات وأوجه اللامساواة في مجال الحوكمة؛ الحصة الكبرى في دليل تحديات التنمية وفي دليل اللامساواة في التنمية، على التوالي، وتعد القدرة على الصمود في وجه الصدمات المقبلة القضية الأكثر إلحاحاً في الاقتصاد اليمني.
وأوضحت الدراسة أن الصدمات قصيرة الأجل في اليمن تحولت إلى أزمات مطولة بسبب افتقار الاقتصاد اليمني إلى القدرة على الصمود، ما أدى إلى الفقر المزمن والنزوح وفقدان سبل العيش، في ظل الافتقار إلى سياسات اقتصادية رشيدة تعطي الأولوية لتوفير فرص العمل اللائق، وتشجع على توليد المعرفة والابتكار.
واشترطت الدراسة تعبئة الدعم الدولي لتحقيق الاستقرار السياسي فضلاً عن وضع آليات المساعدة المالية لخطط إعادة الإعمار والإصلاح، ووضع خطة عمل متكاملة تبدأ بنهج شامل لبناء السلام، وإجراء إصلاحات على صعيد الحوكمة والمؤسسات لضمان استدامة خطط الإعمار وإعادة الإعمار وللحفاظ على التحسينات في مجال التنمية.
وأشارت الدراسة إلى أن اليمن هو أحد البلدان العربية الخمسة التي تبلغ حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي أقل من 2 %، بينما تبلغ حصتها من التجارة العالمية في السلع نحو 1 %، رغم أنه يعيش في هذه البلدان نحو 12 % من سكان العالم.
ويعاني اليمن، على غرار البلدان الأقل نمواً؛ من تدني مستويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وضعف القدرات الإنمائية، والتفاوت في الدخل، ونقص الموارد المالية المحلية، إضافةً إلى كونه عُرضة للأزمات المتصلة بمعدلات التبادل التجاري الخارجي، ويواجه قيوداً تُعيق التنمية وعدم كفاية ما تتم تعبئته من موارد محلية، وانخفاض القدرة على الإدارة الاقتصادية، وضعفاً في تصميم البرامج وتنفيذها، والاعتماد الشديد على التمويل الخارجي.
وحسب نتائج دليل تحديات التنمية؛ فاليمن هو البلد الثاني الذي واجه أشد التحديات الاقتصادية، بدرجة 0.635، ما يعني أنه لا يزال في فئة التحديات المرتفعة، وقد تراجع ترتيبه بمقدار 26 مركزاً مقارنةً بعام 2000، مسجلاً درجة أعلى بكثير من المتوسط العالمي ومن متوسط المنطقة العربية والبلدان الأقل نمواً، وحتى البلدان التي تواجه تحديات مرتفعة.
وفي حين شهدت جميع البلدان الشبيهة باليمن انخفاضاً في مستوى التحديات، ارتفعت الدرجة التي سجلتها في دليل تحديات التنمية بنسبة 12 % خلال الفترة 2010 – 2021، بعد أن كانت هذه الدرجة قد انخفضت قليلاً بين عامي 2000 و2010.
وتتوقع الدراسة أنه لو حافظ اليمن على متوسط معدل التغير السنوي الذي شهدته خلال الفترة 2010 - 2021؛ لكانت انتقلت من فئة التحديات المرتفعة جداً إلى فئة التحديات المرتفعة، عازيةً هذا التراجع في الاتجاه التنموي على مدى العقد الماضي إلى الحرب وما ترتب عليها من آثار اجتماعية واقتصادية وإنسانية مدمرة.
ويؤكد معدو الدراسة أن الدور المحدود للحكومة المركزية في اليمن وعدم قدرتها على توفير خدمات عامة عالية الجودة؛ جعل للتحديات المتصلة بالحوكمة الحصة الكبرى في دليل تحديات التنمية.
ومقارنةً بباقي البلدان؛ فإن اليمن يسجل درجات أعلى في دليل تحدي التنمية البشرية المعدلة حسب الجودة، والذي يكشف عن تدهور ظروف رفاهية الإنسان، وتفاقم أوجه القصور في أبعاد التنمية البشرية الأساسية المتمثلة في الصحة والتعليم والدخل، وأصاب الفقر 65 %من السكان، ثلثهم وقعوا في براثنه بسبب الصراع.
كما شهد اليمن انخفاضاً في التحديات المرتبطة بالاستدامة البيئية على مدى العقدين الماضيين، وذلك نتيجة تدني تحديات تغير المناخ وكفاءة الطاقة، إلى جانب الثبات شبه الكامل في التحديات البيئية، ورغم ذلك فإن حصة تحديات الصحة البيئية من إجمالي تحدي الاستدامة البيئية لليمن هي أعلى بكثير من الحصة التي تسجلها البلدان الأخرى، طبقاً للدراسة.
ويُستنتج من ذلك أن التحديات المرتبطة بتلوث الهواء والحصول على الخدمات مثل المياه والصرف الصحة لا تزال مرتفعة على نحو مقلق، ولم تشهد تحديات تغير المناخ وكفاءة الطاقة زيادة مماثلة بسبب تراجع النشاط الاقتصادي منذ بداية الحرب التي تسببت بتراجع الناتج المحلي الإجمالي لليمن بنسبة 50 %.
وفي دليل تحدي الحوكمة؛ سجل اليمن أعلى درجة في العالم بلغت 0.866 مقارنةً بدرجة قدرها 0.658 في عام 2000، حيث سجل اليمن بين عامي 2010 و2021 زيادة كبيرة ومقلقة في هذا البعد الذي يقدم حافزاً لإجراء تحسينات في التنمية، وهي الزيادة الأعلى بين مجموعة البلدان في القيمة المطلقة وبالنسبة المئوية.
(صحيفة الشرق الأوسط)