منذ عام 2008 بدأت فكرة انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في التبلور عندما طرحت خلال اجتماع لقادة التحالف العسكري الأقوى في أوروبا عقد في العاصمة الرومانية بوخارست.

ومنذ تلك الفترة لا تزال موسكو تنتقد طموحات الناتو بالتوسع وتعتبر "تهديدا مباشرا" لروسيا، وهو ما دفع بشكل كبير إلى تأجيل ضم أوكرانيا برفقة جورجيا، فيما قام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بتنفيذ هجمات عسكرية في جورجيا خلال سنوات سابقة، تبعها بغزوه لجزيرة القرم في 2014، وأتبعها بحرب شاملة على أوكرانيا في 2022.

ووفق تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" لا تزال قمة "بوخارست" حاضرة بقوة في أذهان القادة الأوكرانيين، ومنذ ذلك الحين هم بانتظار معرفة "مسار واضح" لانضمامهم للناتو.

اجتماع قادة الناتو الأخير في العاصمة الليتوانية فيلنيوس لم يوضح الخطوط الرئيسة لانضمام أوكرانيا، إذ أعلن أن الناتو "سيكون في وضع يسمح بتوجيه دعوة إلى أوكرانيا للانضمام للتحالف عندما يتفق الحلفاء ويتم استيفاء الشروط".

وأكد الناتو في بيان أن "مستقبل أوكرانيا هو في حلف الأطلسي" لكن بعيدا عن توقعات رئيسها فولوديمير زيلينسكي الذي طالب التحالف بتحديد جدول زمني لانضمام بلاده إليه، بحسب تقرير نشرته وكالة فرانس برس.

وكتب زيلينسكي على تويتر: "يبدو أنه ليست هناك أي نية لمنح أوكرانيا دعوة إلى حلف شمال الأطلسي ولا لجعلها عضوا في الحلف".

وشدد على أن "التردد هو ضعف"، معتبرا أن "عدم تحديد أي جدول زمني للدعوة أو لانضمام أوكرانيا إلى الحلف هو أمر غير مسبوق وعبثي".

وحذر الرئيس الأوكراني من أن ذلك "يعني أن ثمة نافذة ما زالت مفتوحة للمساومة على انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو في مفاوضات مع روسيا"، ما سيشجع موسكو على "مواصلة إرهابها" بحق كييف.

وأكد زيلينسكي في خطاب ألقاه أمام حشد في فيلنيوس أن بلاده "ستجعل الحلف أقوى" في حال انضمامها إليه.

ووصف تحليل فورين بوليسي بيان الناتو حول أوكرانيا بأنه "مشوش" من الرسائل ذات القاسم المشترك حول مسألة مثيرة للجدل متمثلة بضم أوكرانيا.

ونقلت المجلة عن مسؤولين لم تذكر أسماؤهم أن "الولايات المتحدة عززت كبح خطط تقديم دعوة لأوكرانيا للانضمام إلى الناتو"، فيما قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك ساليفان في مؤتمر صحفي على هامش القمة "إن قبول أوكرانيا في الناتو الآن يعني أن الحلف في حالة حرب مع روسيا".

ورغم خيبة أوكرانيا ببيان الناتو إلا أن القرارات جاءت متوافقة مع توجهات الأعضاء الذين لا يريدون تصعيد الصراع أو تقديم وعود زائفة لكييف حول جدول زمني للعضوية.

ويرى بعض المخضرمين في حلف الناتو أن الصياغة "الغامضة" لعضوية أوكرانيا في الحلف تشكل عقبة لا يمكن التغلب عليها، ولكنها بالنهاية تعكس لقادة كييف أن المسار الحالي يشابه ما حصل في قمة بوخارست، إذ انتهت القمة من دون ضمانات بشأن "القضية الأكثر أهمية".

وتعتبر موسكو انضمام أوكرانيا إلى الحلف خطا أحمر لا يمكن تجاوزه وقد أكدت أنها "تتابع عن كثب" قمة فيلنيوس.

وحتى لو لم يؤد الاجتماع في ليتوانيا إلى انضمام سريع لأوكرانيا فإن القمة "ستتخذ خطوة جديدة نحو انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن تقريبا انضمت 15 دولة أوروبية إلى حلف شمال الأطلسي، في توسع ترى فيه روسيا تهديدا وجوديا لدرجة أن الكرملين برر جزئيا غزوه لأوكرانيا بالطموحات الأطلسية لكييف.

ومنذ عام 2014 بات توسع الناتو أحد مصادر "التهديدات الخارجية الرئيسية" في العقيدة العسكرية الروسية، الوثيقة التي تحدّد السياسة الدفاعية للبلاد.

وبعد نهاية الحرب الباردة انضمت روسيا إلى الشراكة من أجل السلام في 1994 وهي بنية تهدف إلى تطوير التعاون بين دول التكتل الشرقي السابق وحلف شمال الأطلسي.

وبعد ثلاثة عقود، نشر الحلف كتائب عسكرية في ثماني دول من أوروبا الشرقية منها أربع دول تقع على الحدود مع روسيا.

والأسوأ هو أن روسيا تستحضر بانتظام وعدا قطعها لها الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، على حد قولها، وتتمثل بعدم توسيع الناتو باتجاه أراضيها.

وبات حلف الأطلسي يضم 31 عضوا منذ انضمت إليه فنلندا في ربيع العام 2023.