تتوقع روسيا أن تظفر بتدفق هائل من عائدات الطاقة بحلول نهاية العام الحالي، على الرغم من سقف أسعار النفط الذي فرضته مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى. ومن المحتمل أن توجه موسكو هذه الأموال الإضافية نحو الإنفاق مع استمرار الحكومة بضخ الموارد للحرب في أوكرانيا.
يُقدّر أن يبلغ إجمالي العائدات الإضافية من مبيعات النفط والغاز، خلال الشهور الخمسة الأخيرة من 2023 تريليون روبل (11 مليار دولار)، بحسب شخصين مطلعين مقربين من الحكومة، تحدثا شريطة عدم الإفصاح عن هويتَيهما. ويتجاوز هذا المبلغ مستوى خط الأساس في الميزانية.
الشخصان أوضحا أن وزارة المالية ستخصص الدخل الإضافي لتغطية عجز الميزانية. رغم أنه موجب القاعدة المالية المصممة لعزل الاقتصاد عن تقلبات أسواق السلع الأساسية؛ ينبغي استغلال الإيرادات الاستثنائية لشراء العملات الأجنبية لتدعيم الاحتياطيات في صندوق الرفاه الوطني.
تمويل الميزانية
أشارت وزارة المالية الخميس إلى أنها قد تغيّر قواعدها. إذ أكد بيان الوزارة على الموقع الإلكتروني: "ربما تدرس الحكومة الحد من استخدام صندوق الرفاه الوطني لتمويل نفقات الميزانية الفيدرالية الإضافية خلال المدة الانتقالية 2023-2024"، دون طرح مصدر بديل للتمويل.
من المحتمل أن يعني ذلك أن الوزارة ستلجأ إلى عوائد الطاقة الإضافية، وستراجع آلية الميزانية للسنة الجارية لتخفيف الخسائر الناجمة عن العقوبات، بحسب أولغا بيلينكايا، خبيرة الاقتصاد في شركة "فينام" (Finam).
أضافت بيلينكايا أنه: "ربما تُضعف مراجعة قاعدة الميزانية بصورة متكررة استجابة للظروف المتغيرة من ثقة السوق، وقد يقوّض فكرتها الأساسية المتمثلة بتفادي استعمال عوائد النفط والغاز الاستثنائية لتمويل الإنفاق بما يتخطى حدود صندوق الرفاه الوطني".
بلغ إنفاق البلاد مستويات قياسية، إذ زاد الكرملين الإنتاج للأغراض الدفاعية، وبرامج الحماية الاجتماعية لتمويل حربه في أوكرانيا، والحفاظ على التأييد الشعبي للرئيس فلاديمير بوتين. تجني روسيا ثلث عائدات ميزانيتها تقريباً من قطاع النفط والغاز.
ضعف الروبل
رفع الهبوط الكبير قيمة العملة الروسية من العائدات المقوّمة بالروبل. وتراجع سعر صرف الروبل 22% مقابل الدولار إلى حد الآن من السنة الحالية ليبلغ أدنى مستوياته منذ مارس السنة الماضية.
بحسب ألكسندر إيساكوف، الخبير الاقتصادي في "بلومبرغ إيكونوميكس" المختص بروسيا؛ فإنَّ كل هبوط للروبل مقابل الدولار الأميركي يعني مزيداً من الإيرادات تتراوح ما بين 100 و120 مليار روبل للحكومة.
جنت الميزانية الفيدرالية فائضاً شهرياً خلال يونيو الماضي لأول مرة العام الجاري، مما أسهم في خفض العجز لـ2.6 تريليون روبل إلى وقتنا هذا من 2023.
كما خرق خام الأورال الروسي الرئيسي، الشهر الماضي، سقف سعر البرميل الذي يبلغ 60 دولاراً المفروض من قبل مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في محاولة لوضع حد لتمويل الجهود الحربية، بسبب مشتريات الهند والصين باعتبارهما المستهلكين الرئيسيين.
يرى ألكسندر إيساكوف، خبير اقتصادي روسي، أن قرار الحكومة بتحويل أرباح النفط الاستثنائية إلى تمويل الإنفاق بالوقت الحاضر، بدل إعادة ملء صندوق الثروة الوطني، سيفاقم معاناة القطاع الخاص من شح العملات الأجنبية أكثر، وبالتالي؛ يخفف الضغوط عن الروبل والتضخم جزئياً.
كما يعني هذا القرار أن روسيا تعود لإزالة الآلية الأساسية المستخدمة في تحصين عملتها ضد أزمات أسعار النفط، فاستخدام الإيرادات الإضافية لتمويل الإنفاق يعني اتباع الروبل حركة أسعار النفط بطريقة وثيقة أكثر مقارنةً بالأعوام الأخيرة.
وزارة المالية الروسية كانت أكّدت أنها ستستأنف شراء العملات الأجنبية والذهب لصندوق الرفاه الوطني، بعد أن أسفر تعافي الإيرادات الشهرية لصادرات النفط والغاز عن تجاوزها الهدف المحدد بالميزانية. كما ستشتري من السوق 40.5 مليار روبل خلال الفترة من 7 أغسطس حتى 6 سبتمبر، بحسب البيان الصادر الخميس.