22 نوفمبر 2024
12 أغسطس 2023
يمن فريدم-توفيق الشنواح
صور جوية للأسطول الخامس الاميركي في عرض البحر (القيادة المركزية)

 

تتوالى تهديدات ميليشيات الحوثي الشديدة اللهجة للقوات الأمريكية التي وصلت أخيراً إلى المياه الدولية في الشرق الأوسط، متزامنة مع انزعاج إيراني يكشف عن حالة التنسيق بين طهران وأذرعها المسلحة في المنطقة.

 

وبعد يوم من تصريح نائب وزير الخارجية بالحكومة الحوثية، حسين العزي، الذي توعد الطرف الأمريكي بأن "مجرد أي اقتراب لها من مياه اليمن الإقليمية يعني بداية المعركة الأطول والأكثر كلفة في التاريخ البشري"، تتابعت التحذيرات الأخرى من قادة الميليشيات أبرزها ما جاء على لسان قائد قوات الدفاع الساحلي للحوثيين، محمد القادري، وأكد خلاله استعداد قواته "للرد والردع في حال اقترابها من المياه اليمنية".

 

وفي خطاب متكرر يحمل رسائل دعائية تسعى إلى تصوير مدى القوة التي يمتلكونها قال القادري إن "البحرية عملت خلال الهدنة وخفض التصعيد على بناء وتطوير قدراتها بشكل غير مسبوق، وأعدت المفاجآت للعدو".

 

كان الأسطول الأمريكي الخامس أعلن الإثنين الماضي عن وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحار وقطع عسكرية متنوعة لتعزيز القدرات البحرية في الشرق الأوسط، في رد ميداني من واشنطن على التهديد الإيراني الذي تتعرض له الملاحة الدولية وخطوط التجارة العالمية، و"لردع النشاط المزعزع للاستقرار وتهدئة التوترات الإقليمية الناجمة عن مضايقات إيران ومصادرة السفن التجارية"، بحسب المتحدث باسم قائد الأسطول تيم هوكينز.

 

تلميحات وتصريحات

 

رسائل الحوثي، وفقاً لمراقبين، تضمنت تلميحات تزايد بالسلام مقابل وقف التحركات الغريبة في المياه الدولية التي تخشى الجماعة أن تسهم في وضع حد لأنشطتها المسلحة في الممرات الدولية، وهو تلميح أعتاده الحوثيون لاستغلال الضغط الدولي المتزايد نحو وقف الحرب والدخول في تسوية بمعزل عن شروط السلام القائم على المرجعيات التي وضعتها الحكومة والمجتمع الدولي للبناء عليها في أي خطة حل شامل للصراع، وهو سلوك معتاد تسعى الميليشيات من خلاله أيضاً إلى إيهام مناصريها أنها تواجه الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل.

 

ونقلت قناة "المسيرة" الناطقة باسم الحكومة الحوثية عن العزي قوله إن "وصول قوة أميركية مقاتلة في هذا التوقيت الحساس للمنطقة لا يخدم السلام، ناهيك بسلامة الملاحة في البحر الأحمر".

 

أداء وظيفي

 

في قراءة لأبعاد ومضمون التهديدات الحوثية، قال المحلل السياسي عبدالله إسماعيل، إنه لا يمكن قراءة التهديدات بمعزل عن وظيفة جماعة الحوثي في إطار المشروع الإيراني، الذي تتحكم في مواقفها وبخاصة المتعلقة بالإقليم والعالم من منطلقات المصلحة الإيرانية وتوجيهاتها فقط.

 

ولا يرى إسماعيل أن القصد من هذه "التهديدات تأكيد أنها جماعة وظيفية ترتبط بالحرس الثوري ونظام الملالي ضمن مشروع يستخدمها فقط، ولكن لتحقيق مشاريع أخرى، إن لم تكن منتمية لها أو تعمل لحسابها ضمن إرادات دولية ما زالت توظفها كورقة لمشاريعها الخاصة في المنطقة واستخدامها ضمن الإشكالات المتعلقة بالاستقطاب الحاد في العالم".

 

خلال شهري أبريل نيسان ومايو/أيار الماضيين احتجزت إيران ناقلتي نفط في غضون أسبوع في المياه الإقليمية، وجاءت تلك الحوادث بعد أن ألقت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم على إيران في هجوم بطائرة من دون طيار قبالة ساحل عمان في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي على ناقلة نفط تديرها شركة مملوكة لإسرائيل.

 

صمت دولي

 

بالمجمل يذهب إسماعيل إلى أن "الصمت الدولي واستخدام بعض القوى الدولية للحوثي تترك له مساحة للعبث ومنها ترديد مثل هذه التصريحات الجوفاء والإجراءات التي قامت بها الجماعة ضد الممرات الدولية باستهداف السفن والناقلات التجارية والموانئ النفطية"، لافتاً إلى أن كل هذه الممارسات لا يمكن للمجتمع الدولي أن يسكت عنها إلا إذا كان مستفيداً من وجودها.

 

وأكد المحلل السياسي أن بمقدور المجتمع الدولي دعم القوى اليمنية والإقليمية للتخلص من التهديدات الحوثية، لأنه "يعرف جيداً سردية الصراع في اليمن وحقيقته، لكنه يقفز ويتحايل عليها، ويتلاعب بها لإطالة أمد الأزمة وليس إنهاءها ضمن حسابات إيرانية ومصالح دولية".

 

يأتي الانتشار الأمريكي الجديد بعد أن منعت خلال الفترات الماضية محاولتين من جانب إيران لاحتجاز ناقلات تجارية في المياه الدولية قبالة سلطنة عمان في 5 يوليو/تموز الماضي فيما ردت طهران بأن إحدى الناقلتين، وهي "ريتشموند فوييجر" التي ترفع علم جزر الباهاما، اصطدمت بسفينة إيرانية وأصابت طاقمها المكون من خمسة أفراد.

 

غرور القوة

 

عن القوة التي يتحدث بها الحوثي أشار إسماعيل إلى أن لدى الجماعة شيئاً من غرور القوة، ولكنها تعلم أنها "ليست ناتجة من واقع حقيقي على الأرض، بل من تغاضي المجتمع الدولي عن جرائمها".

 

ولفت المحلل السياسي إلى أن التعاطي الدولي تجاه الحوثيين لن يستمر، إذ إن "هناك نقطة حرجة لا بد أن تتحول عندها النظرة العالمية إلى خطر الميليشيات الحوثية"، مستدلاً على ذلك بأمثلة منها "تفخيخ الممرات الدولية التي لو قامت بها جماعة أخرى في أي مكان فلن يقف العالم متفرجاً إزاءها حتى يقضي عليها".

 

ونوه إسماعيل بأن "التهديد يطاول ممرات مائية ينتقل من خلالها سدس تجارة العالم، واليوم الحوثي يفخخ البحر ويستهدف السفن، ويتهدد مصالح العالم، في ظل صمت مريب من المجتمع الدولي".

 

انتشار أمريكي

 

وفي تصريح يكشف عن أهداف التحركات الأميركية الأخيرة، قالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إن إيران إما احتجزت أو حاولت السيطرة على ما يقرب من 20 سفينة ترفع علماً دولياً في المنطقة خلال العامين الماضيين.

 

وقالت الولايات المتحدة الشهر الماضي إنها ستنشر مدمرة وطائرات "أف 35" و"أف 16" ووحدة استكشافية بحرية في الشرق الأوسط لردع إيران عن الاستيلاء على سفن في الخليج، فيما تستعد واشنطن لوضع أفراد من البحرية على متن ناقلات تجارية في الخليج.

 

وجود أمني

 

بدوره، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كناني إن الانتشار الأميركي يخدم مصالح واشنطن فقط، وإن الوجود العسكري للحكومة الأميركية في المنطقة لم يخلق الأمن أبداً.

 

وأضاف المتحدث الإيراني "مصالحهم في هذه المنطقة دفعتهم دائماً إلى تأجيج عدم الاستقرار وانعدام الأمن، في حين أن دول الخليج قادرة على ضمان أمنها".

 

ذراع إيرانية

 

وتعليقاً على تحذيرات الميليشيات للقوات الأميركية قال موقع "ميدل إيست أونلاين"، الذي يتخذ من لندن مقراً له، إن التهديدات الحوثية تثبت كل مرة أن الحوثيين مجرد أداة بيد الحرس الثوري الإيراني، مستبعداً جرأة الميليشيات على الدخول في مواجهة مع تلك القوات.

 

وأضاف الموقع أن التهديدات الحوثية الصريحة تظهر مدى تبعية الجماعة للمشاريع الإيرانية "إذ يظل المتمردون مجرد ذراع لنظام طهران في المنطقة، إذ يقوم الحرس الثوري بتسليحهم وتمويلهم لقاء تأزيم الوضع الداخلي ومهاجمة الجيران الخليجيين، بخاصة السعودية، كلما توترت العلاقات الخليجية - الإيرانية".

 

وأكد الموقع أن الحوثيين غير قادرين فعلياً على تنفيذ التهديدات التي يوجهونها إلى الولايات المتحدة بسبب ضعف تسليحهم بالمقارنة مع الجيش الأمريكي.

 

(اندبندنت عربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI