سيطرت قضايا الديون والإنفاق الحكومي والإجهاض وإدانة دونالد ترمب المحتملة على المناظرة الجمهورية الأولى بين مرشحي الرئاسة المحتملين في الولايات المتحدة، الأربعاء، فيما أثار المرشح من أصول هندية فيفك راماسوامي صخباً على منصة المناظرة، ودخل في جدال محتدم مع أكثر من مرشح.
ورغم غياب ترمب عن المناظرة التي عقدت في مدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن، إلا أنه سيطر على قسم كبير من المناظرة، وقسم الموقف منه المرشحين، وفيما دافع بعض المرشحين عن ترمب، اعتبرته السفيرة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي "أكثر سياسي مكروه في أمريكا" مؤكدة الحاجة لقائد جديد للحركة المحافظة في الولايات المتحدة.
المساعدات لأوكرانيا أثارت انقسام المرشحين أيضاً، مع رفض بعضهم لإرسال المزيد من المساعدات إلى كييف، وعلى رأسهم راماسوامي.
الهجوم على السياسات الاقتصادية للرئيس جو بايدن، والإنفاق الحكومي ومستوى الدين الحالي كان ثيمة رئيسية للمناظرة، وفيما هاجم أغلب المرشحين سجل بايدن، اختارت نيكي هايلي توجيه نقدها إلى ترمب، الذي قالت إن سياساته أدت إلى الموقف الاقتصادي الحالي، مشيرة إلى إضافته 8 تريليونات دولار إلى مستوى الدين؛ مضيفة "ليس الديمقراطيون وحدهم هم أوصلونا إلى هذه النقطة، الجمهوريون فعلوا ذلك أيضاً".
وشارك في المناظرة كل من حاكم فلوريدا رون ديسانتيس (44 عاماً)، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي (38 عاماً)، والسيناتور تيم سكوت (57 عاماً)، ونائب الرئيس السابق مايك بنس (64 عاماً)، والسفيرة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي (51 عاماً)، وحاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي (60 عاماً)، وحاكم أركنساس السابق أسا هاتشينسون (72 عاماً)، وحاكم نورث داكوتا دوج بورجوم (67 عاماً).
وأعلن الرئيس الأمريكي السابق أنه لن يحضر المناظرة بسبب "الفارق الكبير" بينه وبين بقية المرشحين في استطلاعات الرأي، مفضلاً الظهور مع مذيع قناة "فوكس نيوز" السابق تاكر كارلسون في مقابلة مسجلة بدأت إذاعتها على منصة "إكس" تزامناً مع بدء المناظرة الجمهورية.
وتم ترتيب المرشحين الثمانية على المنصة بناءً على أرقامهم في استطلاعات الرأي، على أن يكون الأعلى أرقاماً في الوسط.
وجاء الترتيب كالتالي: رون ديسانتيس، فيفيك راماسوامي، مايك بنس، نيكي هايلي، كريس كريستي، تيم سكوت، أسا هاتشينسون، دوج برجوم.
وبدأت المناظرة بعرض فيديو لبايدن وهو يتحدث عن سياسته الاقتصادية، تلاها عرض مقابلات مع مواطنين يشكون الغلاء وارتفاع التضخم، وكلفة المعيشة.
الضرائب والدين
سيطرت قضايا الضرائب والديون على الجولة الأولى من الأسئلة الموجهة للمرشحين الثمانية. وتعرض المرشحون لقضايا الإنفاق الحكومي ومستوى الدين البالغ 31 تريليون دولار، وتعهدوا بخفض مستوى الدين وتقليص الإنفاق الحكومي.
وعلى خلاف أغلب المرشحين الذين هاجموا سياسات بايدن، هاجمت نيكي هايلي سياسات ترمب الاقتصادية قائلة إنه أضاف 8 تريليونات دولار إلى حجم الدين العام، معتبرة أن الوضع الاقتصادي الحالي لم يتسبب فيه الديمقراطيون وحدهم ولكن الجمهوريون أيضاً.
وتعرض بنس لانتقادات كونه جزءاً من إدارة ترمب، ولكنه رد بأنه "فخور بسجل ترمب الذي أعاد بناء الجيش والاقتصاد، وفتح أبواب إنتاج الطاقة على مصراعيه".
فيفيك الشاب
فيفيك راماسوامي الشاب ذو الـ 38 عاماً، تعرض لانتقادات لسنه الصغير وعدم امتلاكه الخبرة السياسية، وهو ما رد عليه بالقول "أنا لست سياسياً. أنا رجل أعمال، والداي جاءا هنا من الهند من دون مال، واستطعت بناء شركات قيمتها مليارات الدولارات، وهذا هو الحلم الأميركي، وأنا قلق من أن هذا الحلم لن يكون موجوداً لأبنائنا".
وأضاف: "الآن لحظتنا لكي نسير ناحية شيء بدلاً من الهرب منه. الحزب الجمهوري يهرب من مشكلاته".
تغير المناخ
أثارت قضية تغير المناخ صخباً بين المرشحين، ورفض رون ديسانتيس الإجابة عما إذا كان يعتقد أن تغير المناخ حقيقي أم لا، وكذلك بقية المرشحين باستثناء راماسوامي ونيكي هايلي.
وقال راماسوامي إنه "الوحيد الذي لم يشتره أحد"، مضيفاً أن "تغير المناخ كذبة، وكذبة انبعاثات الكربون هي ما يعيق اقتصادنا".
وانتقد كريس كريستي راماسوامي للطريقة التي تحدث بها، وقال "هذا رجل يبدو كـتشات جي بي تي، يقف هنا ويتحدث لنا بهذه الطريقة، ويذكرنا بالرئيس باراك أوباما. نحن نتعامل هنا مع نفس النوع من الهواة".
وانتقدت نيكي هايلي المشاغبات بين المرشحين، وتبنت نسخة أكثر اعتدالاً بشأن تغير المناخ، وقالت: "نحن نهتم بالهواء والمياه النظيفة، ولكن هناك طريقة صحيحة للقيام بذلك، التغير المناخي حقيقي، ولكن إذا كنت تريد تغيير المناخ يجب أن تقول للصين والهند أن تخفضا من انبعاثاتهما. كل ما فعله بايدن عبر دعم السيارات الكهربائية هو مساعدة الصين، التي تصنع فيها نصف السيارات الكهربائية. نحن نضع أموالاً في جيب الصين".
قضية الإجهاض
أثارت قضية الإجهاض خلافاً كبيراً بين المرشحين، وأيدت نيكي هايلي حق المرأة في الإجهاض دون ملاحقة من القانون، ودون منع فيدرالي لحق الإجهاض، مفضلة ترك الأمر للولايات. وشددت على ضرورة توافر وسائل منع الحمل، معربة عن تأييدها لمنع الإجهاض بعد 15 أسبوعاً.
رون ديسانتيس، الذي وقع قانون منع الإجهاض بعد 6 أسابيع في ولاية فلوريدا، رفض القول بشكل صريح ما إذا كان سيفرض هذا القانون على المستوى الفيدرالي، وقال "سيكون لديكم رئيس داعم للحياة في البيت الأبيض".
وأضاف: "الديمقراطيون يريدون السماح بالإجهاض حتى الولادة".
مايك بنس قال إنه سيكون رئيساً داعماً لحق الحياة (مناهض للإجهاض)، معرباً عن دعمه لمنع فيدرالي على الإجهاض "حين يشعر الطفل بالألم أي عند 15 أسبوعاً"، وقال إن هذا قرار يدعمه 70% من الأمريكيين.
أما الحاكم دوج بورجوم فأعلن معارضته فرض حذر فيدرالي على الإجهاض، مؤيداً حق كل ولاية في فرض ما تراه، وإن كان هو شخصياً وقع حظراً على الإجهاض بعد 6 أسابيع، في ولايته.
وقال: "لا يجب أن يكون لدينا منع فيدرالي على الإجهاض بموجب الدستور. الولايات هي من خلقت الحكومة الفيدرالية وليس العكس. ما يجوز في نيويورك قد لا يجوز في نورث داكوتا".
أما السيناتور تيم سكوت فأعرب عن تأييده بقوة لفرض حظر فيدرالي على الإجهاض وقال: "لا يمكن أن نسمح لنيويورك وكاليفورنيا بالقيام بعمليات الإجهاض حتى موعد الولادة وعند الطلب، يجب أن نحارب من أجل الحياة. إعلان الاستقلال يقول إن الرب منحنا الحياة. لا يمكن أن نترك الأمر للولايات يجب أن نحل هذه المشكلة عند 15 أسبوعاً".
دونالد ترمب
مع انتصاف المناظرة، سأل مديرا النقاش المرشحين الثمانية بشأن ما إذا كانوا سيدعمون ترمب إذا ما تمت إدانته في اتلهم الموجهة إليه. وبعد أن بدوا مترددين للحظة، رفع 5 مرشحين من الـ8 أيديهم، فيما عارض كريس كريستي ومايك بنس وأسا هاتشينسون ذلك.
وأثار السؤال شجاراً لفظياً بين كريس كريستي وراماسوامي.
وبرر مايك بنس خياره بالقول: "في 6 يناير 2021 طلب مني الرئيس أن أرفض أصوات الأمريكيين، طلب مني وضعه فوق الدستور، وأنا اخترت الدستور، لا يوجد نائب رئيس لديه هذه الصلاحية".
وأضاف أن الأمريكيين يستحقون أن يعرفوا أنني حافظت على واجبي أمام الدستور والقانون.
أما رون ديسانتيس فرفض الحديث عن الأمر، وقال: "هذه الانتخابات ليست عن 6 يناير 2021، الديمقراطيون يريدون الحديث عن هذه الأمور، وأنا أريد أن أتحدث عن المستقبل، أن أتحدث عن المهمة قبل أي شيء آخر. الجمهوريون يجب أن ينظروا إلى الأمام".
أسا هاتشينسون اعتبر أن ترمب أصبح "غير مؤهل أخلاقياً" لتولي منصب الرئيس بسبب ما فعله في 6 يناير واقتحام الكونجرس.
وعلى وقع صيحات الاستهجان، قال كريس كريستي إن مايك بنس "قام بواجبه ويستحق شكرنا لأنه قام بواجبه تجاه الدستور لأنه وضع هذا الواجب قبل الأمور الشخصية والضغوط، يجب أن نتخلص من الشخص الذي أراد تعليق الدستور".
وقال كريستي: "يجب أن يوقف أحداً تطبيع هذا السلوك. هذا السلوك لا يليق بمنصب الرئيس الأميركي".
ورد راماسوامي: "لا يمكننا أن ندع سابقة كهذه تحدث. أن يستخدم الحزب الموجود في السلطة نفوذه لملاحقة خصومه".
وبعد جذب وشد بينهما، قال كريستي: "لن أنحني لأي شخص حين يتعلق الأمر بوجود رئيس للولايات المتحدة لا يحترم الدستور. سأدافع عن الدستور دوماً بغض النظر عن الضغوط السياسية".
واعتبرت نيكي هايلي أن مايك بنس "فعل الشيء الصحيح" بالتصديق على الأصوات في 6 يناير.
وقالت: "يجب أن يكون هناك قائد جديد للحزب، ترمب هو أكثر سياسي مكروه في أمريكا لا يمكننا الفوز بانتخابات عامة بهذه الطريقة".
المساعدات لأوكرانيا
أثارت قضية المساعدات أيضاً خلافاً بين المرشحين، وإن أيد أغلبيتهم إرسال المزيد من السلاح لأوكرانيا، مع فيفيك راماسوامي ضمن أشد المعارضين لإرسال مساعدات لكيييف، منتقداً هؤلاء الذين "يحجون إلى كييف لزيارة البابا زيلينسكي" في إشارة إلى بنس وكريس كريستي الذين زارا كييف قبل أسابيع.
وقال راماسوامي "لن أرسل أي مساعدات إضاية. نحن ندافع عن غزو حدود بلد أخرى بينما يجب أن نستخدم هذه الموارد في حماية حدودنا. نحن ندفع روسيا إلى أحضان الصين".
بدوره، رد كريس كريستي باعتباره أحد المرشحين الذين زاروا كييف وقال: "ذهبت لأوكرانيا لأني أردت أن أرى بنفسي ما فعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأوكرانيين الأحرار. 20 ألف طفل تم اختطافهم وإرسالهم إلى روسيا لبرمجتهم ضد بلادهم. هذا هو فلاديمير بوتين الذي وصفه ترمب بأنه عبقري ولامع".
أما مايك بنس فرد على راماسوامي قائلاً: "أي أحد يقول إنه لا يمكن أن نحل المشكلات في أمريكا وأن نقوم بوظيفة قائد العالم الحر، لديه نظرة ضيقة جداً لأمريكا. يمكننا فعل الاثنين".
وتابع: "أريد أن أجعل الأوكرانيين يحاربون الشيوعيون ويدافعون عن أوروبا"، وقال: "لا أعتذر هو ليس شيوعي، هو ديكتاتور وقاتل والولايات المتحدة يجب أن تقف ضد السلطوية".
ليرد راماسوامي قائلاً: "الخطر الشيوعي الذي نواجهه هو الصين، ونحن ندفع روسيا إلى أحضان الصين".
وأضاف: "أوكرانيا ليست أولوية للولايات المتحدة، لا يمكنك أن تبدأ حرباً جديدة وترسل مواردنا العسكرية للخارج بينما يمكننا أن نستخدمها هنا".
وفيما لم يرد رون ديسانتيس بوضوح على السؤال، قال إنه سيجعل أوروبا "تحمل ثقلها" أي تدفع هي نصيبها في المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وقال: "كرئيس لأميركا يجب أن تكون مهمتك الأولى هي الدفاع عن البلد. أن ترسل كل هذه الموارد إلى الخارج، ولا تؤمن حدود بلادنا، هذا أمر خطأ".
وشدد على أنه سيعلن أزمة الحدود "أزمة طوارئ لن أرسل قوات لأوكرانيا ولكني سأرسلهم إلى حدودنا سنستعمل القوة".
أوكرانيا خط دفاع أمامي
وردت نيكي هايلي باعتراض شديد على ما قاله راماسوامي وقالت: "الرئيس الأميركي يجب أن يكون لديه وضوح أخلاقي وأن يميز بين الخير والشر، حين تنظر لأوكرانيا يجب أن تميز من تعرض للغزو. ما أرسلناه إلى أوكرانيا أقل من 3.5% من ميزانيتنا العسكرية، ليس صحيحاً أن أوروبا لم ترسل مساعدات كافية، بالنظر إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي، فإن 11 دولة أوروبية أرسلت أسلحة إلى أوكرانيا بأكثير من الولايات المتحدة".
ورفضت فكرة أن الولايات المتحدة تدفع روسيا إلى أحضان الصين قائلا: "الصين وروسيا قبل الغزو، أعلنا في أولمبياد بكين شراكة دون حدود".
وأضافت: "ما لا يفهمه فيفيك هو أن أوكرانيا هي الخط الدفاعي الأمام، ما إن تأخذ روسيا أوكرانيا ستنطلق إلى بولندا والبلطيق. فيفيك يريد أن يمنح أوكرانيا إلى روسيا، وتايوان إلى الصين".
وتابع: "لا توجد لديك خبرة في السياسة الخارجية وهذا واضح".