7 يوليو 2024

جبايات مناسباتية وضرائب مضاعفة من بوابة "المولد النبوي"

سعي حوثي لتدمير القطاع الخاص اليمني وبناء اقتصاد بديل
6 سبتمبر 2023
يمن فريدم-وضاح الجليل
Getty

 

استغلت الميليشيات الحوثية في اليمن مناسبة اقتراب ذكرى "المولد النبوي" لفرض المزيد من الرسوم الضريبية والجمركية الجديدة على التجار والقطاع الخاص، إلى جانب الجبايات الأخرى، وتوسيع فئة كبار المكلفين بالضرائب، من الشركات الصغيرة والمحال التجارية، في مقابل منح إعفاءات للتجار الموالين لها، وهي إجراءات تهدف إلى إنهاك القطاع الخاص والاستحواذ عليه، وبناء اقتصاد بديل على حساب الاقتصاد الوطني.

 

وفي حين فرض الانقلابيون الحوثيون على كبريات البيوت والمجموعات والشركات التجارية في مناطق سيطرتهم التبرع بمبالغ ضخمة لصالح الاحتفال بـ "المولد النبوي"، وفقاً لمصادر "الشرق الأوسط"؛ فإن مجموعة معروفة (أنعم وحدها) أجبرت على التبرع بأكثر من مليار ريال يمني (حوالي 1.9 مليون دولار) عن فروعها في صنعاء فقط، بينما تجبر بقية الفروع في المحافظات الأخرى على التبرع منفردة.

 

ووفقاً للمصادر؛ فإن بقية المجموعات التجارية تواجه ضغوطا من أعلى مستويات قيادات الانقلاب للتبرع بمبالغ مقاربة للمبلغ الذي دفعته مجموعة هائل سعيد لصالح الاحتفال بـ "المولد النبوي"، في نفس الوقت الذي اتخذت فيه مصلحة الضرائب التي تديرها ميليشيات الانقلاب قراراً بزيادة عدد كبار المكلفين بالضرائب إلى أكثر من 25 ألف مكلّف.

 

وخلال الأسابيع الماضية، أقرت الميليشيات الحوثية فرض زيادات ضريبية وجمركية على المستوردين من ميناء الحديدة، بعد أن كانت وعدت بمنحهم امتيازات وتسهيلات وإعفاءات مقابل إدخال بضائعهم وسلعهم من هذا الميناء، مقابل زيادة نفس الرسوم على المستوردين من المنافذ البرية بنسبة وصلت إلى 100% في قرار يهدف إلى سلب الحكومة اليمنية موارد الموانئ المحررة.

 

وكشف أعضاء في البرلمان الذي يخضع لسلطات الميليشيات الحوثية في صنعاء عن فرض رسوم جديدة في ميناء الحديدة وصلت إلى 140% عما كان يجري تحصيله في ميناء عدن الذي تديره الحكومة الشرعية، في نفس الوقت الذي جرى فيه فرض زيادة ضريبية بنسبة 12% على الحركة التجارية و17% على المصانع داخل مناطق سيطرة الميليشيات.

 

وتساءل عدد من البرلمانيين عن أسباب هذه الزيادات الضريبية والجمركية ومبرراتها، وعن مصير الإيرادات التي يتم تحصيلها، وربطوا ذلك باستمرار إيقاف صرف رواتب الموظفين العموميين منذ سبعة أعوام، والامتناع عن صرف رواتب المعلمين الذين أعلنوا الإضراب عن العمل حتى يتم حل أزمة رواتبهم.

 

اقتصاد السمسرة

 

مع توسع أعمال الجبايات والإتاوات الحوثية، اتهم مركز بحثي يمني ميليشيات الحوثي بتكوين اقتصادها الخاص من خلال الاستهداف الممنهج لرأس المال الوطني، وابتزازه وفرض الإتاوات عليه، ومحاولة فرض شراكات قسرية معه، لإحلال قوى جديدة بديلة عنه، في مستويات مختلفة من السوق، وإشعال الخلافات داخل الشركات والمجموعات التجارية الكبيرة، ما أدى إلى إفلاس العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتسريح مئات الآلاف من العمال.

 

وذكر "مركز اليمن والخليج للدراسات" أن سلسلة الهجمات التي تشنها ميليشيات الحوثي ضد النشاط التجاري الحر في مناطق سيطرتها منذ انقلابها في سبتمبر (أيلول) 2014، تسببت في تراجع الناتج الإجمالي للقطاع الخاص، وإجمالي الناتج المحلي للاقتصاد الوطني بشكل عام.

 

وأورد المركز في بحث حديث صادر عنه إحصائيات رسمية صادرة عن الاتحاد العام للغرف التجارية في اليمن تكشف عن تراجع المستوى التراكمي في قيمة الناتج المحلي الإجمالي الجاري لقطاع الصناعة عام 2020 بنسبة 52%عـن حجمه في عـام 2012.

 

ووفق هذه الإحصائيات؛ فقد القطاع الصناعي في اليمن 73% من ناتجه في المتوسط خلال الفترة من 2015 وحتى 2020 جراء الحرب وما نتـج عنها من تحديات، حيث بلغ معدل التشغيل في جانب القطاع العام الصناعي في المتوسط حوالي 12% فقـط مـن قدرته الإنتاجية، فيما بلغ معدل التشغيل في القطاع الخاص حوالي 64% من قدرتـه الإنتاجية.

 

كما اتهم معد البحث رفيق صالح الميليشيات الحوثية بمضاعفة استهدافها لأسس ومقومات الاقتصاد الوطني، وتفكيك الاقتصاد السياسي لمؤسسات الدولة السابقة، والتي تعرف كملامح للنظام الجمهوري، إمعاناً منها في استهداف الدولة برمتها، ومسابقة الزمن لتأسيس اقتصاد سياسي خاص بها يساعدها في فرض نفوذها على الحياة العامة.

 

وفي سبيل ذلك تبنت الجماعة ما يسمى باقتصاديات السمسرة والارتزاق والتربح، والتي تتعدد آلياتها من منح التراخيص إلى المساهمة في إبرام الصفقات وعقد المناقصات في مناطق سيطرتها، وتحجيم الأرباح عن طريق إرهاب رأس المال، بالتوازي مع الهيمنة على سوق العقار، وفرض أنماط محددة من الملكية لأراضي المدن والضواحي المتاخمة عبر آلية منظمة لإعادة هيكلة الملكيات.

 

ضرورة الدولة

 

يخلص البحث إلى أن التجريف المستمر منذ أكثر من ثماني سنوات لمؤسسات الدولة الاقتصادية، وفرض قيود على القطاع الخاص، ونهب ومصادرة رواتب ما يقرب من مليون موظف، منح جماعة الحوثي الثقة، وشجعها على تجريف مؤسسة التضامن والتنسيق والدفاع التي تعد نقابة لرأس المال الوطني، والتعدي على اتحاد الغرف التجارية استباقا لاندلاع الاحتجاجات.

 

ويرى الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري أنه لا قبل للقطاع الخاص بمواجهة سلطة الانقلاب الحوثية، نظراً لبطشها من جهة، وتجاوزها للدستور والقانون والأعراف إضافة إلى نواياها للاستئثار بكل مصادر الثروة، وحرمان المجتمع من تمثيل نفسه اقتصاديا، بينما غالبية مكونات القطاع الخاص من الشركات المتوسطة أو الصغيرة.

 

وفي حديثه لـ "الشرق الأوسط" أوضح المقطري أنه يتوقع فشل الميليشيات الحوثية في إدارة اقتصادها نظراً إلى اعتمادها في بناء هذا الاقتصاد على الجباية والنهب من جهة، ولعدم اكتمال دورته المالية التي تكتفي بجمع الموارد لدى قادة وكيانات الميليشيات وعدم السماح للمجتمع بالانتفاع من هذه الدورة والمشاركة فيها، إلى جانب إفقار المجتمع وسلب حقوقه؛ مؤكدا أن إعادة بناء الاقتصاد يحتاج إلى وجود دولة ضامنة.

 

وسبق للحكومة اليمنية التحذير من التداعيات الكارثية لسعي ميليشيات الحوثي لتعديل التشريعات المنظمة للقطاع الاقتصادي وموارد الدولة، واستهدافها الممنهج للقطاع التجاري ومؤسساته، بهدف تجييره لخدمة مصالحها.

 

وفي يونيو/حزيران الماضي هدّدت الجماعة بحل قيادة "الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية"، بعد اقتحام مقر الغرفة التجارية في العاصمة، وعينت أحد قادتها بدلاً عن القيادة المنتخبة، ورفضت حكماً قضائياً ببطلان إجراءاتها، بحجة تصحيح ما تصفه بـ "الاعوجاج" داخل اتحاد الغرف التجارية والصناعية.

 

(صحيفة الشرق الأوسط)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI