4 يوليو 2024
16 سبتمبر 2023
يمن فريدم-الشرق نيوز-رشا جدة
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال تجمع في لارجو بولاية ماريلاند. 14 سبتمبر 2023 - REUTERS

 

منذ 9 أشهر يحقق الجمهوريون داخل مجلس النواب في مخالفات يزعمون أن الرئيس الأميركي جو بايدن ارتكبها، وكان آخر تلك التحركات عندما فاجئ رئيس مجلس النواب، الجمهوري كيفين مكارثي الجميع الثلاثاء الماضي، بإعلان فتح تحقيق لعزل بايدن.

 

ويحقق الجمهوريون في المعاملات التجارية لنجل بايدن (هانتر)، وتورط الرئيس في تلك التعاملات، مع مزاعم بوجود مخطط رشوة يتعلق ببايدن، عندما كان نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما.

 

كما زعم الجمهوريون أن هناك تدخلاً سياسياً من وزارة العدل في قضية هانتر بايدن الجنائية المستمرة، وهو ما لم يتمكن الجمهوريون من إثباته بحسب تأكيدات الديمقراطيين والبيت الأبيض.

 

وتتعلق تهمة الرشوة التي ظهرت في عام 2019، بالادعاء أن بايدن ضغط على أوكرانيا لإقالة كبير المدعين العامين، من أجل وقف التحقيق بشأن شركة النفط والغاز الأوكرانية "بوريسما" التي كان هانتر يشغل منصب عضو مجلس الإدارة بها.

 

وفي الخطاب الذي ألقاه مكارثي، الثلاثاء، أشار إلى أن هناك "مزاعم بإساءة استخدام السلطة والعرقلة والفساد والمخالفات المالية، تستدعي مزيداً من التحقيق من قبل مجلس النواب"، معلناً أنه سيكلف 3 لجان، "الرقابة، والقضاء، والطرق والوسائل" بإجراء التحقيق مع الرئيس وعائلته.

 

وفي هذا الإطار اختلف خبراء ومحلّلون سياسيون بشأن أهداف قرار مكارثي المفاجئ، لكنهم اتفقوا جميعاً على أن ذلك التحرك لا يطمح على الإطلاق إلى عزل الرئيس بايدن بالفعل.

 

ضغوط ترمب و"كتلة الحرية"

 

يرى خبراء أن إعلان مكارثي جاء استسلاماً للضغط الذي يمارسه الجمهوريون من "كتلة الحرية"، وهي مجموعة مقربة من الرئيس السابق دونالد ترمب تشكل اليمين المتطرف داخل المؤتمر الجمهوري في مجلس النواب، من أجل عزل بايدن قبيل انتخابات الرئاسة 2024.

 

وأوضح الخبراء أن مكارثي اضطر إلى خوض هذا الإجراء، لأن منصبه مهدد من "كتلة الحرية" التي لم تمنحه رئاسة المجلس، إلّا بعد 14 جولة اقتراع فاشلة، وتقديم تنازلات من جانبه، في أكبر خلل وظيفي في الكونجرس منذ 160 عاماً.

 

وفي أواخر أغسطس الماضي، كتب ترمب عبر منصة "تروث"، في إشارة إلى الجمهوريين في الكونجرس: "إما عزل المتسكع (بايدن)، أو يتلاشى في غياهب النسيان.. لقد فعلوا ذلك بنا".

 

بدورها، قالت النائبة الجمهورية اليمينية عن ولاية جورجيا، مارجوري تايلور جرين، والمقربة من ترمب، في الشهر نفسه، إنها لن تصوت على مشاريع قوانين الميزانية الضرورية ما لم تبدأ إجراءات عزل بايدن.

 

وفي يوليو الماضي، بدأ ترمب يقترح على الجمهوريين عزل الرئيس بإلحاح كبير. وحين تم استدعاؤه بتهمة الاحتفاظ بشكل غير صحيح بوثائق سرية تتعلق بالأمن القومي وعرقلة المحققين، أعلن الرئيس السابق، أنه إذا أعيد انتخابه فسيعين مدعياً خاصاً "لملاحقة" بايدن وعائلته.

 

تهديد بـ"الإغلاق الحكومي"

 

ولا ينفصل إعلان مكارثي بدء تحقيق لعزل بايدن، عن التمرد اليميني الذي حدث في يناير الماضي، ضده كما يعتقد خبير الدراسات السياسية، كايل كونديك. إذ قال لـ"الشرق" إن الصفقة التي تمت بين كتلة اليمين المتطرف ومكارثي آنذاك، تحكمها دوافع مرتبطة برغبتهم في تقييد حجم ونطاق الحكومة الفيدرالية بشكل كبير، والرغبة في إنفاق حكومي أقل ومعالجة سقف الديون وملاحقة الرئيس بايدن بقوة.

 

وأضاف: "يبدو أنه (مكارثي) يحاول استرضاء اليمينيين الذين هددوا بإقالته، إذا فشل في الاستجابة لمطالبهم بتخفيضات كبيرة في الإنفاق من شأنها أن تجبر الحكومة على الإغلاق في نهاية الشهر الجاري مع انتهاء السنة المالية، ويبدو أيضاً أنه يحاول التوفيق بين تحقيق المساءلة وتخطي التهديد بإغلاق الحكومة".

 

يشار إلى أن الكونجرس عاد إلى جلساته عقب عطلة أغسطس الماضي، وسيكون مشروع قانون الإنفاق الحكومي الضخم على رأس جدول الأعمال، بينما يستعد الجمهوريون للتهديد بـ “إغلاق الحكومة"، إذا لم يتم تضمين مطالبهم في خفض الإنفاق.

 

ومصطلح "الإغلاق الحكومي" لا يعني توقف عمل كافة المؤسسات الفيدرالية التي تُمول من قبل الحكومة، ولكنه يقتصر على المؤسسات الحكومية غير الضرورية، وهذا يعني أن العاملين في تلك المؤسسات سيتوقفون عن أداء مهامهم إلى حين توصل الكونجرس لخطة التمويل.

 

وفي الوقت الذي يصف فيه كونديك، اليمين المتطرف بأنه "معادٍ جداً لبايدن"، إلا أنه يرى القيادة الجمهورية تحاول إبقاء قاعدتها اليمينية المتطرفة "سعيدة" من خلال تلك الإجراءات، لافتاً إلى أنهم "يريدون إضعاف الرئيس قبل محاولة إعادة انتخابه"، وأوضح: "من الممكن أن ينجحوا، لكن إذا فشلوا في إثبات التهم سيُنظر إليهم على أنهم متجاوزون، مما قد يساعد بايدن كثيراً في الانتخابات".

 

ماذا يعني التحقيق؟

 

وعلى الرغم من تعهد مكارثي، في وقت سابق، بعدم إطلاق تحقيقات عزل بايدن دون تصويت، إلا أنه خالف ذلك التعهد، في تصور واضح يشير إلى أنه لم يكن ليحصل على دعم كافٍ من أغلبيته الضئيلة في الحزب الجمهوري، والتي تصل إلى 222 مقعداً، مقابل 212 للديمقراطيين.

 

وفي الوقت الذي شكك فيه بعض الجمهوريين المعتدلين من إمكانية إجراء التحقيق بهدف عزل بايدن، ومن بينهم النائب المحافظ، كين باك، عضو اللجنة القضائية، يؤكد الباحث السياسي ومستطلع الآراء الانتخابية، زاك مكيري، أن التحقيق يعني فقط اتهام الرئيس بانتهاكات.

 

وقال مكيري لـ"الشرق" إنه سيتعين على مجلس النواب التصويت على عزل بايدن، ومن ثم سيقرر مجلس الشيوخ ما إذا كان سيتم عزل الرئيس بالفعل من منصبه، الأمر الذي سيتطلب تصويتاً بأغلبية أعضاء مجلس الشيوخ.

 

لكن قبل تلك الإجراءات، يشرح أستاذ الإدارة السياسية ومدير الأبحاث في مركز الإدارة السياسية بجامعة جورج واشنطن، مايكل كورنفيلد، لـ"الشرق"، ماذا يعني تحقيق المساءلة؟

 

أشار إلى أنه تحقيق في مخالفات محتملة صادرة من قبل أي مسؤول فيدرالي، ويعد إجراءً قوياً، وسلطة قوية من سلطات مجلس النواب، "وبينما يمتلك مجلس النواب سلطة التحقيق مع أي مسؤول، فإن مجلس الشيوخ، فقط، لديه القدرة والسلطة على إدانته أو عزله من منصبه".

 

"انتقام جزئي"

 

أستاذ العلوم السياسية ودراسات الاتصال في جامعة "ميشيجن"، مايكل تراوجوت، وصف طريقة الجمهوريين في ملاحقة بايدن مع انطلاق حملة 2024، بـ"انتقام جزئي"، في نظرهم، من لوائح الاتهام المتعددة الموجهة إلى ترمب.

 

كما يعتقد تراوجوت أن الأمر كله يتعلق بمحاولتهم إضعاف الدعم لحملة بايدن الانتخابية، من خلال التأثير على الناخبين المستقلين غير الملتزمين، في انتخابات عام 2024، مشيراً إلى أنه في حال "لم يتم الكشف عن معلومات جديدة، فمن غير المرجح أن يكون لها تأثير كبير".

 

ولكنه حذّر في الوقت نفسه، من اللعبة التي يحاول الجمهوريون فرضها على المشهد السياسي في ذلك التوقيت تحديداً، قائلاً إن الجمهوريين الذين يطالبون بإقالة بايدن مذنبون بنفس الخطيئة السياسية التي يتهمون الديمقراطيين بارتكابها، وهي "تسليح" الإجراء الدستوري.

 

واعتبر أنهم "يحاولون صرف الانتباه عن لوائح اتهام ترمب وعرقلة الكونجرس حتى لا يتمكن من تمرير مخصصات الميزانية والقوانين"، لافتاً إلى أن "الجمهوريين يسعون إلى نفس الأهداف في التهديد بإغلاق الحكومة، نهاية سبتمبر الجاري، وانقطاع الخدمات الحكومية الأساسية".

 

ارتفاع شعبية بايدن

 

وفقاً لأحدث استطلاع رأي أجرته وكالة "رويترز"، ومؤسسة "إبسوس" للأبحاث، ارتفعت معدلات التأييد العام للرئيس بايدن، بالتزامن مع إطلاق الجمهوريين في مجلس النواب تحقيقاً رسمياً لعزله.

 

وأظهر الاستطلاع الذي نشر، الثلاثاء، وكانت مدته 3 أيام انتهت، الأحد، زيادة هامشية في شعبية بايدن 42%، مقارنة بـ 40% الشهر الماضي.

 

وتدعم نتائج الاستطلاع وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية في جامعة "نيوهامبشير"، أندرو إي سميث، الذي يعتقد أن "التحقيق" من شأنه أن يعزز دعم بايدن بين الديمقراطيين، كما فعل عزل ترمب بين الجمهوريين.

 

ويرى سميث أن "الهجوم الأخير" للجمهوريين من المرجح أن يؤدي إلى إلحاق ضرر أكبر بالحزب الجمهوري مقارنة بالديمقراطيين، كما حدث خلال محاولة عزل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عام 1998.

 

وفسّر بأن "التغطية السياسية حول الإقالة المحتملة، سلبية بالفعل، ومن المرجح أن تزداد. وما لم يتمكن الحزب الجمهوري من تقديم أدلة دامغة حول الجرائم الفعلية التي ارتكبها بايدن، فسيبدو الأمر مجرد حيلة سياسية، ومن المؤكد أنه سيتم وصفه على هذا النحو في الصحافة".

 

واتفق محلّلون وخبراء مع وجهة النظر السابقة، معتقدين أن "ما يحدث لن يغير المشهد السياسي بشكل كبير، بل يمكن أن يساعد بايدن في بعض النواحي من خلال إظهار أن خصومه السياسيين يركزون على الألعاب السياسية ولا يركزون على الأولويات التي يهتم بها معظم الناخبين".

 

وذكروا أنه "من الواضح أن هانتر، نجل بايدن، استفاد مالياً من مشاركة الاسم الأخير، ولكن لم يكن هناك ما يشير إلى أن بايدن نفسه كان متورطاً في أنشطة ابنه".

 

"مجرد مسرحية"

 

ولا يعد التحقيق لعزل الرئيس الحالي سابقة تاريخية في الولايات المتحدة. فقبل بايدن كانت هناك 4 عمليات إجراء عزل في تاريخ البلاد، أولها أندرو جونسون في عام 1868، وبيل كلينتون في عام 1998، ودونالد ترمب "مرتين" في عامي 2019 و2021.

 

ولم تتم إدانة وعزل أي رئيس فعلياً، حتى أن الرئيس الجمهوري السابق ريتشارد نيكسون استقال في عام 1974، بينما كان مجلس النواب يستعد للتصويت على مواد المساءلة لعزله.

 

ومع ذلك، يجب أن تنتقل تهم المساءلة من مجلس النواب، إلى مجلس الشيوخ، الذي يملك سلطة العزل.

 

وسيتعين على ما يقرب من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين دعم الإدانة، وهو أمر لا يمكن تصوره استناداً إلى ما نعرفه الآن". وبسبب تلك الإجراءات، المستبعدة.

 

ويعتقد المحلل السياسي، مكيري، أن ما يحدث "مجرد مسرحية سياسية ستضيع الوقت والطاقة ولن يكون لديها أي فرصة للنجاح في إزاحة بايدن".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI