21 نوفمبر 2024
19 أكتوبر 2023
يمن فريدم-بلومبرغ

 

تتطلب مكافحة تغير المناخ دعم الحكومات في معظم أنحاء العالم، وقد أصبحت أهداف الحد من انبعاثات الكربون أكثر طموحاً، والسياسات الرامية إلى التصدي لهذا التحدي آخذة في الانتشار.

 

مع ذلك، يظهر أحد معايير التقدم مدى قصور تلك الجهود، فقد تضخمت إعانات دعم الوقود الأحفوري العالمية إلى مستوى قياسي جديد بلغ 7 تريليونات دولار، أي ما يقرب من 7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

 

يأتي هذا الرقم المذهل من آلية تقييم حدّثها صندوق النقد الدولي أخيراً، استناداً إلى بيانات مفصلة ومصنفة من 170 دولة.

 

تعتمد الآلية سالفة الذكر تعريفاً شاملاً للدعم الحكومي يجمع بين الدعم الصريح أو الإنفاق الذي يعوض تكاليف الإنتاج من جهة، والدعم الضمني المتعلق بالتقليل من تسعير الأضرار البيئية والإيرادات الضريبية الضائعة من جهة أخرى.

 

سياسات متضاربة

 

لقد تضاعفت إعانات الدعم الصريح منذ التقييم السابق لعام 2020، متجاوزةً تريليون دولار، حيث يُعزى ذلك جزئياً إلى الجهود المبذولة لتخفيف وطأة ارتفاع أسعار الطاقة بعد هجوم روسيا على أوكرانيا.

 

كما ارتفعت قيمة إعانات الدعم الضمني، التي بلغت نحو 80% من الإجمالي. لكن بعكس الدعم الصريح، يتجه الضمني للارتفاع أكثر سواءً من حيث القيمة أو كنسبة من الناتج العالمي بحلول نهاية العقد.

 

يتمخض هذا الدعم الهائل عن تعارض أهداف السياسات في غالبية الأحيان، إذ يعوّض الإبقاء على تدني أسعار الوقود الأحفوري الضرائب والإعانات وتكاليف الامتثال للوائح الأخرى التي تستخدمها الحكومات للحد من الانبعاثات وتعزيز الطاقة النظيفة.

 

على سبيل المثال، تعمل الحكومات واقعياً على دفع الطلب على الوقود الأحفوري في الاتجاه الصحيح من خلال بعض السياسات، ثم تعيده إلى حيث بدأ عبر إعانات الدعم السخية لمكافحة التلوث وتغير المناخ.

 

تتجلى الفجوة الصارخة بين الأسعار المعقولة والأسعار الفعلية على نحو استثنائي في حالة الفحم، الذي يُعد مسبباً قوياً لتغير المناخ العالمي، وسبباً رئيسياً لتلوث الهواء على المستوى المحلي في كثير من البلدان.

 

وفقاً لأحد التقديرات الرسمية، أدى تلوث الهواء الطلق إلى 4.5 مليون حالة وفاة مبكرة في 2019. كشف صندوق النقد الدولي أن 80% من استهلاك الفحم العالمي كان تسعيره يقل عن نصف تكلفته الحقيقية في 2022.

 

فجوة التسعير

 

لن يؤدي الإصرار على تكبيد الشراة التكلفة الحقيقية للوقود إلى خفض الاستهلاك والانبعاثات فحسب، بل من شأنه أيضاً محاذاة هذا الهدف بقدر أكبر من الكفاءة الاقتصادية.

 

أولاً، قد يوضح ذلك أن بعض أنواع الوقود الأحفوري أسوأ من غيرها، وهي فروق يمكن، بل ينبغي أن تخضع للتسعير وفقاً لذلك. كما سيضع التسعير الواقعي أساساً يتسم بالشفافية لمزيد من التعاون الدولي الفعال.

 

ثانياً، تختلف أسعار الوقود الأحفوري الواقعية من بلد إلى آخر وفقاً للظروف المحلية، كون تلوث الهواء وتغير المناخ يدخلان في الحسابات، لكن الفجوة بين التكاليف الحقيقية والأسعار الفعلية توفر معياراً ثابتاً للتقييم.

 

أخيراً، سيؤدي خفض إعانات الدعم إلى زيادة الإيرادات، ما يسمح بزيادة الإنفاق على أهداف جديرة بالاهتمام وخفض الاقتراض الحكومي أو خفض الضرائب الأخرى أو الجمع بين الأمرين معاً.

 

لا شك في أن الحكومات ستعزو الخلل الوظيفي الحالي للسياسة لأن جعل الوقود الأحفوري أغلى مكروه شعبياً. لكن هذا عذر غير مقنع، فإعانات الدعم الحالية يمكن توظيفها بشكل أفضل وأوسع. مع ذلك، سيوفر ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري منذ 2020 فرصة إذا كانت السياسة هي العقبة فعلاً.

 

تستطيع الحكومات، بناءً على ذلك، سحب أو تعويض إعانات الدعم القائمة في الوقت نفسه، بدلاً من السماح للأسعار بالانخفاض في الوقت المناسب والعودة إلى معايير ما قبل غزو أوكرانيا.

 

الأمر الذي من شأنه تضييق الفجوة مع التكاليف الحقيقية من دون إرغام السوق على رفع الأسعار.

 

يوضح التقييم الجديد أن الأرقام المشمولة ليست محض أخطاء تقريب، بل أرقام هائلة وتؤدي إلى نتائج عكسية بنفس القدر. لذلك، لا بد أن يشكل العمل على خفض إعانات دعم الوقود الأحفوري ثم إلغائها أولوية قصوى بالنسبة للحكومات في كل مكان.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI