في دراسة فلكية حديثة، كشفت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أن حدثاً شمسياً نادراً ترك فراغاً في الفضاء أدى إلى توسع (أو انتفاخ) يكاد يكون "عصياً على التصديق" بلغ آلاف الكيلومترات في الغلاف الجوي للمريخ.
في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، رصدت بعثة المركبة الفضائية "مافن" Mavenالتابعة لوكالة "ناسا" حدوث "الاختفاء" المفاجئ لتيار من جسيمات مشحونة تأتي باستمرار من الشمس، والمعروفة باسم د، وهو حدث فضائي فائق القوة إلى حد أنه خلف في أعقابه فراغاً أثناء انتقاله عبر النظام الشمسي.
وكشفت عمليات الرصد الفضائية أن عدد الجسيمات المشحونة التي تشكل الرياح الشمسية تراجع بشكل كبير خلال هذا الحدث.
وفي ظل غياب ضغط الرياح الشمسية، تمدد الغلاف الجوي المريخي والغلاف المغناطيسي حتى آلاف الكيلومترات، وفق عمليات الرصد التي اضطلعت بها "ناسا"، وقدمها العلماء في اجتماع الخريف الذي عقده "الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي" في سان فرانسيسكو.
جاسبر هاليكاس، الباحث المشارك في الدراسة من جامعة "أيوا" الأميركية قال إنه "عندما اطلعنا على البيانات للمرة الأولى، ورأينا الانخفاض الكبير في مستوى الرياح الشمسية، كان الأمر لا يصدق تقريباً"، مضيفاً أنه وزملاءه "شكلنا مجموعة عمل لدراسة الحدث، ووجدنا أن هذه الفترة كانت غنية بالنتائج المذهلة".
هذا وأظهرت دراسات فلكية سابقة أن المريخ، تماماً كما الكواكب الأخرى في النظام الشمسي، مغمور باستمرار بجسيمات مشحونة متدفقة من الشمس، التي تترك ضغطاً على المجال المغناطيسي للكوكب الأحمر الذي يأتي من دوران الكوكب.
الرياح الشمسية التي تضرب المريخ تتسبب بنسبة كبيرة من التسرب في حجم غلافه الجوي الذي يجد طريقه إلى الفضاء.
وخلال حدث ديسمبر 2022، سجلت كثافة الرياح الشمسية تراجعاً بلغ 100 درجة، وتسببت في انخفاض الضغط الملقى على المريخ، مما أدى إلى تضاعف حجم الغلاف المغناطيسي للكوكب أكثر من ثلاثة أضعاف.
نتج هذا الحدث من رياح شمسية سريعة الحركة تجاوزت الرياح البطيئة الحركة، مما أدى إلى اتساع وانضغاط هاتين المنطقتين معاً.
وأشار علماء "ناسا" إلى أن هذا الضغط ترك وراءه فراغاً نادراً من الرياح الشمسية ذات الكثافة المنخفضة جداً.
يقول الباحثون إن هذه الظاهرة الشمسية الكبيرة والتغير الناتج في الغلاف المغناطيسي للمريخ يمكن أن يسهما في التوصل إلى فهم أفضل للفيزياء التي تسفر عن فقدان الماء والغلاف الجوي على المريخ.
وقال شانون كاري، باحث آخر في الدراسة من "جامعة كاليفورنيا" الأميركية بمدينة بيركلي إن "المركبة الفضائية ’مافن‘ مصممة لمراقبة هذه الأنواع من التفاعلات بين الشمس والغلاف الجوي للمريخ، وقدمت بيانات استثنائية خلال هذا الحدث الشمسي الغريب".
ويوضح الباحثون أن أحداثاً مهمة على هذه الشاكلة للرياح الشمسية تبقى نادرة جداً، وتنتج في وقت يتزايد فيه النشاط الشمسي.
ومع تحرك الشمس حالياً نحو ذروة دورة نشاطها التي تبلغ 11 عاماً، يمكن أن تساعد أحدث النتائج في توفير فهم أفضل للأحداث الشمسية المتطرفة، كما يقول الباحثون.
الدكتور هاليكاس أضاف: "لقد نجحنا فعلاً في رؤية الكيفية التي يستجيب بها المريخ عند إبعاد الرياح الشمسية بشكل فعال. نحن إزاء دراسة رائعة عن الشكل الذي سيكون عليه المريخ إذا كان يدور حول نجم ذي رياح أقل".