وضعت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر مشغلي ناقلات النفط في مواجهة حسابات غير مرحب بها، إما قبول أخطار الإبحار عبر منطقة الخطر، أو خسارة أعمالهم.
قد تتزايد أخطار الصراع في المنطقة، إذ حذر تحالف من 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة يوم الأربعاء الماضي من أنه "سيحاسب الجهات الفاعلة الخبيثة على عمليات الاستيلاء والهجمات غير القانونية".
وعلى رغم الهجمات وأخطار وقوع مزيد، تصر بعض شركات النفط على أن السفن التي تستأجرها تسلك هذا الطريق بدلاً من القيام برحلة حول أفريقيا، مما قد يتطلب أسبوعين إضافيين بكلفة أعلى. وقال رئيس الأبحاث العالمية في شركة "برايمار"، وهي شركة وساطة للسفن في لندن، هنري كورا، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن مالكي الناقلات "يمكنهم القيام بالرحلة أو عدم القيام بها".
وتجاهلت أسواق النفط إلى حد كبير هجمات الطائرات من دون طيار والصواريخ حتى الآن، في حين يعتقد التجار اليوم أن هناك ما يكفي من النفط في جميع أنحاء العالم للتعامل مع أية مشكلات في العرض.
تراجع الطلب على النفط
وقال مدير الطاقة وتغير المناخ في مجموعة "أوراسيا"، وهي شركة متخصصة في الأخطار السياسية، هينينج غلوستين، للصحيفة "مخزونات النفط والغاز جيدة نسبياً في معظم مراكز الطلب الكبيرة، لذلك هناك شعور بإمكان سد الاضطرابات والتأخير"، مشيراً إلى أنه مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، تراجع الطلب على النفط.
وفي حين تقول بعض شركات النفط، بما في ذلك شركة "بريتيش بتروليوم"، إنها ستبقى خارج المنطقة، فإن شركات أخرى تواصل استخدام البحر الأحمر، الذي يوفر الوصول إلى الأسواق الأوروبية عبر قناة السويس.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "فرونت لاين"، وهي شركة ناقلات كبيرة في أوسلو، لارس بارستاد "إذا كانت لدينا القدرة على ذلك، فسنتجنب عبور البحر الأحمر، لكن هذا ليس ممكناً دائماً".
وأضاف أن شركة الناقلات هي مجرد "خدمة سيارات أجرة" تلبي طلبات العملاء مثل شركات النفط الكبرى والشركات التجارية، فبمجرد بدء الرحلة، لا يمكن للقبطان أو المالك أن يقرر فجأة التحول نحو أفريقيا بدلاً من المرور عبر قناة السويس من دون سبب قوي للغاية.
وقال إنه لإعادة توجيه سفينة جارية بالفعل، "يجب أن يكون الوضع شبيهاً بالحرب. إن الوضع ليس حربياً في الوقت الحالي على رغم أن الأمر قد يبدو كذلك بالنسبة إلى الغرباء."
ويعتقد بارستاد أن فرص استهداف إحدى سفنه بطائرات من دون طيار أو صواريخ منخفضة إلى حد ما بسبب الأعداد الكبيرة من السفن التي لا تزال تمر عبر المنطقة. وأضاف أيضاً أن شركته ليس لها تاريخ حديث في التعامل مع إسرائيل، مما يجعلها أقل هدفاً للحوثيين، ويجد بعض الراحة في الوجود البحري المتزايد للتحالف في المنطقة، وفي وجود حراس مسلحين على متن سفنه.
تكيف صناعة النفط مع الأخطار
وتتكيف صناعة النفط تدريجاً مع الأخطار المتزايدة، فبعض الناقلات تتجول في أفريقيا، في حين ينقل آخرون شحنات إلى آسيا، وتساعد زيادة الصادرات الأميركية من وقود الديزل وغيره من المنتجات المكررة أوروبا في التعويض عن انخفاض التدفقات من الهند والشرق الأوسط.
وهذا التحول السلس إلى حد ما هو أحد الأسباب التي تجعل تهديد الحوثيين ليس له تأثير يذكر في أسعار الطاقة، فسعر خام برنت، الذي يبلغ الآن حوالى 77 دولاراً للبرميل، أقل قليلاً مما كان عليه عندما اقتحم مقاتلو "حماس" إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما أدى إلى اندلاع حربها في غزة، وفي الوقت نفسه انخفضت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي بشكل كبير.
وعلى رغم أن قناة السويس قد تكون مهمة، إلا أن هناك بدائل، وكانت أكبر ناقلات النفط الخام تميل دائماً إلى الابتعاد عن القناة بسبب ضخامتها، بالتالي فإن الوضع الحالي لا يمثل تغييراً كبيراً. وفي حين قرر أصحاب بعض ناقلات الغاز الطبيعي المسال إبقاء سفنهم خارج قناة السويس موقتاً، واصلت السفن القادمة من قطر، وهي المورد الرئيس لأوروبا، استخدام الممر المصري، ربما معتقدة أن الحوثيين لن يستهدفوا مالك السفينة باعتبار أن قطر وسيط في مفاوضات "حماس" وإسرائيل، ونتيجة لذلك قالت محللة الغاز الطبيعي المسال في شركة "كبلر" لورا بيج، إن أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية "تأثرت أكثر بشتاء معتدل حتى الآن".
ويعتقد المطلعون على صناعة الشحن أن روسيا، التي ترسل كميات كبيرة من النفط عبر القناة، من المرجح أيضاً أن تكون محصنة ضد الهجمات.
وقال رئيس الشؤون الجيوسياسية في شركة "إنرجي أسبكتس للأبحاث" ريتشارد برونز، "السوق ليست قلقة في شأن أخطار العرض. سيستغرق الأمر كثيراً لإعادة الارتفاع المستدام في أسعار النفط".