مبادرة للمجتمع المدني اليمني رغم ظروف الناس الصعبة -تستهدف شق طريق بطول 55 كيلومترا يستفيد منها أكثر من 20 ألف شخص يقطنون جبالا وعرة وسط اليمن- بدأت منذ سنوات لكنها تحتاج الدعم في ظل غياب الدولة وما زال يجب فعل الكثير.
في أواخر أيلول / سبتمبر 2021 هوت سيارة في جبال خودان الشاهقة وعليها 25 شخص - كانوا في طريقهم لحضور عزاء- لكن وعورة الطريق الجبيلة جعلت منهم عزاء أيضا، ما دفع أبناء المنطقة لإطلاق مبادرة "رص" لرصف الطريق التي تصل بين منطقتي خودان ويريم في محافظة ذمار وسط اليمن.
وقد شهد اليمن مبادرات عديد ناجحة في شق ورصف الطرق والوصل بين القرى المترامية على القمم الجبلية الشاهقة، فقد نجح الصراع في إيقاف عجلة التنمية منذ أول شرارة للحرب ومثل حافزا دفع بالشباب للمبادرة والتكاتف في إنجاز مشاريع كان ينبغي في الواقع على الدولة الغائبة تنفيذها.
هل تُرصَف الطريق رغم الظروف القاسية وكم من الوقت سيطول ذلك؟
55 كم هي مسافة الطريق التي استهدفتها مبادرة "رص" لرصف طريق جبلية تصل بين يريم وخودان أُنجز منها عدد من المراحل وتُغلِّب فيها على بعض العقبات.
وما زالت في قيد التنفيذ وتستهدف الطريق إفادة أكثر من 20 ألف مواطن يقطنون تلك الجبال المعلقة في محافظة ذمار وسط اليمن.
محمد حسين القحطاني رئيس المبادرة يقول لـ DW عربية: "ما زلنا في المرحلة الثانية من المشروع ونواجه مشاكل عديدة في وعورة الجبال الشديدة والاحتياج الدائم للدعم نظرا لظروف الناس الصعبة هناك".
ويضيف: "ومنذ بداية المشرع قبل ثلاث سنوات أنجزنا القليل ومازالت توجد مراحل أخرى وبسبب وعورة الطريق يصعب علينا نقل المواد ما يؤخر الإنجاز".
يشار إلى أنه ثمة مشاريع طرق عديدة رُصِفَت بمبادرات أهلية في ذمار وشُقَّتْ مجموعة طرق تربط بين عدة قرى.
بدأت مبادرة "رص" بتشكيل لجنة من شباب المنطقة أجروا دراسة جدوى للرصف الطريق ونشرتها هذه الدراسة بين وجهاء وأعيان المنطقة لتوفير الدعم الكافي من خلال هذه المبادرة التي يعمل عليها بعض خمسة شبان فقط استطاعوا جمع 1400 دولار، وأنجزوا المرحلة الأولى وهم بحاجة قرابة 6000 دولار لإنجاز بقية المراحل.
كما أوضح القحطاني أن "التعاون الكبير الذي أبداه أبناء المنطقة، سواء بالتبرع أو بالمشاركة في إنجاز العمل كانت حافزا للاستمرار ولإكمال الشريان الوحيد الذي سيصل بين تلك القرى.
"قد نتوقف عن رصف الطريق بسبب شحة الإمكانات"
منذ عام 2019 وبداية عمل المبادرة ذللت الصعاب التي كانت تواجه المركبات العابرة في تلك الشواهق الجبلية حيث بدأت بالعمل بالأماكن الشديدة الخطورة وتطويعها للمركبات.
يقول القحطاني لدويتشه فيله: "منذ بداية مبادرة إصلاح الطريق من يريم إلى عزلتنا خودان هناك مواقع كانت شديدة الخطورة مثل نقيل يسمى غول الطلح كان السفر فيه مرعبا جدا لكن اليوم هو أسهل المواقع التي نمر فيها بلا خوف".
ويضيف: "نحن نواجه المستحيل و لا تزال توجد -على امتداد جغرافيا العزلة وفي أماكن مختلفة- عقبات شديدة الخطورة، يعني لا يزال أمامنا مشوار طويل لكي نتخلص من مشقات السفر".
ويواصل كلامه قائلاً: "العقبة التي نعمل على رصها بحاجة ماسة وضرورية للمساعدة في الاستمرارية وقد نتوقف نظرا لشحة الإمكانات وظروف الناس القاسية جدا".
تلاحم شعب يحاول التغلب على أزماته بنفسه عبر مبادرات مجتمعية
من جانبه أكد مدير المبادرات بمحافظة ذمار محمد الخطري على أهمية الدعم وتفاعل المجتمع المدني في إنجاح مشاريع المبادرات.
وأوضح -لوسائل إعلام محلية- أن مشاريع المبادرات المجتمعية تشمل للمرحلة الأولى 161 مبادرة منها 142 في مجال الطرق "رصف - شق - مسح".
وتتوزع على مديريات وصاب العالي ووصاب السافل وعتمة، والمنار وعنس وميفعة عنس ومغرب عنس والحداء وضوران ومدينة ذمار. وتوجد 19 مبادرة في مجالي المياه والتعليم تتوزع على مديريات عتمة ومغرب عنس والحداء.
وخلقت مبادرة "رص" الأمل من رحم المعاناة وخاضت غمار التحدي معتمدة على التكافل والتماسك، وهي تحاول أن تتغلب على الصعاب.
وتسعى هذه المبادرة إلى توفير خدمة شق طريق لمجتمع حُرم منها منذ ثماني سنوات، وأتت كصورة مصغرة عكست تلاحم شعب مجتهد في محاولة التغلب على أزماته بنفسه.
(DW عربية)