"أشعر بالفخر عندما أساعد الأشخاص الضعفاء." هكذا تحدثت ألفت، وهي متطوعة متخصصة في مجال الصحة المجتمعية تعمل مع المنظمة الدولية للهجرة في تعز.
ولأنها أم لطفلين، تجد ألفت صعوبة في الابتعاد عن أطفالها لفترات طويلة من الزمن. ومع ذلك، فهي لا تتهاون في التزامها بالعمل التطوعي، مدفوعة بالمعنى العميق الذي يحمله لها هذا العمل.
يمتد تفاني ألفت إلى ما هو أبعد من دعم الفئات الضعيفة في المناطق النائية؛ كما أنها تعتني بابنتها التي تعاني من مرض مزمن. ومن خلال دورها كمتطوعة صحة مجتمعية والحوافز التي تتلقاها، أصبحت قادرة على تأمين الدعم الحيوي لأسرتها وضمان تلبية احتياجاتهم.
في خضم الصراع الذي طال أمده في اليمن، تبرز المساهمة القيمة التي يقدمها متطوعو الصحة المجتمعية مثل ألفت.
وفي ظل التقارير التي تشير إلى أن أقل من نصف المرافق الصحية في البلاد تعمل بكامل طاقتها أو بشكل جزئي، ويفتقر العديد منها إلى المعدات الأساسية لتقديم الخدمات الدُنيا، حينها يصبح دور متطوعي الصحة المجتمعية بالغ الأهمية.
عوائق الوصول إلى الخدمات
في تضاريس تعز الوعرة، غالباً ما يكون الحصول على الرعاية الصحية بثمن باهظ. وهذه المناطق التي يصعب الوصول إليها معرضة بشكل خاص لمخاطر ضد الصحة العامة، مع محدودية الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية مما يؤدي إلى تفاقم مواطن ضُعف السكان.
في أوقات المرض، يتحمل أفراد المجتمع تكاليف النقل الباهظة للوصول إلى المراكز الصحية البعيدة. ومع ذلك، وبفضل جهود المتطوعين مثل ألفت، يمكن الآن للدعم الأساسي أن يصل إلى عتبة المحتاجين، مما يخفف الأعباء المفروضة على المجتمعات الضعيفة.
تقول ألفت: "عندما أزور المجتمعات المحلية، غالباً ما أُضطر إلى المشي لمسافات طويلة، وفي بعض الأحيان عبور الجبال، وهو ما قد يكون صعباً". "ومع ذلك، فأنا أعلم مدى أهمية هذا العمل بالنسبة لأولئك الذين ندعمهم ولا أريد أن أخذلهم".
أبطال صحة المجتمع
يلعب المتطوعون دوراً أساسياً في مكافحة التحديات المتعلقة بالصحة، والتغذية، والمياه والصرف الصحي والنظافة على المستوى الشعبي في كل من المجتمعات النازحة والمضيفة، وتوسيع نطاق الخدمات الأساسية للمجتمعات المحرومة بعيداً عن مرافق الرعاية الصحية التقليدية.
ويعمل المتطوعون، ومعظمهم من النساء، المسلحين بالمعرفة والتعاطف، على سد الفجوات بين الخدمات، وضمان الإحالات السلسة وتحديد الأشخاص الذين هم في حاجةٍ ماسة. وفي أوقات الأزمات، يقدمون التعاطف والدعم، والإسعافات الأولية الأساسية والدعم لمراقبة تفشي المرض.
وفي عدة قرى، يؤدي عدم أو ضعف الوصول إلى الخدمات الصحية إلى تفاقم المشكلات الصحية الشائعة مثل الالتهاب الرئوي والملاريا والإسهال، فضلاً عن وفيات الأمهات بسبب فقر الدم وسوء التغذية والمضاعفات أثناء الحمل أو الولادة. يقوم المتطوعون برحلات واسعة النطاق للوصول إلى المجتمعات المحلية في تعز لتوفير الرعاية الضرورية للأمهات الحوامل والأطفال ومراقبة صحتهم.
من خلال العمل بشكل وثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية ومكاتب الصحة المحلية، فإن الهدف الشامل لمبادرة متطوعي الصحة المجتمعية هو توفير الخدمات الصحية الأساسية، وتعزيز الثقافة الصحية المجتمعية، وتعزيز الروابط بين المجتمعات المحلية ومرافق الرعاية الصحية الرسمية، وتعزيز السلوكيات الاستباقية في البحث عن الخدمات الصحية.
تخطي الظروف لخدمة الآخرين
ومثل ألفت، خلود متطوعة أخرى أظهرت دعمها للمجتمعات النازحة. وحتى قبل اندلاع الصراع، أبدت شغفاً شديداً للتعليم وخدمة المجتمع، حيث عملت كمعلمة في مجال محو الأمية خلال سنوات دراستها الثانوية ثم كمعلمة في مدرسة محلية. عندما اندلعت الحرب في مناطق مختلفة من تعز، أخذت خلود على عاتقها دعم المجتمعات الضعيفة.
"من أصعب المشاكل التي واجهتنا هي امتناع بعض السكان عن السماح لفريقنا بالدخول إلى منازلهم،" تذكرت الشابة البالغة من العمر خمسة وعشرين عاماً، وأضافت: "ومع ذلك، فمن خلال زياراتنا المنتظمة للقرية، اكتسبنا ثقة المجتمع تدريجياً، وهم الآن يُسعدون لرؤيتنا".
على الرُغم من الظروف القاسية في اليمن، التي جعلت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لخلود وعائلتها وعدد لا يُحصى من الآخرين، قررت التطوع كعاملة صحية. ولأنها واحدة من أفراد المجتمع المحلي تدرك خلود جيداً مدى صعوبة الحصول على الرعاية الصحية في مجتمعها.
وتشرح خلود: "في بداية تجربتي كمتطوعة، كان علي أن أسير على طول الطريق الجبلي لمدة ساعة تقريباً للوصول إلى وسائل النقل العام التي نقلتني إلى القرية التي تطوعت فيها".
وأضافت"شعرتُ بالسعادة للمشي كل هذه المسافة، لأني كنت أعلم أني في طريقي لمساعدة الآخرين".