كان اليمن في عام 1945 على موعد بمولود ثائر وشهيد نذر حياته وربيع شبابه لمقاومة محتل غاصب جثم على أرض جنوب الوطن ردحا من الزمن، ففي قرية الجبانة عزل الدعيسة مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز ولد الشهيد مهيوب علي غالب الشرعبي (عبود) ليكون شرارة ثائر ومشروع شهيد قادم.
ميلاد شهيد
وإذا كانت الأقدار قد أخذت اباه وهو إبن ثلاث سنوات لكن الوطن باقٍ ولا يموت تلقى تعليمه الأول في قريته (المعلامة) والتي كانت بمثابة ابجديات أولية لتعلم القراءة والكتابة وتعادل الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية وعندما أكمل حفظ القرآن الكريم مع بعض المعارف في عام 1955، انتقل الشهيد مع بعض زملائه صوب مدينة عدن لكون أغلب أبناء تعز كانوا يفضلوا التوجه نحو مدينة عدن لقربها جغرافيا من مدينتهم وذلك للتجارة وطلب العلم وهروب من جور الإمامة في الشمال، وإن كانت عدن ترزح تحت محتل فكأن اليمني قدر له أن يعيش ويكتوى بنارين إمامة في الشمال ومحتل في جنوب الوطن .
فالتحق الشهيد عبود بالمدرسة الأهلية في مدينة التواهي بعدن وعند استكمال المرحلة الابتدائية ولظروف مادية لم يتمكن الشهيد من مواصلة الدراسة الإعدادية المنتظمة حيث التحق بسوق لعمل إلا أن هذا لم يفت في عضده أو يوهن في إرادته وعزيمته فواصل الدارسة المسائية حتى أكمل المرحلة الإعدادية.
شرارة ثائر
وخلال سنوات دراسته في عدن كانت تنمو بداخله مشاعر الوطنية وحب الوطن وهو يرى وطنه ممزق أرضا وانسانا فجزء من الوطن محتل من قبل النظام السعودي ( بعد حرب 1934 ) و بين إمامة رجعية في شمال الوطن ومستعمر غاصب ومستبد بجنوب الوطن مزقه إلى أكثر من 24 سلطنة ومشيخة وإمارة مستند لسياسته ( فرق تسد ) وسياسة (التقدم نحو الأمام ) لتوسع خارج عدن ولنهب ثروات الجنوب وخيراتها فكانت تلك الأوضاع والمآسي بالنسبة لشهيد عبود أشبه بجمرة تتوقد تحت رماد لعلها تجد رياح قوية لتشعلها وتتحول من شرارة إلى نار ثورة تحرق المستعمر وأذنابهم وهو يرى كيف حول المستعمر عدن والمحافظات الجنوبية لتحقيق أهدافه ومطامعه الاستعمارية .
وفي عام 1961 ألتحق الشهيد بدراسة قواعد اللغة العربية في نادي الأعروق بمدينة المعلا في عدن، حيث كان أبناء تعز ينشؤون العديد من الأندية التعليمية والثقافية في عدن، والتي كانت منتديات سياسية فكان النادي يقومون بتدريس قواعد اللغتين العربية والإنجليزية وفي وأثناء الدراسة في النادي تعرف الشهيد على مبادئ وأهداف حركة القوميين العرب حيث التحق الشهيد بعضويه وصفوف الحركة وفي ورتب وضع تنظيمي للشهيد في إطار القطاعات التنظيمية لحركة القوميين العرب في عدن. فكانت ذلك أول هبوب لرياح لإشعال تلك الجمرة الثورية من تحت الرماد.