دخلت الأزمة المالية والمصرفية في اليمن مرحلة صعبة، في ظل تسارع انهيار العملة المحلية والوضعية المقلقة للقطاع المصرفي مع ظهور تسريبات تتحدث عن تهريب الأموال عبر مطار عدن نفاها البنك المركزي، واعتبرها معلومات مضللة صادرة من وسائل وجهات يفترض أنها وطنية ورصينة.
يأتي ذلك في الوقت الذي وصلت فيه أزمة المصارف اليمنية إلى طريق مسدود، وسط المخاوف المتصاعدة حول وضعيتها التي تهدد بعضها بالإفلاس، في ظل تدهور متواصل للعملة المحلية التي سجلت رقماً قياسياً بتجاوزها حاجز 1720 ريالاً مقابل الدولار، بعد إعلان البنك المركزي اليمني عن المزاد الثامن للعام الحالي 2024، لبيع العملات الأجنبية.
وانتهت مهلة نقل مقار البنوك الرئيسية من صنعاء إلى عدن والمحددة بشهرين نهاية مايو/ أيار الماضي، وتزامن ذلك مع تفاقم أزمة الودائع والسيولة في هذه المصارف والتساؤلات المثارة حول خطورة مراكزها المالية، في ظل هذا الصراع المحتدم الذي يلقي بتبعاته على معيشة جميع سكان اليمن.
ويؤكد رئيس جمعية البنوك اليمنية محمود ناجي لـ"العربي الجديد" أن القطاع المصرفي يواجه أزمة سيولة نقدية متفاقمة، محذراً من نتائج وتبعات القرارات التي تصدر، والتي يصفها بالتعسفية والتصريحات اللامسوؤلة من بعض الأطراف، حيث تزيد تعقيدات الوضع المتفاقم.
ويجدد ناجي تذكير المسؤولين في البنك المركزي في عدن الذين دأبوا، وفق حديثه، على إصدار التصريحات المثيرة المهددة للاستقرار في القطاع المصرفي، بأن يعملوا على دعم مؤسسات القطاع المصرفي وترسيخ الاستقرار والطمأنينة في الأسواق، وتلك مسؤولية قانونية أناطها القانون بهم، وأن يقلعوا عن التباهي بقدرتهم على إلحاق الضرر بالبنوك والمودعين.
أما الباحث الاقتصادي رشيد الحداد يشير، لـ"العربي الجديد"، إلى السياسات النقدية التي تنتهجها الحكومة في عدن والبنك المركزي والتي لم تحقق أي أثر ملموس، أو على الأقل لم تضع حداً لاضطراب وتهاوي سعر صرف العملة المحلية.
كما يرى الحداد أن نظام مزادات العملة أثبت فشله وعدم الجدوى من تنفيذه، حيث يضاف إلى جملة من الإجراءات والقرارات التي تقود الوضع الاقتصادي والعملة الوطنية إلى حافة الهوية، إذ حول هذا النظام البنك المركزي إلى منصة مضاربة مركزية بالعملة لا يختلف أداؤها عن الصرافين والشبكات والشركات المضاربة بالعملة.
كان البنك المركزي قد أعلن، الأسبوع الماضي، عن نتائج المزاد الثامن لبيع العملة، حيث باع البنك الدولار بالمزاد وفق وثيقة رسمية اطلعت عليها "العربي الجديد" بنحو 1731 ريالاً حداً أعلى، في حين حدد السعر الأدنى بنحو 1700 ريال، إذ يتوقع مصرفيون أن يؤدي ذلك إلى تسارع انهيار سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية.
الخبير المصرفي وحيد الفودعي يرى في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الوضع يحتاج إلى مراجعة عندما يصل إلى مرحلة صعبة تراوح فيها كثير من الأمور مكانها، معتقداً أن وضعية العملة المحلية المقلقة تتطلب مراجعة الكثير من السياسات والإجراءات والبحث في الأسباب الحقيقية لما يحدث، في إشارة واضحة إلى نظام المزادات.
المركزي ينفي تهريب الأموال
في المقابل، استهجن البنك المركزي اليمني في عدن ما جرى تداوله بشأن خروج مبالغ مالية كبيرة من إحدى العملات الأجنبية عبر مطار عدن الدولي إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية من دون علم البنك، والجهل الفاضح، كما قال، بالإجراءات الدولية الخاصة بالتعامل مع حمل النقد بواسطة الأفراد أو إجراءات ترحيله بواسطة البنوك أو الشركات المصرح لها في بلد الترحيل، أو بلد الاستقبال.
كما أكد البنك أن تلك الإجراءات لا تسمح بترحيل أو استقبال أي مبالغ تزيد عن عشرين ألف دولار حداً أقصى، ما لم تكن مصحوبة بشهادات وتصاريح كتابية موثقة من السلطات النقدية إلى السلطات الجمركية في المنافذ الوطنية لخروج هذه العملات، بعد أن تكون قد أخضعتها لكل معايير ومتطلبات التحقق الدولية المقرة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يوضح الفودعي أن ترويج مثل هذه الأخبار يُحدث بلبلة كبيرة تضر كثيراً بسوق الصرف ويُسخر الأوضاع لخدمة المضاربين وعصابات الصرف، إذ إن هناك إجراءات دولية خاصة لحمل النقود وترحيلها عبر المنافذ الجمركية.
الجدير بالذكر أن هذه التسريبات تزامنت مع إعلان البنك المركزي اليمني في عدن عن المزاد الثامن لبيع العملات الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى اشتعال سوق الصرف وتهاوي سعر الريال اليمني.
(العربي الجديد)