في سياق إيمان القوى والمكونات اليمنية الرافضة لمشروع جماعة الحوثيين أن المعركة مع الجماعة لا تنحصر في الجانب السياسي والعسكري، بل تتعداهما إلى الجانب الفكري، اجتمعت أحزاب ومكونات سياسية وكيانات نقابية وقيادات في السلطة المحلية، وقيادات عسكرية وأمنية، ولجنة تعزيز الثقافة الوطنية والوعي الجمهوري، في مدينة تعز اليمنية الخميس الماضي، بهدف مناقشة ووضع وثيقة فكرية لمواجهة الحوثيين ضمن رؤية فكرية موحدة وشاملة، لتحصين الفرد والمجتمع من "خطورة" مشروع جماعة الحوثي.
واستعرض اللقاء، الذي جاء ضمن مخرجات اجتماع لجنة تعزيز الثقافة الوطنية والوعي الجمهوري، ملخصاً بالمهام والإجراءات التي تتبناها وثيقة فكرية لمواجهة الحوثيين بناء على الموجهات العامة لهذا المشروع، وإيجاد محاور خاصة لتنفيذ الخطط والأنشطة المختلفة التي على ضوئها شكلت لجنة تطوير الرؤية والأدبيات والموجهات العامة للخطط، وعقد لقاءات سابقة، والتي أكدت جميعها ضرورة وضع آليات وبرامج عمل التوعية بمخاطر الفكر الحوثي.
صياغة وثيقة فكرية لمواجهة الحوثيين
كما أكد اللقاء أهمية إشراك المفكرين والأكاديميين والإعلاميين والمثقفين في صياغة الرؤى العلمية والفكرية والتاريخية والسياسية المناسبة، وتحصين المجتمع من خلال تقديم كل قطاع لرؤيته، كل فيما يخصه، ورفعها ليتسنّى رفع الرؤية العامة والبدء بالأنشطة الميدانية.
وشدد اللقاء على أهمية تضافر كل الجهود نحو مواجهة المشروع الحوثي، وترسيخ الوعي الجمهوري، وتعزيز الثقافة الوطنية بين أوساط المجتمع عبر كل الوسائل الإعلامية وغيرها، وصياغة وثيقة فكرية لمواجهة الحوثيين على أن موحدة لتحقيق أهداف البرنامج العام. وعقدت لجنة تعزيز الثقافة الوطنية والوعي الجمهوري لقاء مع مفكرين وباحثين.
وأقر الاجتماع تشكيل فريق يضم عدداً من الأكاديميين والباحثين المختصين برئاسة بلال الطيب رئيس مؤسسة الجمهورية للصحافة والنشر، يتولى إعداد وتجهيز الأدبيات والأوراق لمشروع إعداد وثيقة فكرية لمواجهة الحوثيين وفقاً للبرنامج العام، وتقديمها لرئاسة اللجنة لمناقشتها وإقرارها ضمن الرؤية العامة.
المسؤول الإعلامي لفرع التجمع اليمني للإصلاح في تعز، أحمد عثمان، قال لـ"العربي الجديد" إن "الهدف من إنشاء وثيقة فكرية لمواجهة الحوثيين هو هدف ثقافي توعوي، فالوعي هو حجر الزاوية في معركة هوية وثقافة في المقام الأول، خصوصاً أن المعركة التي يخوضها الحوثي لها شقان: عسكري وثقافي، والثقافي هو الشق الأخطر والمستمر".
واعتبر أن "لدى الحوثي عقيدة عنصرية وهوية أمامية ترسخ نظرية السيد والعبد، وهي تعمل على نشر ذلك عبر الإعلام والتربية والدورات والمنابر المختلفة، بما يمثل خطورة على وعي الشعب والأجيال، وهو ما يوجب أهمية قيادة عملية تحصين ثقافي وفكري لتأسيس قيم الحرية والمساواة وحق الشعب في السلطة والثروة".
وأضاف عثمان أن للرؤية محددات، أهمها حشد المجتمع أمام أهداف الثورة وقيم الجمهورية والإعلاء من شأن المواطنة المتساوية، وأهمية حكم الشعب نفسه عبر تبادل سلمي للسلطة وتكافؤ الفرص.
وأشار إلى أن الرؤية تبنتها السلطة والأحزاب بمبادرة من المحافظ والأحزاب والمفكرين، كي تنفذ مفاهيمها الأساسية ومحاورها الوطنية عبر أنشطة تعليمية وتوعوية في منابر ووسائل الأحزاب الإعلامية والسياسية ومؤسسات ومكاتب السلطة المعنية التعليمية والإعلامية والشبابية، وهو الواجب الوطني الذي بسبب غيابه تمكّن الحوثي من التسلل عبر أجهزة الجمهورية.
وأكد عثمان أن رؤية "التجمع اليمني للإصلاح" هي من ضمن الرؤية الوطنية العامة التي اعتُمدت من الأحزاب والسلطة لكي تكون عبارة عن رؤية ثقافية ووثيقة عمل ثقافي مشتركة تحافظ على الهوية الجمهورية ومبادئ الحرية والمواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص".
أكبر عملية حوثية لغسيل الأدمغة
من جهته، قال الكاتب الصحافي سلمان الحميدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوثيين يركزون على غرس أفكارهم في أكبر عملية غسيل للأدمغة يشهدها اليمن منذ قيام الجمهورية سنة 1962، فمعركة اليمنيين مع الحوثي تحركها فكرة في الأصل، وقد عبر عنها الحوثيون صراحة بما يسمى الوثيقة الفكرية قبل سنوات، والتي تدور حول الاصطفاء، بمعنى أنهم فئة تختلف عن باقي اليمنيين وفق مبدأ (أنا خير منه)، والحوثيون يريدون دمغ الفكرة في أذهان اليمنيين، لتحويلهم إلى مجرد أدوات تعمل في خدمة الفكرة المحاطة بهالة التقديس".
وأضاف الحميدي أن "الخطير في الأمر أن جماعة الحوثي تركز على فئة الأطفال والمراهقين، تستهدف جيلاً لاستثماره في المستقبل القريب، وتقول الإحصائيات إن 40% من سكان اليمن لا تتجاوز أعمارهم الـ15 عاماً، ولهذا يغيّر الحوثي المنهج الدراسي في مناطق سيطرته، وكذلك يقيم المراكز الصيفية ويشرف على الأنشطة المدرسية".
وتابع: "لهذا تبرز أهمية المواجهة الفكرية التي تفند مزاعم الحوثي الفكرية، ونحتاج إلى مغادرة مربع الركود عبر برامج وأنشطة مكثفة تخاطب الفئات المختلفة، تخاطب اليمنيين في المناطق المحررة وتحدث نوعا من الحراك الفكري، وأخرى تخاطب اليمنيين في مناطق الحوثيين وتمكنهم من المقاومة والصمود أمام الفكر الظلامي الاستعلائي الذي يضخّه الحوثيون".
(العربي الجديد)