شن الجيش الإسرائيلي السبت ضربات "دقيقة وموجهة" على مواقع تصنيع صواريخ وقدرات جوية أخرى في إيران ردا على الهجوم الذي شنته طهران عليها مطلع الشهر الحالي، مهددا الجمهورية الإسلامية بجعلها تدفع "ثمنا باهضا" في حال قررت الرد.
وأكدت طهران أن هجوما إسرائيليا استهدف مواقع عسكرية في طهران ومناطق أخرى في البلاد وتسبب بأضرار محدودة.
وكانت إسرائيل تعهّدت الردّ على الهجوم الإيراني بالصواريخ البالستية الذي استهدفها في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر.
وكان ذلك الهجوم الإيراني الثاني على الدولة العبرية، بعد هجوم في 13 نيسان/ أبريل.
وأكدت واشنطن أنّ هذه الضربات الإسرائيلية تأتي في إطار "الدفاع عن النفس"، في وقت ندّدت المملكة العربية السعودية بـ"الاستهداف العسكري" الذي تعرضت له إيران، محذّرة من توسع رقعة الصراع، من دون أنّ تشير صراحة إلى إسرائيل.
وقبيل السادسة صباحا، أعلن الجيش الإسرائيلي انتهاء الضربات الجوية على أهداف عسكرية في إيران موضحا في بيان "الضربة الانتقامية تمت والمهمة أنجِزَت".
وأضاف أنه "بناء على معلومات استخبارية، قصفت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي منشآت تصنيع صواريخ أنتِجت فيها صواريخ أطلقتها إيران على دولة إسرائيل خلال العام الفائت".
وتابع "في الوقت نفسه، ضرب الجيش الإسرائيلي منظومات صواريخ أرض-جو وقدرات جوية إيرانية إضافية، كانت تهدف إلى تقييد حرية عملية إسرائيل الجوية في إيران".
وأشار إلى أن الضربات نُفّذت ردا على الهجمات الإيرانية الأخيرة ضد إسرائيل ومواطنيها.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري في بيان منفصل "إذا ارتكب النظام الإيراني خطأ ببدء دورة تصعيد جديدة، سنضطر إلى الرد"، مضيفا "رسالتنا واضحة: كل الذين يهدّدون دولة إسرائيل ويحاولون إغراق المنطقة في تصعيد أوسع سيدفعون ثمنا باهظا".
وأكد "باتت إسرائيل الآن تتمتع بهامش تحرك أوسع في أجواء إيران أيضا".
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أعلن فجرا أن الجيش "يهاجم (…) بشكل موجّه بدقة أهدافا عسكرية في إيران وذلك ردّا على الهجمات المتواصلة للنظام الإيراني ضد دولة إسرائيل على مدار الأشهر الأخيرة".
وأتى ذلك على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة المتواصلة منذ سنة والتي توسعت منذ أكثر من شهر الى لبنان مع حرب مفتوحة بين إسرائيل وحزب الله. ويشكّل حزب الله وحماس جزءا من “محور المقاومة” بقيادة إيران.
وفتح حزب الله اللبناني غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة “جبهة إسناد” لحركة حماس ضد إسرائيل.
وتتعرّض إسرائيل لهجمات بصواريخ ومسيرات بشكل متقطع من اليمن يطلقها المتمردون الحوثيون ومن العراق تنفّذها مجموعات عراقية مسلحة موالية لإيران ومن سوريا حيث ينشط حزب الله ومجموعات موالية لإيران.
ونفّذت إيران هجومها الأول على إسرائيل، ردّا على غارة إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق قتل فيها قادة وعناصر في الحرس الثوري الإيراني.
وجاء الهجوم الثاني ردّا على مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ومعه قيادي في الحرس الثوري في غارات إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 أيلول/ سبتمبر ومقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في هجوم نسبت الى إسرائيل في طهران في 31 تموز/ يوليو.
"انفجارات"
في طهران، أفاد التلفزيون الرسمي عن سماع دوي "ستة انفجارات" قرب طهران.
وذكر صحافي في وكالة فرانس برس أنه سمع دويها.
وقال التلفزيون إنّ "الانفجارات المدوّية الستة التي سُمعت في محيط طهران مرتبطة بتفعيل منظومة الدفاع الجوي ضد عملية الكيان الصهيوني الذي هاجم ثلاثة مواقع في ضواحي طهران".
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" إن الانفجارات الأولى سمعت قرابة الساعة 02.15 بالتوقيت المحلي (22.45 ت غ)، لا سيما الى غرب طهران.
وقالت قوات الدفاع الجوي الإيرانية في بيان إنّ إسرائيل قامت "بمهاجمة مراكز عسكرية في محافظات طهران وخوزستان (جنوب غرب) وإيلام (غرب)" عند الحدود مع العراق "في خطوة تثير توترا".
وأضافت "بينما تم اعتراض هذا العمل العدواني ومواجهته بنجاح من قبل المنظومة الشاملة للدفاع الجوي، فقد لحقت أضرار محدودة ببعض النقاط، ويجري التحقيق في أبعاد الحادث".
وبعد الانفجارات الستة التي أبلغ عنها التلفزيون الرسمي، كان بالإمكان سماع ومشاهدة انفجارات متواصلة مصحوبة بشهب ضوئية من العاصمة الإيرانية، حسبما أفاد مراسلو فرانس برس.
وأعلنت إيران استئناف الرحلات الجوية بعد تعليق قصير جراء الهجوم الإسرائيلي.
وبعد إعلان الهجوم على إيران، ترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اجتماعا تقييميا السبت ضمّ كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في البلاد، وفق ما ذكر متحدث باسمه.
وقال المتحدث في بيان إنّ الاجتماع الذي عقد في قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب حضره "وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ورئيس الموساد (الاستخبارات الخارجية) ورئيس الشاباك (الاستخبارات الداخلية)".
"دفاعا عن النفس"
في واشنطن، قال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة علمت مسبقا بالضربات الإسرائيلية على إيران لكنها غير مشاركة فيها.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت إن "الضربات الموجهة ضد أهداف عسكرية" تأتي في إطار "الدفاع عن النفس وردا على هجوم إيران بصواريخ بالستية ضد إسرائيل في الأول من تشرين الأول/أكتوبر".
وأضاف "نحث طهران على وقف هجماتها على إسرائيل لإنهاء دوامة القتال من دون مزيد من التصعيد".
كذلك، شدد على أن الولايات المتحدة لم تشارك في الضربات الإسرائيلية مؤكدا أن "هدفنا هو في تسريع المسار الدبلوماسي وخفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط".
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن الرئيس جو بايدن وفريق الأمن القومي في البيت الأبيض عملوا مع "الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة لحثهم على القيام برد محدد الأهداف ومتناسب مع خطر متدن لإلحاق أضرار مدنية".
وفي الأسابيع الأخيرة، عملت إيران على جبهتين متناقضتين مع استمرار في التوتر المتصاعد واعتماد مقاربات دبلوماسية في الوقت ذاته.
فبينما توعد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي إسرائيل الخميس بضربة "موجعة" في حال هاجمت أهدافا إيرانية، كان وزير الخارجية عباس عراقجي منخرطا في حملة دبلوماسية مكثّفة زار خلالها جميع دول الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل خلال أسبوعين.
"ضربات في سوريا"
من جهة أخرى، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري أن إسرائيل شنّت "حوالى الساعة الثانية من فجر اليوم السبت، عدوانا جويا برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل والأراضي اللبنانية مستهدفا بعض المواقع العسكرية في المنطقة الجنوبية والوسطى".
وأضاف المصدر "تصدّت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت عددا منها، وما يزال العمل جاريا على تدقيق نتائج العدوان".
وفي إسرائيل، أعلن الجيش أنه اعترض مسيّرتين آتيتين من لبنان، فيما أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" الموالية لإيران أنها أطلقت مسيّرة نحو "هدف عسكري" في عكا في شمال إسرائيل.
وكانت السلطات العراقية أعلنت فجر السبت وقف حركة الطيران بشكل تام في جميع مطارات البلاد "حتى إشعار آخر" بسبب "التوترات الإقليمية"، و"من أجل الحفاظ على سلامة الطيران المدني في الأجواء العراقية".