حول مهمة SpaceX Crew-8، تحدّث ثلاثة من رواد الفضاء الذين نُقلوا إلى المستشفى على نحو مفاجئ إثر عودتهم من محطة الفضاء الدولية في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول،وذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته وكالة ناسا.
روى الثلاثي بعض النوادر حول تجارب إعادة التكيّف مع الحياة على الأرض بعد قضاء أكثر من 230 يومًا في الفضاء.
لم يكشف روّاد الفضاء عن طبيعة المشكلة الطبية التي تركت أحد أفراد الطاقم الذي لم يُكشف عن اسمه، في المستشفى طوال الليل. لكنهم تناولوا بعض الأعراض التي عانوا منها أثناء إعادة التكيّف مع الحياة بفعل تأثير الجاذبية.
وقال قائد المهمة ماثيو دومينيك، رائد الفضاء في وكالة ناسا: "طرت لأول مرة، وأنا مفتون بإعادة التكيف. أكثر الأمور التي تتوقعها التشويش، والدوار. بيد أنّ أبسط الأمور مثل مجرد الجلوس على كرسي صلب.. لم أضع مؤخرتي حقًا على قطعة صلبة لمدة (235) يومًا".
وأضاف دومينيك أنه فيما كان يتناول العشاء في الآونة الأخيرة مع عائلته بالخارج، اضطر إلى الاستلقاء على منشفة في الفناء كي يبقى مشاركًا في المحادثة، لأنّ مقعده كان غير مريح.
ومازح بالقول: "لم أقرأ ذلك بكتاب. مهلا، أنت ذاهب إلى الفضاء. سيكون من الصعب الجلوس على كرسي صلب".
وأجاب دومينيك وزميلاه رائدا الفضاء في ناسا مايكل بارات وجانيت إبز على الأسئلة الجمعة، فيما لم يشارك زميلهم الرابع رائد الفضاء الروسي ألكسندر غريبنكين "بسبب جدول سفره"، وفق ما أفاد بيان صحفي صادر عن ناسا.
وعن تجربة العودة إلى الأرض، أعربت إبز عن دهشتها من "وزن الأشياء وثقلها". وتابعت: "لقد كنت أقتنص الفرصة حين تسنح لي. عليك أن تتحرك، وأن تمارس الرياضة كل يوم، وإلا فلن تحصل على هذه المكاسب. عليك أن تتحرك بغض النظر عن مدى شعورك بالإرهاق".
أمضى بارات ودومينيك وإبز وغريبنكين 235 يومًا في الفضاء، قبل العودة إلى الأرض بهبوط مائي قبالة ساحل فلوريدا على متن كبسولة سبيس إكس كرو دراغون في 25 أكتوبر/ تشرين الأول.
بحسب وكالة ناسا، نفذت كبسولة سبيس إكس "دخولًا طبيعيًا وهبوطًا مائيًا"، ويمكن رؤية جميع أفراد الطاقم الأربع يبتسمون ويلوّحون فيما يخرجون من المركبة على متن سفينة الإنقاذ.
بعد ساعات، كشفت وكالة ناسا أن الطاقم بأكمله نُقل إلى مستشفى قريب، Ascension Sacred Heart Pensacola، "من باب الحيطة والحذر".
كشفت وكالة الفضاء لاحقًا أن أحد رواد الفضاء عانى من مشكلة طبية وبقي في المستشفى طوال الليل.
ولم تكشف وكالة ناسا عن هوية رائد الفضاء الذي ظل في المستشفى ولم تشارك أي تفاصيل حول المشكلة الطبية، وأفادت في بيان فقط إن عضو الطاقم "في حالة مستقرة" و"يخضع للمراقبة كإجراء احترازي". ورفض رواد الفضاء الثلاثة في ناسا التعليق على الأمر، الجمعة.
قال بارات، وهو طبيب ورائد فضاء مخضرم قاد مهمة Crew-8: "مع الوقت سنكشف عن هذا الأمر وتوثيقه، فالخصوصية الطبية مهمة جدًا بالنسبة لنا. الخصوصية الطبية والعمليات التي نجريها الآن تمنعنا من مناقشة القضية".
الفحوص الطبية روتينية بعد المهام الطويلة إلى الفضاء. ومع ذلك، يتم نقل رواد الفضاء عادةً مباشرة إلى قاعدتهم الرئيسية في هيوستن بعد الهبوط، عوض تحويلهم إلى مستشفى قريب، لإعادة التأهيل أثناء انتقالهم مجددًا إلى بيئة الأرض.
تأثير بوينغ ستارلاينر على عودة Crew-8
انطلق رواد فضاء Crew-8 إلى الفضاء في 3 مارس/ آذار وبقوا في الفضاء فترة أطول من المتوقع.
وكان بين العوائق التي حالت دون عودتهم إلى الأرض تغييرات في الجدول الزمني تتعلّق بمشاكل مع مركبة الفضاء "ستارلاينر" من إنتاج شركة "بوينغ"، التي حملت رواد الفضاء التابعين لوكالة ناسا، بوتش ويلمور، وسوني ويليامز، إلى محطة الفضاء في رحلة تجريبية في أوائل يونيو/ حزيران، لكن اعتبرت إعادة طاقمها إلى الأرض محفوفة بالمخاطر.
وفي النهاية، اختارت وكالة ناسا إعادة المركبة الفضائية بوينغ فارغة ونقل رواد فضاء ستارلاينر إلى مهمة سبيس إكس كرو-9، ما أدى إلى تأخير إطلاق تلك المهمة. وقد أدى تعديل الجدول الزمني بدوره إلى تأخير عودة كرو-8، لأنّ كرو-9 كان عليه الوصول إلى المختبر المداري لتسليم المهام قبل أن يتمكن كرو-8 من النزول.
كما أدّى التأخير بسبب الطقس إلى تأجيل عودة كرو-8 إلى أواخر أكتوبر/ تشرين الأول.
وفي حين كانت المهمة التي استغرقت 235 يومًا أطول ببضعة أسابيع من الرحلات الروتينية إلى المنطقة المدارية، إلا أنها ليست إقامة قياسية في الفضاء لرواد الفضاء.
عادة ما يمدّد رواد الفضاء إقامتهم على متن محطة الفضاء لأيام أو أسابيع أو حتى أشهر، عندما تقع أحداث غير متوقعة.
على سبيل المثال، سجل رائد الفضاء التابع لوكالة ناسا فرانك روبيو رقمًا قياسيًا قدره 371 يومًا في الفضاء، خلال مهمة انتهت في سبتمبر/ أيلول 2023. تم تمديد إقامة روبيو بعدما حدث تسرب سائل تبريد خلال رحلته الأصلية إلى مدار أرضي منخفض في كبسولة سويوز الروسية، أثناء الالتحام بمحطة الفضاء.