5 فبراير 2025
22 يناير 2025
يمن فريدم-خاص-إلهام الفقيه


في ظل استمرار تدهور الأوضاع في اليمن بفعل الحرب، يواجه المواطنون صعوبات عدة في الحصول على المياه، حيث يدفع الإنسان حياته ثمنا للبحث عن قطرة ماء، ليسد به احتياجه، نتيجة شحتها التي تتضاعف عاماً بعد آخر.

وتعتبر أزمة المياه في اليمن مسألة ممتدة عبر الزمن، لكنها تفاقمت مؤخرًا نتيجة التغير المناخية، حيث تعاني البلاد من تقلبات في كمية وتوزيع الأمطار، مما يؤثر سلبًا على مصادر المياه السطحية والجوفية.

ومع تزايد الطلب على المياه، تتعرض المياه الجوفية، التي تمثل المصدر الرئيسي للمياه، للاستنزاف المتزايد، حيث باتت بعض الأحواض مهددة بالجفاف.

تحت وطأة هذه الأزمة المعقدة، أصبح تأمين المياه عبئًا ثقيلاً على كاهل اليمنيين، لا سيما النساء والأطفال، الذين يضطرون لقطع مسافات طويلة لجلب المياه من الآبار أو السدود

نساء ضحايا

قد تكون غياب التوعية بضرورة تدابير السلامة خصوصاً في ريف اليمن، ساهمت بشكل كبير في ارتفاع معدل ضحايا الغرق في الحواجز المائية.

الشابة (لينا محمد غالب الشرعبي) إحدى الضحايا التي سقطت في إحدى برك المياه غرقًا في مديرية شرعب السلام شمالي محافظة تعز، تقول والدة لينا لـ "يمن فريديم" "إنهم يعتمدون على مياه الأمطار بشكل أساسي ولم تتوفر لديهم مشاريع مياه في المنطقة".

وتضيف "أن أبنتها لينا في الثاني من ديسمبر من العام المنصرم ذهبت لجلب المياه من بركة أمام منزلهم، لكنها لم تعد، سقطت في البركة".

وتتابع "أنها استمرت في البحث عنها لمدة ثلاث ساعات لتعثر عليها جثة هامدة".

من جانبه يقول محمد الفضلي "27 عامًا" من أبناء مديرية "الحشاء" محافظة الضالع جنوبي اليمن في حديثه لـ "يمن فريديم" بعد 35 يومًا من زفافنا فقدت شريكة حياتي وشاهدتها تلفظ أنفاسها الاخيرة وهي تفارق الحياة.

بهذه الكلمات تحدث الفضلي وفي قلبه غصة وألم على شريكة حياته التي راحت ضحية، وهي تبحث عن المياه في إحدى الخزانات جوار منزله.

لم تكن زوجة الفضلي الضحية الأولى، بل هناك أربعة فتيات ذهبن ضحية من أسرة واحدة، في العام 2023، أثناء قيامهن بعملهن المعتاد بغسل الملابس وجلب الماء من البئر لغرض الشرب والاستخدام المنزلي، لم يعيدنا إلا جثثا هامدة، إثر سقوطهن في البئر.

فسكان الضالع يستقبلون بين حين وآخر نبأ وفاة أخت أو أم أو زوجة نتيجة سقوطهن في الأحواض والحواجز المائية في رحلاتهن الشاقة للبحث عن الماء

مخاطر السدود والحواجز المائية

غياب السلامة والتوعية بأهمية وضع حماية آمنة في السدود والبرك والحواجز المائية ساهم ذلك في ارتفاع عدد ضحايا الغرق في اليمن خصوصا في الأرياف.

في هذا السياق يقول رئيس منصة "أصوات خضراء" الباحث عبدالملك النمري، إن السدود و"البِرَك" من الوسائل التقليدية المهمة في الاستفادة من مياه الأمطار وتخزينها لمواجهة الجفاف، لكنها قد تصبح خطيرة على حياة السكان خاصة الأطفال عندما تكون مكشوفة، كما هو الحال في اليمن، حيث نشهد زيادة في حالات الغرق".

ويتابع في حديثه " ولأنه من غير الممكن، على المدى المنظور، حل مشكلة المياه بشكل جذري، فإنه ينبغي اتخاذ بعض الخطوات كإنشاء سدود وآبار مع معايير أمان عالية، مع تنفيذ حملات توعية ودعم المشاريع التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى المياه".

في السياق ذاته يقول المهندس مدير حماية البيئة بمحافظة تعز، بدري حسن، "إن من الضروري تحسين أنظمة الإدارة المتكاملة للموارد المائية، إعادة تدوير استخدام المياه والصرف الصحي".

ويضيف المهندس بدري "يجب على تشجيع حصاد مياه الأمطار بمختلف الوسائل (من سطوح المباني والسدود والحواجز المائية والسقايات وتحليتها، بالإضافة إلى منع الحفر العشوائي للآبار".

وأشار " إلى أن توسع زراعة نبتة القات تشكل من استنزاف المياه الجوفية وتجعل الأرض قاحلة، بينما الآبار الجوفية، تحتاج إلى تغذية من المياه".

وأكد في حديثه "أن استخدام تقنية الري الحديثة ستساهم في تحسين صيانة السدود والحواجز المائية لتخزين المياه بشكل أفضل، ووضع لافتات تحذيرية وإجراءات أمان حول السدود، بالإضافة إلى إجراء حملات توعية للمجتمع حول مخاطر السدود وتعليم السباحة، وزيادة عدد فرق الإنقاذ والمراقبة حول السدود، إلى جانب تطوير تصاميم السدود لتكون أكثر أمانًا ومراعاة للسلامة العامة".

وأوضح حسن "أن الحرب أدت إلى تدمير البنية التحتية للمياه وزيادة الاحتياج والافتقار للمياه، وسيطرة جماعة الحوثي علي اغلب مصادر مياه تعز واستخدامها كوسيلة واداة حرب وحصار ضد مدينة تعز مما جعل الوصول إلى المياه النظيفة أكثر صعوبة".

أرقام حوادث الغرق

وخلال العام المنصرم شهد اليمن أعلى عدد في حوادث الغرق في مختلف المحافظات اليمنية، ولا توجد إحصائيات دقيقة لضحايا الغرق في البرك المائية، وبحسب رصد محلي في أربع محافظات (تعز، إب، الضالع، ريمة) بلغ عدد ضحايا الغرق 35 ضحية.

تظل أزمة المياه في اليمن تحديًا إنسانيًا وبيئيًا يتطلب حلولًا عاجلة للتخفيف من معاناة السكان وإنقاذ الأرواح.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI