إذا انخرط الحوثي في أي عملية سياسية يجري التحضير لها في هذا الوقت الضيق وعلى ضوء مجريات الأمور في سوريا ولبنان وانحسار النفوذ الإيراني فانه يلوي حبلا على عنقه ويقدم على انتحار سياسي وعسكري.
تصلبَ الحوثيون في كل المنعطفات السياسية السابقة وافسدوا أي مشروع سلام أو خارطة طريق. واستطاعوا بعنادهم رفع سقف مطالبهم وممارسة ابتزاز مثمر.
لكنهم الآن سيفعلون العكس خشية أي عملية عسكرية وتحت تاثير انهيار محور إيران.
لأن أي عملية سياسية الآن مهما كانت تنازلاتها هامشية من طرفهم وشكلية فإنه لن يُنظر إليها على أنها في سياق يمني يمني بل ستُفهم على أنها ضعف فيهم.
وهذا سيؤلب عليهم الناقمين في الأراضي التي يسيطرون عليها وسيفتح شهية القوى المناوئة لهم في صف الحكومة نحو الانقضاض على صنعاء والحديدة وفق تقدير ارتباك وهوان الحوثي.
بل أن أي عملية سياسية في اليمن في هذا التوقيت وقبل وصول ترامب هي بمثابة جائزة دبلوماسية أخيرة لحقبة بايدن ومغامرة غير محسوبة قبيل وصول ترامب الذي لا يعلم أحد نهجه كيف سيكون تحديدا تجاه اليمن.
لا أريد الالتفات إلى الخسائر المحتملة للحكومة الشرعية تمس مركزها القانوني والناجمة عن عملية سلام تُنجز في اللحظات الأخيرة دون استيفاء ضمانات ولا معرفة لمآلات الوضع في سوريا ولبنان ورد فعل إيران بعد أن تمتص الصدمة.
فأنا أرى أي اتفاق يمكن إبرامه الآن سيما إذا كان ينص على وقف اطلاق النار هو من ناحية خدمة مجانية للقوى الإقليمية. وهو أيضا تعميد لحالة التشطير في اليمن.
اتفاق من هذا القبيل لا يمس سلامة اليمن فقط بل الاستقرار في كل شطر ومناطق نفوذ في اليمن بالنسبة للقوى المسيطرة على الارض.
ستجد كل كتلة منها نفسها أمام استحقاقات تفتح الباب لتنازعات مع القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إطارها هي من صميم استحقاقات مرحلة إعادة الإعمار.