9 يونيو 2025
10 فبراير 2025
يمن فريدم-اندبندنت عربية


بعد أسبوعين من انتخاب دونالد ترمب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، تدخلت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بصورة غير عادية سياسياً محددة كيفية تعامل القارة مع موجة التعريفات الجمركية التي قد تطرأ في ظل سياساته.

وقالت لاغارد، إن "الاتحاد الأوروبي يجب أن يعتمد على استراتيجية دفتر الشيكات لشراء السلع الأميركية مثل الغاز ومعدات الدفاع لكبح تهديد الحرب التجارية".

وبعد ثلاثة أشهر لا يزال صناع السياسات ورؤساء الحكومات الأوروبيون يعملون على كيفية التعامل مع رئيس انتقد مراراً وتكراراً بيروقراطية الاتحاد الأوروبي والضرائب وفائض التجارة المتضخم.

وهذا الأسبوع، اجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة حضرها أيضاً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لمناقشة ما إذا كان بإمكانهم الحصول على إعفاء موقت من تعريفات ترمب، كما فعلت المكسيك وكندا هذا الأسبوع، أو ما إذا كانوا سيتخذون موقفاً عدائياً.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، "سنوضح بالقدر نفسه أننا سنحمي مصالحنا دائماً، أياً كانت الطريقة ومتى لزم الأمر".

ويمكن تقسيم خيارات الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة إلى أربع فئات عريضة، أولها استرضاء ترمب بـ"صفقة" تعالج ادعاءه بأن التجارة الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي "ضعيفة"، ثانياً، تجميع تحالف مع اقتصادات أخرى مهددة بالرسوم الجمركية وإنشاء كتلة تجارية تستبعد الولايات المتحدة، ثالثاً الرد بضرائب انتقامية على الواردات واستخدام الأدوات التنظيمية للكتلة ضد الشركات الأمريكية وأخيراً، بذل جهد متضافر للابتعاد عن الاعتماد الدفاعي والاقتصادي على الولايات المتحدة.

بالنسبة إلى عديد من الناس، فإن الاستراتيجية المثلى تتضمن مزيجاً من كل هذه العناصر الأربعة، ولكن تقسيم الاتحاد الأوروبي للمسؤوليات بين السلطة التنفيذية في بروكسل، والدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، وحلف شمال الأطلسي (التحالف الدفاعي الغربي)، يعني أن استراتيجية متعددة الأوجه ستكون معقدة للتنسيق في الممارسة العملية.

وقال نائب المدير في شركة الاستشارات "تينيو" كارستن نيكل إلى "التايمز" "في حين أن المفوضية الأوروبية هي الفاعل الرئيس في التجارة، فإن محادثات الإنفاق الدفاعي يجب أن تتم داخل حلف شمال الأطلسي"، مضيفاً "إذا كان من الممكن تجميد الحرب في أوكرانيا، فإن الموارد لكييف هي أسئلة في المقام الأول لقادة الدول الأعضاء في مجلس الاتحاد الأوروبي، بينما تقع غرينلاند تحت سلطة الحكومة الدنماركية".

ولن تؤثر التعريفات الجمركية الأمريكية في جميع الاقتصادات الأوروبية بالتساوي، إذ شكلت سلع الاتحاد الأوروبي 15% من جميع واردات الولايات المتحدة عام 2024 وسجلت الولايات المتحدة عجزاً تجارياً قياسياً في السلع مع الاتحاد الأوروبي بـ235.6 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 27 مليار دولار وفقاً لوزارة التجارة الأمريكية.

وفي هذا الصدد، سجلت إيرلندا أعلى عجز بلغ 86.7 مليار دولار، تليها ألمانيا عند 84.8 مليار دولار.

ومن شأن فرض تعريفة جمركية 10% على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة أن يقلل من نمو الكتلة بنحو 0.5 نقطة مئوية هذا العام، وفقاً لـ"غولدمان ساكس".

وسيكون هذا أقرب إلى 1.5% بالنسبة إلى ألمانيا التي انزلقت إلى الركود مرة أخرى هذا العام، ومن المرجح أن يكون التأثير في تضخم أسعار المستهلك أصغر وحتى انكماشياً لبعض أسعار السلع.

الاتحاد الأوروبي والنظام القانوني

في حين أظهرت الخطوط العريضة لاستجابة بروكسل تهديدات ترمب التجارية هذا الأسبوع، وكبداية، حددت المفوضية المجالات التي يمكن لآليات سياستها أن تساعد في تحريك اقتصاد الكتلة المستقر، ففي يناير الماضي، نشرت بروكسل "بوصلة التنافسية"، وحثت أوروبا على بناء صناعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا النظيفة الخاصة بها للتنافس مع منافسيها في الولايات المتحدة والصين، وبدأت بروكسل عملية تبسيط شبكتها الواسعة من الامتثال التشريعي للشركات واقترحت "نظاماً قانونياً رقم 28" للشركات للاختيار من بينها.

والنظام القانوني 28، هو إطار قانوني مقترح لقواعد الاتحاد الأوروبي التي لا تحل محل القواعد الوطنية للدول الأعضاء ولكنه بديل اختياري لها. ويأتي الرقم 28 في الاسم من 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وأنظمتها القانونية الوطنية، التي تم توسيعها من خلال بديل جديد على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ويتوقع أن تروق أجندة القدرة التنافسية لحماسة أحزاب يمين الوسط واليمين المتشدد في الاتحاد الأوروبي في إلغاء القيود التنظيمية، ولكنها لا ترقى إلى استراتيجية تجارية في حد ذاتها.

وبدلاً من ذلك، يعود زعماء الاتحاد الأوروبي إلى تحدي لاغارد المتمثل في كيفية شراء ترمب على النحو الذي حققه زعماء المكسيك وكندا بوعود مجزأة لمعالجة شكاوى الرئيس في شأن الهجرة وتجارة المخدرات.

فعالية التكتيكات الأوروبية في مواجهة ترمب

وتفاوضت المفوضية الأوروبية على إعفاء من التعريفات الجمركية خلال إدارة ترمب الأولى مع وعود باستيراد الغاز الطبيعي المسال وشراء فول الصويا الأميركي، وهي تعهدات لم تكن ضمن نطاق بروكسل التي لا يمكنها إجراء عمليات شراء مشتركة نيابة عن الدول الأعضاء فيها، في حين تظهر تعليقات لاغارد أن البعض في الاتحاد الأوروبي يعتقدون أنهم قادرون على تكرار الحيلة، مع التركيز الإضافي على شراء السلع الدفاعية الأميركية ومجموعة أوسع من المنتجات الزراعية، إلا أن هذا التكتيك قد لا يكون فعالاً هذه المرة، إذ أشار مسؤولون تجاريون في إدارة ترمب إلى أن بروكسل ضللت الإدارة بتعهدات كاذبة لم تفعل الكثير للحد من اختلال التوازن التجاري.

وأحد المطالب الكبيرة للإدارة الجديدة هو أن ينفق أعضاء الناتو (23 منهم في الاتحاد الأوروبي) 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع. وتنفق 16 دولة فحسب من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أكثر من الهدف الحالي البالغ 2%، ومن شأن الزيادة الكبيرة أن تضع ضغوطاً على الدول الأعضاء المقيدة مالياً التي تقتصر قدرتها على الاقتراض والإنفاق على قواعد الديون والعجز في بروكسل.

التدابير الأوروبية المضادة

أما بالنسبة إلى التدابير المضادة، فقد بدأ الاتحاد الأوروبي في ابتكار طرق لاستهداف الشركات الأمريكية إذا وصل الهجوم الجمركي، فإضافة إلى فرض الرسوم الانتقامية، تستكشف المفوضية الأوروبية استخدام "أداة مكافحة الإكراه" ضد عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، وهو ما من شأنه أن يحد من قدرتهم على بيع خدماتهم في القارة.

وقد استخدمت بروكسل سابقاً قوانينها الصارمة في مجال الدعم الحكومي لإجبار شركة "أبل" على دفع مليارات اليورو كضرائب مستحقة.

وبدأت الصين في استهداف عمالقة التكنولوجيا الأميركية، إذ أطلقت تحقيقاً ضد "غوغل" في مجال مكافحة الاحتكار وهددت بإجراء تحقيق ضد "إنتل" هذا الأسبوع.

ولكن ربما تكون أكثر ردود الفعل طموحاً تجاه حماية ترمب التجارية هي أن يتوحد الاتحاد الأوروبي لتشكيل ائتلاف من الدول المتبنية لنظام التجارة الحرة لمشاركة بعض الوصول إلى الأسواق لتخفيف الضربة الناتجة من الرسوم الجمركية الأمريكية.

وقد لا يتفق جميع الاقتصاديين مع كبيرة الاقتصاديين في "بي أن بي" إيزابيل ماتيوس لاغو، حول أن أوروبا تواجه اللحظة "الوجودية" التي ادعت لاغارد أنها ستكون عليها، إذ تقول ماتيوس إن "الاتحاد الأوروبي يمكنه تعويض انخفاض حاد بنسبة 20% في صادراته إلى الولايات المتحدة بزيادة قدرها 2.5% في التجارة الداخلية بين دول الاتحاد الأوروبي"، مضيفة أن "ستتطلب هذه الآلية التعويضية تحفيز الطلب داخل القارة بقيادة أكبر اقتصاداتها ألمانيا وسيساعد هذا في التيسير من خلال بيئة انخفاض أسعار الفائدة".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI