وقفت طويلًا أمام قرار انضمامي إلى أكاديمية الإحسان مترددة بين اقتناص فرصة لصقل مهارة جديدة في مكان آخر، أو خوض تجربة لا أعلم إن كانت ستضيف شيئًا إلى شغفي المتجدد بعلوم الدين، كان الخوف من الإحباط حاضرًا، يتسلل إلى قراراتي، يهمس لي أن أتراجع قبل أن أندم على وقتي ومالي، لكن شيئًا في داخلي، شعور غامض لكنه صادق، دفعني لخوض التجربة. كأن قلبي كان يقول: "جَرِّب، فالطريق يكشف ذاته للسائرين".
هكذا بدأت رحلتي
ومع كل خطوة، وجدت نفسي أكتشف كنوزًا لم أكن أدرك وجودها. لم يكن المحتوى مجرد كلمات، بل كان نبضًا حيًا يغذّي روحي، ويدًا تمتد لتربت على كتف قلبي، تقول لي: "ها قد وجدت الطريق".
وعندما انتهت الرحلة، نظرت إلى الوراء بحمدٍ وامتنان عميق، فأدركت أن الشكر الحقيقي لا يكون على النتائج فقط، بل على شجاعة البداية، على أن أجرؤ على خوض الطريق رغم الخوف.
وتعلمت أن أحيانًا، يكفي أن نخطو خطوة واحدة بثقة في الله، ليأتي الخير أضعاف ما توقعنا.
في رحلة البحث عن المعاني العميقة كنت أبحث عن معنى أعمق للإحسان غير ذلك الذي حفظته من درس التوحيد في المدرسة، عن حقيقة تستقر في القلب، وعن طريق يقودني إلى سلام داخلي يتجاوز المظاهر. تلك كانت بدايتي مع أكاديمية الإحسان، الرحلة التي لم تكن مجرد مناهج تعليمية وامتحانات وشهادة، بل تجربة روحية وإنسانية أعادت تشكيل رؤيتي لنفسي وللعالم من حولي، كانت رحلة مليئة بالتأمل والتغيير، كل درس كان بمثابة خطوة تقودني نحو ذات أنقى وحياة أكثر اتزانًا.
بوابة الإحسان.. اكتشاف الذات ومعنى الحياة
عندما انضممت إلى أكاديمية الإحسان، أدركت أن الإحسان ليس فعلاً عابرًا نؤديه ونمضي، بل هو منهج حياة يبدأ من الداخل وينعكس على كل تفاصيل الحياة. كان أول درس لي هو أن الإحسان ليس فقط في العطاء المادي، بل هو في النية والإخلاص في العمل، في الكلمة الطيبة، في النظرة، في الرحمة التي نُظهرها للآخرين.
وجدت نفسي أعود إلى ذاتي، أتأملها وأحاورها واعاتبها حينا واشيد بها حينا اخر، أدركت أن الإحسان يبدأ من تصالح الإنسان مع نفسه، من تطهير القلب من الأنانية والغفلة، ومن السعي لإصلاح العلاقة مع الله ومع الناس. لقد تعلمت أن أعامل الآخرين بوجه طلق وقلب منفتح، وأن أبحث عن مواطن الخير في كل لقاء، حتى أصبح الإحسان جزءًا من يومي، مثل شربة ماء لا أستغني عنها.
دروس في علوم الاحسان ومنازل الروح وعلم النفس الإيجابي والفقه والسيرة النبوية لمدة سنة كاملة خلال 3 اترام دراسية، كان كفيلة لأن تصبح نقطة تحول في حياتي أخلاقيا وعمليا ونفسيا، والحمد لله.
فهم أعمق .. محبة وشغف
منذ برنامج "الفهم عن الله" للدكتور عمرو خالد وخلفه برنامج "نبي الاحسان" ووصولا الى اكاديمية الاحسان وانا في رحلة طويلة اقطعها يوميا للبحث عن الفهم العميق عن الله فوجدت فيها أثر بالغ في تعميق مفاهيم اخرى لمعنى الإحسان وعلاقته بالله وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، والتي لم تنتهِ بي الا لمحبة عميقة لله ولرسوله عليه افضل الصلاة والسلام وشوق عارم لرؤيتهما ، وشغف بمواصلة الرحلة والتلذذ بمتعة جمال المحطات قبل التفكير بفرحة الوصول ، لم يكن المحتوى مجرد دروس تُلقى، بل استعداد لحمل رسالة عظيمة مفادها العبادة بإحسان.
في كل حلقة ومحاضرة، كان يأخذني الدكتور في رحلة مع قدرة ورحمة الخالق وعظمة وجمال النبي صلوات ربي وسلامة، يزيل الغبار عن المفاهيم المغلوطة والمبهمة ويعيد تقديمها بقلب حيّ وروح صادقة. أدركت أن الإحسان في السنة ليس فقط عبادة، بل أسلوب حياة ورأيت الاحسان كما لم أره من قبل: في ابتسامة النبي التي كانت تبث الأمل في قلوب أصحابه وتغمر قلبي سكينته كلما تخيلتها وشعرت بدفئها، في عفوه عن من ظلمه، ليعلمنا أن الرحمة أعظم من الانتقام، في حبه للفقراء والمساكين، ليغرس في قلوبنا قيمة العطاء.
بدأت أرى الدين من منظور مختلف، ليس كقائمة أوامر ونواهٍ، بل كرسالة حب ورحمة. لقد علمتني هذه الرحلة أن الإحسان في العبادة لا يكتمل إلا بإحسان في المعاملة، وأن الطريق إلى الله يمر عبر قلوب الناس.
سعادة وسكينة
لم يقتصر تأثير الأكاديمية على الجانب الشخصي، بل امتد إلى علاقاتي الاجتماعية، أصبحت أكثر وعيًا بتأثير كلماتي وأفعالي على الآخرين، وأكثر حرصًا على أن أكون سببًا في إدخال السعادة والسكينة في قلوب من حولي.
تعلمت أن الإصغاء الصادق للآخرين هو نوع من الإحسان، وأن الترفّق بالمخطئ هو باب لإصلاحه، وأن مساعدة المحتاج ليست مجرد صدقة، بل شعور إنساني عميق يربط الأرواح ببعضها. لقد غيّرت الأكاديمية نظرتي للعلاقات الاجتماعية، فصرت أبحث عن فرص الخير في كل موقف، وأحاول أن أكون حلقة وصل بين الناس والخير.
الرحلة مستمرة
اليوم، أدرك أن الإحسان ليس محطة أنتهي إليها، بل هو طريق طويل أقطع فيه خطوة كل يوم، هو جهاد النفس لتحيا بروح نقية، وهو صدق مع الله في السر والعلن.
لقد علّمتني أكاديمية الإحسان أن الحياة الحقيقية تبدأ حين يدرك الإنسان دوره كخليفة في الأرض، يسعى ليكون سببًا في نشر الخير، ويعكس قيم الرحمة والعدل والجمال التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
نقطة تحول
إن رحلتي في أكاديمية الإحسان وبرامج الدكتور عمرو خالد لم تكن مجرد تجربة، بل كانت نقطة تحوّل في حياتي. لقد تعلّمت أن الإحسان ليس عملًا خارجيًا فقط، بل هو تجديد داخلي مستمر.
هو كيف نرى الله في كل تفاصيل الحياة، وكيف نعكس فهمنا العميق لديننا في تعاملاتنا اليومية.
هذه التجربة التي ممتنة كثيرا لخوضها جعلتني أكثر إيمانًا بأن الإحسان ليس اختيارًا، بل هو الطريق الأجمل لنعيش حياة مليئة بالرضا والسلام، وأن كل عمل صغير نقوم به بنية صافية يمكن أن يترك أثرًا كبيرًا في هذا العالم.