هناك مرض في العقل السياسي اليمني الناقد وهي اسطوانة هذا اخواني وهذا عفاشي وهذا إماراتي وهذا سعودي وغيرها من الاسطوانات الممجوجة التي تعكس أزمة العقل السياسي اليمني في الشرعية في إدارته لأي قضيه خلافية أو قضية فيها وجهة نظر ولا استثني من هذا السلوك أي طرف، لأن كل الأطراف السياسية تستخدم هذا الأسلوب ضد بعضها البعض كأداة من أدوات الحرب والدفاع وهي أداة إعلامية سياسية تعيسة تدل على إفلاس العقل السياسي اليمني في انتاج أدوات جديدة لإدارة الخلاف أو الصراع بشكل ايجابي ونقاش موضوعي، وخاصة في هذه المرحلة التي تحتاج مسؤولية أكبر .
ولذلك من الطبيعي لا يستوعب أمثال هؤلاء من كل الأطراف أن هناك من يحاول أن يثير تساؤلات ستكون مطروحة أمام الجميع ويحاول طرحها بعيدا عن توجيه تهم لطرف أو دفاعا عن طرف وإنما إثارة لتساؤلات هنا أو هناك من أجل أن يتوجه العقل للتفكير وايجاد الحلول التي تذهب بالجميع لعدم الذهاب إلى صراع أو البقاء قي دائرة الصراع، وهذا هو لب وجوهر عملية المصالحة السياسية بين المكونات إذا صدقت نواياهم.
لا يدرك أطراف الصراع أن هذه الاسطوانات لن توصل أحد منهم الى طريق وأن أدوات الحرب هذه التي يستخدموها للدفاع عن مواقفهم اصبحت أدوات فاشلة وهي أدوات تثير مزيد من الصراع أكثر منها تؤدي لإنتاج حلول تدفع الجميع للتفاعل الايجابي.
من أجل أن يذهب العقل السياسي لمكونات الشرعية إلى مزيد من التوحيد والاصطفاف عليهم أن يتعلموا أن هناك آليات أخرى لإدارة صراعاتهم وخلافاتهم ويستطيع كل طرف فيهم أن يطور آلية ليدافع بها عن موقفه ورفضه لطريقة إدارة معينة أو قرارات معينة من داخل إطار ومرجعيات الشرعية الدستورية التي تحكم إطار المرحلة من 2011 وحتى الآن وهي عدة مرجعيات وليست مرجعية واحدة.
أحب أن أوضح أن حالة الحرب التي فرضت على اليمنيين كافة بسبب انقلاب الحوثيين جعلت من بعض نصوص الدستور معلقة، كما أن التعليق لبعض أحكام الدستور لا ينطلق من خلفية الانقلاب بل من التسوية السياسية التي نصت عليها المبادرة الخليجية في 2011 والتي علقت العمل ببعض نصوص الدستور.
ولذا فالشرعية الدستورية لا تنحصر في أحكام الدستور فقط بل تمتد إلى جميع مرجعيات المرحلة وهي:
-المبادرة الخليجية
-مخرجات الحوار الوطني الشامل
-مرجعية اتفاق الرياض
-قرار نقل السلطة الأخير
وكلها مع توافق جميع القوى السياسية المنخرطة في الشرعية مع التوافق والدعم الاقليمي والدولي والاعتراف الدولي والاقليمي كلها تمثل شرعية دستورية لهذه المرحلة، والدليل أن انقلاب الحوثي في مناطق سيطرته بالسلاح لا شرعية شعبية له ولا اعتراف دولي به رغم فرض حكمه بالقوة.
وبالتالي مهم يطور أطراف الصراع داخل مكونات الشرعية آليات دفاعهم عن وجه نظرهم من داخل الاطار المرجعي لإدارة هذه المرحلة لأنه لا يوجد طرف يمتلك الحقيقة لوحده، ولا يوجد طرف قادر في هذه المرحلة أن يفرض رؤية احاديه خارج اطار العملية التوافقية وصولا إلى الاتفاق على دستور جديد وبعدها تنتهي هذه المرحلة لأن الدستور الجديد سيكون هو الاطار الجديد الذي يحتكم اليه الجميع .