4 يوليو 2025
4 يوليو 2025
يمن فريدم-محمد ناصر


حققت مبادرات السلام المحلية في اليمن نجاحات متميزة مقارنة بالأداء الأممي الذي تعثر منذ إفشال الحوثيين محادثات السلام التي عقدت منتصف عام 2016 في الكويت، حيث تمكنت هذه المبادرات من تحقيق اختراقات مهمة، خصوصاً فيما يتعلق بصفقات تبادل إطلاق الأسرى وفتح الطرقات بين المحافظات.

ومنذ انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية في النصف الثاني من 2014، لم يُسجّل أي تقدم فعلي في مجال التسوية عبر مبعوثي الأمم المتحدة باستثناء "اتفاق ستوكهولم" الخاص بوقف المواجهات في ميناء الحديدة، الذي صبّ في مصلحة الحوثيين، أمّا اتفاق وقف إطلاق النار فقد كان حصيلة جهد إقليمي، ومع ذلك فإنه وبعد مضي 3 أعوام لا يزال مهدداً بالانهيار بفعل الخروق المتواصلة للحوثيين.

وفيما يخص صفقات تبادل الأسرى، فإن ما حققته المبادرات المحلية لا يمكن مقارنته بالنجاح المحدود للأمم المتحدة، حيث لم يزد عدد الأشخاص الذين أُفرج عنهم بفعل الاتفاقات التي رعتها المنظمة الدولية عن 2500 شخص من الجانبين الحكومي والحوثي، بينما تمكنت المبادرات المحلية من إبرام صفقات متعددة لتبادل أكثر من 11 ألف أسير، إلى جانب تبادل عشرات الجثث.

وفي حين تراجع اهتمام الرأي العام اليمني بزيارات مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ وتحركاته، يقول سياسيون وناشطون إن لا أحد يتوقع منه تحقيق أي اختراق فعلي، لأنه بات ينتظر الجهود الإقليمية للإعلان عن أي تقدم وإضفاء الطابع الأممي عليه.

اختراقات مهمة

يذكر السياسيون والنشطاء اليمنيون أن المبادرات المحلية حققت اختراقات مهمة في ملف فتح الطرقات التي أغلقها الحوثيون واستخدموها وسيلةً لمعاقبة السكان في تنقلاتهم وتقييد حركة البضائع إلى مناطق سيطرتهم.

وفي هذا السياق، لعبت الجهود المحلية دوراً فاعلاً في نجاح مبادرة تخفيف الحصار الذي كان الحوثيون يفرضونه على مدينة تعز، من خلال إعادة فتح الطريق الذي يربط قلب المدينة بضاحية الحوبان الواقعة في شرقي المدينة.

وقد زادت فاعلية هذه المبادرات بإعادة افتتاح الطريق الرئيسي الذي يربط ميناء عدن بمناطق سيطرة الحوثيين عبر محافظتي الضالع وإب.

ومع تعثر الجهود الأممية في ترتيب أي جولة محادثات جديدة منذ محادثات الكويت، فإن نشاط المبادرات المحلية أعاد الثقة بإمكانية تحقيق اختراقات أخرى تتجاوز ملف الطرقات والأسرى.

وتواصل هذه المبادرات جهودها لإقناع الحوثيين بإعادة فتح طريق الفاخر في محافظة الضالع إلى مدينة إب المجاورة، وتكثيف العمل على فتح طريق محافظة أبين مع محافظة البيضاء عبر "عقبة ثرة"، وهو طريق رئيسي يختصر المسافة بين المحافظتين إلى النصف.

دعم أممي

أكدت الأمم المتحدة دعمها للمبادرات المحلية الرامية إلى فتح الطرق بين المحافظات اليمنية، التي أُغلقت بسبب الصراع الدائر في البلاد منذ نحو 10 سنوات.

وقال مكتب المبعوث الأممي في اليمن هانس غروندبرغ إنه أرسل وفداً إلى محافظة الضالع التقى ممثلي الجانب الحكومي ومسؤولين في القطاعين العسكري والأمني، وناقش معهم المبادرة الأخيرة بفتح الطريق الرئيسي الذي يربط بين صنعاء وعدن عبر الضالع.

وبحسب بيان المكتب زار الوفد أيضاً منطقة مريس، وهي إحدى مناطق التماس ذات الأهمية الاستراتيجية، للاطلاع من كثب على الوضع الميداني والجهود التي يبذلها الفاعلون المحليون لخفض التوترات والتخفيف من معاناة المدنيين.

وقال مكتب المبعوث الأممي إن هذه المبادرات تأتي في إطار جهوده الأوسع لتشجيع التهدئة وبناء الثقة بين الأطراف، وإنه يسعى، من خلال الانخراط مع السلطات والمجتمعات المحلية، إلى تعزيز تدابير عملية من شأنها تحسين ظروف اليمنيين وتهيئة بيئة مواتية للتوصل إلى تسوية سياسية مستدامة.

انتقاد حكومي

كان وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني قد انتقد المبعوث الأممي ومكتبه بسبب عدم إعلانه أي موقف أو تعليق بشأن قيام الحوثيين بحصار وقتل الداعية السلفي صالح حنتوس في محافظة ريمة بعد حصار منزله وقصفه بقذائف "آر بي جي" وترويع النساء والأطفال.

ورأى الإرياني أن هذا الصمت ليس فقط مخيباً لآمال اليمنيين، بل يكشف عن ثغرة خطيرة في الالتزام بالمبادئ الأساسية للعمل الأممي، وفي مقدمها حماية المدنيين، ومساءلة منتهكي حقوق الإنسان.

ويعكس تجاهل هذه "الجريمة المروعة" – بحسب الوزير اليمني- ازدواجية فاضحة في المعايير، ويطرح تساؤلات ملحة حول الجدية والمصداقية في أداء البعثة الأممية، التي يُفترض بها أن تكون صوتاً للعدالة، لا شاهداً صامتاً على الجرائم.

وقال الإرياني إن مسؤولية المبعوث الأممي "ليست تقنية أو تفاوضية فقط، بل هي مسؤولية قانونية وأخلاقية تجاه المدنيين، وإن تجاهل الانتهاكات الخطيرة يقوض الثقة بدور الوساطة، ويفتح الباب أمام إفلات الجناة من العقاب".

(الشرق الأوسط)
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI