معظم المباني مُدمَّرة، والكثير من المستشفيات اضطرت للتوقف عن العمل، والمواد الغذائية قليلة للغاية: الوضع في قطاع غزة كارثي. وتشرّد داخل القطاع نحو 1.9 مليون شخص، بعضهم نزحوا عدة مرات.
ومع أمر الإخلاء الصادر مؤخرًا لمدينة دير البلح فقد أصبح يخضع الآن 87.8% من مساحة قطاع غزة لأوامر الإخلاء أو ضمن المناطق المغلقة عسكريًا، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي أعلن الثلاثاء (22 يوليو/تموز 2025) أنَّ الأهالي باتوا محشورين الآن في 12% من مساحة القطاع. ولذلك وأمام هذا الوضع يزداد الضغط الدولي على إسرائيل. وتطالب 25 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا، بإنهاء الحرب.
كم عدد القتلى منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023؟
ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بلغ عدد القتلى بحسب وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 58,380 قتيلًا (حتى 15 تموز/يوليو 2025) على الجانب الفلسطيني - من بينهم الكثير من النساء والأطفال.
وتستند كالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في ذلك إلى بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وتسيطر على هذه الوزارة حركة حماس الإسلامية المتطرفة، المصنَّفة في العديد من الدول الغربية كمنظمة إرهابية. ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من هذه الأرقام، ولكنها المصدر الوحيد حتى الآن.
لكن بالمقابل تشير دراسات أخرى إلى أنَّ الأعداد ربما تكون أعلى بكثير من الأعداد المقدمة من السلطات في غزة. ومن المفترض بحسب دراسة أجراها فريق بحث دولي أنَّ أكثر من 80 ألف فلسطيني تم قتلهم حتى كانون الثاني/يناير 2025.
ونشرت في نهاية حزيران/يونيو 2025 مجلة "نيتشر" (Nature) العلمية تقريرًا حول هذه الدراسة، التي أجريت بإشراف مايكل سباغات من كلية رويال هولواي بجامعة لندن.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ الباحثين قد تعاونوا في إعداد هذه الدراسة مع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PCPSR)، الذي يتم تمويله جزئيًا من قبل الاتحاد الأوروبي. وأجرى موظفو المركز استطلاعًا لآراء 2000 أسرة في قطاع غزة حول عدد الوفيات داخل أسرهم - واستنتجوا من ذلك هذا الرقم.
وكذلك لاحظت دراسة منشورة في شباط/فبراير بمجلة "لانسيت" عدم إضافة أية أسماء إلى قائمة الوزارة، التي كانت خالية من الأسماء. ومن أجل هذه الدراسة تمت مقارنة نعي الوفيات على وسائل التواصل الاجتماعي بقوائم وزارة الصحة.
اندلعت الحرب في غزة بسبب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي هذا الهجوم قتلت حماس نحو 1200 شخص واختطفت 251 رهينة إلى قطاع غزة.
وبحسب البيانات الإسرائيلية الرسمية لا يزال يوجد منهم 50 شخصًا مختطفين في قطاع غزة، ومن المفترض أنَّ 20 منهم على الأقل ما يزالون على قيد الحياة.
وقُتل في هذه الحرب أيضًا 895 جنديًا إسرائيليًا، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، الصادرة يوم الثلاثاء (22 يوليو/تموز 2025).
كم عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في قطاع غزة؟
وبعد نحو سنتين من الحرب والحصار، أصبح وضع الإمدادات الغذائية مأساويًا في قطاع غزة. وأصبح الكثيرون يعانون من الجوع ولا يجدون حتى أهم الضروريات. وبحسب الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع فقد اضطرت جميع المخابز الـ25 المتبقية إلى الإغلاق في بداية نيسان/أبريل.
وكذلك لم تعد توجد أية إمدادات غذائية لدى معظم المطابخ المجتمعية وتكايا الطعام (المبادرات الخيرية) البالغ عددها 177 مطبخًا وتكية، كما ذكرت الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع ردًا على استفسار من DW.
وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ردًا على استفسار من DW أنَّ ثلث الأهالي تقريبًا يمضون أيامًا من دون طعام. وأنَّ المساعدات الغذائية تعتبر بالنسبة لمعظمهم السبيل الوحيد للحصول على مواد غذائية على الإطلاق.
وبحسب أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) من شهر أيار/مايو 2025، والذي تستند إليه، بحسب أبحاث DW، العديد من منظمات الإغاثة أيضًا، فإنَّ جميع أهالي قطاع غزة يعانون الآن من انعدام حاد في الأمن الغذائي (المستوى 3 من التصنيف المرحلي المتكامل). وهذا يعني بحسب التعريف أنَّ المواد الغذائية المتوفرة محدودة للغاية وأنَّ الناس يضطرون إلى بذل جهد كبير جدًا للحصول على السعرات الحرارية الضرورية.
وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي فإنَّ 470.000 شخص مهدّدون في قطاع غزة بخطر الجوع الكارثي (المستوى 5 من التصنيف المرحلي المتكامل). وهذا يمثل خطرًا حادًا يهدد بالموت جوعًا بسبب وجود نقص حاد في السعرات الحرارية الضرورية يوميًا لكل فرد.
ومن المتوقع بالإضافة إلى ذلك أن يحتاج خلال الأشهر القادمة أكثر من 71 ألف طفل ونحو 17 ألف أم إلى علاج عاجل بسبب سوء التغذية الحاد. ويعتبر الأطفال بحسب منظمة اليونيسف مصابين بسوء تغذية حاد إذا كان وزنهم أقل من 80% من الوزن المناسب لأعمارهم.
ونظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو أداة معترف بها دوليًا لقياس وتصنيف الجوع وشدة انعدام الأمن الغذائي. ويميّز النظام بين خمسة مستويات، تتراوح من المرحلة الأولى: "الحد الأدنى"، عبر "الإجهاد"، و"الأزمة"، و"الطوارئ"، وحتى المرحلة الخامسة: "المجاعة".
وكذلك لاحظت في منتصف حزيران/يوليو فِرَقُ منظمة أطباء بلا حدود وجود زيادة حادة في حالات "سوء التغذية الحاد".
وبحسب منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية، يُعالج حاليًا في المراكز الصحية مئات النساء والأطفال، الذين يعانون من سوء تغذية حاد ومتوسط، مع تزايد هذا الاتجاه بشكل واضح.
وبحسب وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة حماس في غزة فقد توفي جوعًا يوم الثلاثاء (22 يوليو/تموز 2025) 15 شخصًا معظمهم من الأطفال.
أين يمكن علاج المرضى في غزة؟
وكذلك تزداد باستمرار صعوبة الرعاية الطبية في غزة. ولم يعد يوجد حاليًا أي مستشفى يعمل بكامل طاقته، بحسب تقييم أجرته منظمة أطباء بلا حدود في منتصف حزيران/يوليو 2025. أما المرافق الصحية، التي ما تزال تعمل، فهي مرهقة تمامًا، وظروف العلاج كارثية: لأنَّ معظم المستشفيات لم يعد لديها كهرباء وماء.
كما أفادت منظمة الصحة العالمية في نهاية حزيران/يونيو 2025 أنَّ 18 مستشفى من أصل 36 مستشفى ما تزال تعمل جزئيًا. وكذلك ما يزال يعمل أقل من 40% من مراكز الرعاية الأولية - أي عيادات الأطباء والعيادات الخارجية وعروض المساعدات الطبية المقدّمة من المنظمات غير الحكومية. والمستشفيات الميدانية محدودة أيضًا؛ لم يعد يعمل منها سوى اثنين فقط بكامل طاقتهما.
ما حجم المساعدات التي ما تزال تصل إلى قطاع غزة؟
منعت إسرائيل على مدى أحد عشر أسبوعًا خلال فترة الربيع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة - ما أدى إلى تفاقم الوضع أكثر، وجعل كل شيء شحيحًا ونادرًا: الغذاء والماء والدواء والوقود الضروري لتشغيل المستشفيات والمطابخ المجتمعية العامة وتكايا الطعام.
ومع أنَّ مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، تقوم منذ نهاية أيار/مايو 2025 بتوزيع مواد غذائية في عدد من مراكز التوزيع؛ ولكن كثيرًا ما ترد تقارير حول وقوع حوادث مميتة بالقرب من مراكز توزيع مؤسسة غزة الإنسانية، كما حدث أيضًا في الأيام الأخيرة. ولذلك تطالب منظمات الإغاثة منذ فترة طويلة بالسماح لها بإدخال المساعدات إلى القطاع بنفسها.
وذكر برنامج الغذاء العالمي في حوار مع DW أنَّ متوسط عدد الشاحنات التابعة للبرنامج، والتي تصل يوميًا إلى قطاع غزة منذ انتهاء حصار المساعدات في 21 أيار/مايو، يتراوح بين 20 إلى 30 شاحنة محملة بمواد غذائية.
وهذه الكمية المسلمة لا تمثل سوى جزء صغير مما يحتاجه أكثر من مليوني إنسان للبقاء على قيد الحياة في قطاع غزة. وللمقارنة: خلال وقف إطلاق النار كانت تعبر الحدود يوميًا ما بين 600 إلى 700 شاحنة.