17 يوليو 2025
17 يوليو 2025

 

تعود جذور الازمة الاقتصادية التي تعيشها الشرعية إلى العام 2022، حينما حُرمت الحكومة من أهم مواردها بعد ضرب الحوثيين لموانئ تصدير النفط، ومنذ ذلك الوقت بدأ الخبراء الاقتصاديون يتعجبون، ليس من سرعة الانهيار بل من قدرة الحكومة على التماسك.

وبفضل الثقة الدولية التي تبلورت تجاه البنك المركزي و وزارة المالية، استطاعت الحكومة أن تسترد العديد من أرصدتها في الخارج لتغطية نفقاتها وتسديد فاتورة المرتبات.

منها على سبيل المثال مبلغ 600 مليون دولار ساعد الفرنسيون والبريطانيون الحكومة الشرعية في استخدامها، من حقوق السحب الخاصة، وهي تعود لارصدة حكومية من أيام اليمن الشمالي تم ايداعها بالخارج في سبعينيات القرن الماضي.

و رغم أهمية هذه المساعدة الدولية، فإن الحكومة اليمنية ما كانت لتصمد دون التمويل السخي من دول التحالف العربي التي تعهدت به عقب مشاورات الرياض .

لكن التمويل السعودي و الإماراتي هذه المرة لم يكن جزءا من اقتصاد الحرب، بل جاء كمقدمة لعملية التعافي الإقتصادي والحوكمة المؤسسية. لذا فإنه كان مشروطا باصلاحات عاجلة، وهو ما ظلت السلطة الشرعية تتهرب منها طيلة الفترة الماضية.

وبالتوازي مع هذا التهرب الحكومي كان المأزق الاقتصادي للشرعية يتراكم على مدار ثلاثة أعوام، إلى أن بلغت الأمور منعطف لا يمكن احتماله في العام 2025.

ورغم قتامة الوضع إلا أن مصير الشرعية مازال في يدها، ولديها خياران في المتناول لتجاوز الأزمة: 

- إما قيام الحكومة بتصدير النفط رغما عن الحوثي أو بالتفاهم معه.

 - وإما انجاز الحكومة لروشتة الاصلاحات المطلوبة منها لاستيعاب شرائح الدعم المالي من حلفائها. 

و الصواب انجاز الأمرين معا، لكن الإصلاحات تبدو اليوم الأكثر الحاحا لإنها تعزز اجراءات الحوكمة وتحقق الاستدامة المالية.

والخطير في أزمة الشرعية الاقتصادية، أنها لم تقتصر على اغضاب الحاضنة الشعبية في المناطق المحررة بل أنها عمّقت الفجوة الاستراتجية مع جماعة الحوثي:

فبالرغم من تظافر الشروط الموضوعية بالضد من الحوثي بعد فرص العقوبات و تدمير ميناء الحديدة ؛ عجزت الشرعية عن توفير الشروط الذاتية التي تمكنها من استثمار الفرص لتغيير ميزان القوى الاقتصادي في صالحها تمهيدا لتعديل ميزان القوى السياسي و العسكري لاحقا.

لذا فإن طريق الحسم الاستراتيجي في مواجهة الحوثي، و وطريق تحسين الوضع المعيشي في المناطق المحررة؛ يبدأ أولا بعلاج المأزق الاقتصادي للشرعية، والعلاج هنا يجب أن يتم بالكيّ ودفعة واحدة من خلال حزمة الاصلاحات.

وبحسب ما أكدته مصادر ديبلوماسية خليجية و غربية؛ فإن "روشتة الاصلاحات" تتضمن خمسة نقاط، غير اعجازية، وافق عليها مجلس القيادة الرئاسي ويبقى أن تنفذها الحكومة، وهي:

1- إقرار موازنة عامة للحكومة، وهو أمر بديهي في أي دولة محترمة.

2- تحرير سعر الريال الجمركي، مع العلم بأن المواد الأساسية من غذاء ودواء مستثناه وستظل مدعومه. ولكن لا يعقل أن تدفع الدولة فارق الدولار لتاجر سيارات أو مستورد أثاث فاخر ، في حين هي تعجز عن دفع مرتبات موظفيها.

3- رفع تعرفة الكهربا في النظام التجاري والحكومي، أما مع المواطنين فيتم تفعيل نظام الشرائح بحسب الاستهلاك.

4- التوريد لحساب الحكومة في البنك المركزي من كل الهيئات الاقتصادية الحكومية و السلطات المحلية.

٥- اقرار لجنة تغطية الاستيراد ، والتي قد تم تحديدها و التوافق على اعضاءها ويبقى فقط اصدار قرار بها.

هذه الاصلاحات تصب في خدمة الدولة و المواطن و مجتمع الاعمال والمانحين الدوليين، الطرف الوحيد المستفيد من تعطيلها هو الحوثي، أو التجار الطفيليين المتواطئين معه.

حاليا تقف الشرعية أمام منعرج مصيري، ولن يكون بوسع أحد انقاذها.. فإما أن تبادر إلى علاج نفسها بنفسها، وإما أن تستمر بمشاهدة مرضها العضال وهو يستشري في كامل جسدها الاقتصادي والسياسي و الأمني، وسوف يعني ذلك قريبا دخولها مرحلة الموت السريري.

أما فيما يتعلق بالنخبة السياسية و ناشطي المجتمع المدني و قادة الرأي العام؛ فإن بوسعهم الانحياز للمواطن بصورة شعبوية عبر الصراخ و التظاهر دونما هدى.  أو أن بوسعهم تحويل هذه الإصلاحات إلى برنامج عمل يتم الضغط باتجاهه لتحريك الجمود الحكومي و انقاذ ما يمكن انقاذه.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI