بالتوازي مع الارتفاع المبشر لسعر الريال اليمني، كان هناك ارتفاع مقلق في منسوب "التستوستيرون السياسي" داخل الأوساط الرسمية والشعبية في معسكر الشرعية.
ومن الواضح أن غواية الترند قد استولت على تفكير الغالبية العظمى في المناطق المحررة. لذا سارع الجميع إلى تحديد سكاكينهم ضد التجار لتسجل حضور بطولي، مع العلم أنها فقط مسألة وقت وسوف يستعيد السوق توازنه بشكل تلقائي بناء على السعر الجديد للريال.
ومع العلم أيضا أن الموسسات التجارية الكبيرة، خصوصا التي لديها كيانات بنكية أو شركات صرافة، قد تعاطت ايجابا مع ترتيبات البنك المركزي واليات لجنة تمويل الاستيراد، وبالتالي فإن لهم فضل أيضا بالتحسن الجاري.
ولا يعني كلامي التقليل من أهمية الرقابة الحكومية والمجتمعية، لكن من المهم ممارستها بتروي ودون عنتريات.
وفي غمار النشوة السياسية والإعلامية السائدة؛ يجب علينا جميعا أن نتذكر بأن هذا التحسن لسعر الريال اليمني، هو نتاج اجراءات انقاذية ظرفية، ومثلما هو مرشح للصمود والاستمرار، فإنه معرض بقوة للانتكاسة مالم يتزامن مع عملية انقاذ أشمل.
وبالتالي من يريد تحويل هذا التطور الايجابي إلى منجز مستدام عليه أن يدخر مجهوده في سبيل المعركة الوطنية الحقيقية المتعلقة باستكمال الإصلاحات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، قد يكون من المفيد التذكير بروشتة الإصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي والتحالف العربي وأقرها مجلس القيادة الرئاسي، والتي يجب أن ينصب الضغط الشعبي والمجهود الحكومي خلال المرحلة الراهنة باتجاه استكمالها وهي:
1- اقرار لجنة لتمويل الاستيراد، وهو ما تم قبل أيام ورأينا جميعا نتائجه الأولية عبر تحسن سعر الصرف.
2- إقرار موازنة عامة للحكومة، وفي نهاية يوليو أصدر رئيس الوزراء قراراً بتشكيل اللجنة العليا للموازنات العامة للدولة للسنة المالية 2026 . والآن المطلوب العمل بسرعة لاستكمال مهامها.
3- التوريد لحساب الحكومة في البنك المركزي من كل الهيئات الاقتصادية الحكومية والسلطات المحلية. وفي نهاية يوليو ترأس اللواء عيدروس الزبيدي اجتماعا حكوميا جرى فيه التطرق إلى الأولويات العاجلة لمعالجة الاختلالات في المؤسسات الإيرادية السيادية، وفي مقدمتها مصلحتي الجمارك والضرائب، وتفعيل الأجهزة الرقابية، وإعادة ترتيب آليات التحصيل، وتوسيع قاعدة الموارد المحلية والسيادية. والمهم الآن مواصلة المتابعة والضغط لتنفيذ هذه الاولويات.
4- تحرير سعر الدولار الجمركي وهو نقطة الثقل في تعزيز الصمود الاقتصادي للحكومة، مع العلم بان المواد الاساسية من غذاء ودواء مستثناه وستظل مدعومه. ولكن لا يعقل أن تدفع الدولة فارق الدولار لتاجر سيارات أو مستورد اثاث فاخر، في حين هي تعجز عن دفع مرتبات موظفيها.
5- رفع تعرفة الكهربا في النظام التجاري والحكومي، أما مع المواطنين فيتم تفعيل نظام الشرائح بحسب الاستهلاك.