7 أغسطس 2025
آخر الاخبار
3 أغسطس 2025


يمثل استقرار سعر صرف العملة أحد المؤشرات المهمة لقياس مدى إنضباط السياسات المالية والنقدية والتجارية، ويبدو أن بنك مركزي عدن أدرك هذه الحقيقة وتعلم الدرس من بنك مركزي صنعاء، حيث قام مؤخرا باتخاذ عدد من الإجراءات الصارمة للحد من المضاربة بالعملة بين شركات الصرافة في مناطق سلطة عدن.

فخلال السنوات الست الماضية، تمكن بنك مركزي صنعاء من تحقيق استقرار نسبي في سعر صرف الريال مقابل العملات الأخرى، رغم أنه لا يمتلك إحتياطيات من النقد الأجنبي تمكنه من إدارة سعر الصرف بصورة سليمة ومستقرة نسبيا، وكان للعوامل الأخرى دورا كبيرا في ذلك، مثل تحويلات المغتربين وموارد المنظمات الدولية للإغاثة الإنسانية، إضافة إلى منع استخدام الطبعات الجديدة من العملة المصدرة من بنك مركزي عدن، والمراقبة الصارمة لشركات الصرافة لمنع المضاربة بالعملة.

وأمام بنك مركزي عدن فرصة سانحة للاستفادة من تجربة بنك مركزي صنعاء وتبني سياسات جادة لاستعادة العافية للريال اليمني في مناطق عدن، خاصة وأن معظم البنوك التجارية والإسلامية نقلت مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، مما يمكن بنك مركزي عدن من تنفيذ سياسة نقدية فعالة ورقابة مصرفية قوية على كل مكونات القطاع المصرفي من بنوك وصرافين، وضمان إتخاذ التدابير السليمة لضبط عملية تمويل التجارة الخارجية وإدارة سعر الصرف بصورة سليمة.

فالوضع في مناطق عدن يحتاج إلى إجراءات عديدة، مثل: منع المضاربة بالعملة وتنظيم الإستيراد وتحصيل الإيرادات العامة إلى البنك المركزي وعدم صرف المرتبات بالدولار، وأيضا لا بد من إلزام كبار المصنعين والتجار المستوردين وتجار الجملة بتعديل أسعار السلع وفقا لأسعار الصرف في السوق حتى ينعكس التحسن على أسعار التجزئة للمواطنين، كما يتطلب الأمر استمرار البنك المركزي بالمزادات العلنية لبيع الدولار وفقا للأسعار الجارية في السوق، حتى يساهم في تعزيز الثقة والحد من مخاطر عدم اليقين المصاحبة للتغيرات في سعر الصرف، والأمر يحتاج، أيضا، إلى تعاون وتظافر كل مؤسسات الدولة كل فيما يخصة لدعم تحسين سعر العملة وتخفيض الأسعار.

إن اختلاف سعر الصرف بين مناطق عدن وصنعاء جعل التجارة بين المنطقتين تقيًم بالعملة الأجنبية "الدولار والريال السعودي"، مما زاد من الضغوط على الطلب على العملة في عدن لتمويل التجارة البينية بينهما، فالميزان التجاري "الصادرات - الواردات" بين المنطقتين يميل لصالح مناطق صنعاء، حيث تشمل السلع المستوردة من مناطق صنعاء: القات "وما أدراك ما القات" والسلع الزراعية من فواكه وخضروات أو ثروة حيوانية بما في ذلك الدواجن ومنتجاتها، إضافة إلى السلع المصنعة في مناطق صنعاء، وفي ظل اختلاف سعر الصرف بين المنطقتين فإن قيمة كل تلك المنتجات تتحول إلى ريال سعودي أو دولار بشكل يومي، وهذا يعني تسرب الملايين من العملة الصعبة من مناطق عدن وتتدفق إلى مناطق صنعاء، مما يزيد من الضغط على سعر الصرف في مناطق عدن، إضافة إلى ذلك، وفي ظل غياب الرقابة على الصرافين، فإن المضاربة بالعملة في مناطق عدن أدت إلى تدهور أكبر في سعر الصرف.

إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها بنك مركزي عدن أعطت نتائج إيجابية وتشابهت مع تلك الإجراءات المتبعة في مناطق صنعاء، والجميع يأمل أن تستمر سياسة البنك على هذه الوتيرة حتى الوصول إلى سعر الصرف الحقيقي، كما أن على بنك مركزي عدن التوقف عن تمويل الحكومة من مصادر تضخمية، ويمكن اعتبار ذلك بداية لتوحيد السياسات والإجراءات المصرفية للبنكين، وخطوة جيدة في سبيل إتخاذ قرارات وطنية للبدء بإجراءات عملية للحوار بين طرفي السلطة في عدن وصنعاء لتوحيد البنك المركزي وتوحيد العملة وسعر الصرف، وكذلك توحيد الموارد السيادية من عائدات تصدير النفط والغاز والضرائب والجمارك حفاظا على توحيد الاقتصاد اليمني، وقد يكون مدخلا لإعادة لملمة البلد الممزق بين كيانات عديده في شرقه وغربه وشماله وجنوبه.

(من حساب الكاتب في فيس بوك)

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI