5 أكتوبر 2025
5 أكتوبر 2025
يمن فريدم-اندبندنت عربية-جمال عبدالقادر البدوي
استعدادات متواصلة للجيش السوداني في محوري كردفان ودارفور (أ ف ب)


لليوم الثالث على التوالي تواصل قوات "الدعم السريع" قصفها المدفعي على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، بينما تابعت المقاتلات الحربية ومسيرات الجيش السوداني أمس السبت غاراتها الجوية العنيفة على مواقع الميليشيات شمال وجنوب دارفور، خلال وقت دارت فيه اشتباكات بين الجانبين في المحورين الجنوبي والغربي بالمدينة، وفق مصادر ميدانية.

وأكدت المصادر عسكرية، أن القصف المدفعي للميليشيات استهدف مساء أمس السبت الأحياء السكنية وأدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، مبيناً أن القصف اتسم بالطابع الانتقامي رداً على الضربات الجوية التي يشنها الجيش بدارفور.

وأشارت المصادر، إلى أن طيران الجيش استهدف للمرة الثانية أمس معسكر جبل (ثلوج) إحدى أهم نقاط الدعم اللوجيستي لقوات "الدعم السريع" جنوب دارفور، ويحوي مخازن ذخيرة ومعدات عسكرية ثقيلة، بضربات مباشرة ومؤثرة، إلى جانب استهداف سلاح الطيران لمبنى المالية الرئيس ومهاجمة مسيرة استراتيجية للجيش مخازن الذخيرة داخل المدينة.

تصعيد جوي

وشهد محور دارفور خلال اليومين الماضيين تصعيداً جوياً واسعاً من جانب الجيش بشن سلسلة ضربات جوية عنيفة على مطار مدينة نيالا عاصمة حكومة تأسيس (الموازية)، دمر خلالها مخازن للسلاح والمسيرات والذخيرة ومنصات مدفعية ومعسكرات للتدريب بمنطقتي دوماية وثلوج غرب وجنوب غربي المدينة. ودمر منظومة للتشويش، إلى جانب ضربات جوية أخرى استهدفت مواقع "الدعم السريع" بمنطقة الزرق على محور الصحراء.

معارك وتمشيط

وفي محور كردفان، قالت مصادر ميدانية إن قوات الجيش والمشتركة وبينما تتهيأ لخوض معارك فاصلة لاسترداد مدينتي الخوي والنهود غرب كردفان، شنت حملات تمشيط واسعة في مناطق غرب مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، واستولت على عتاد حربي بينه صواريخ "كاتيوشا" كانت تستخدمها الميليشيات في قصف المدينة، مشيرة إلى تلقي الجيش تعزيزات عسكرية كبيرة.

وأوضحت المصادر أن الأجزاء الشمالية الغربية لمدينة بارا شمال كردفان تشهد نشاطاً للعمليات العسكرية النوعية من قبل قوات العمل الخاص بالجيش، تمكنت خلالها من تدمير أكثر من سبع مركبات قتالية ومقتل وجرح العشرات من العدو.

وشهدت الأجزاء الغربية والجنوبية للمحور باتجاه مدينة الأبيض قصفاً مدفعياً بواسطة الفرقة الخامسة للجيش تجاه تجمعات "الدعم السريع" التي تحاول الاحتشاد غرب المدينة، إلى جانب تحليق مستمر للطيران الحربي في سماء المنطقة.

إحباط هجمات

من ناحية أخرى أكدت مصادر ولائية، إحباط الدفاعات الجوية للفرقة الخامسة مشاة بمدينتي الأبيض عاصمة شمال كردفان والفرقة الـ18 بمدينة كوستي عاصمة النيل الأبيض لهجمات بطائرات مسيرة استراتيجية في وقت متأخر من مساء أمس قبل وصولها إلى أهدافها.

وفق منشور على صفحة (إعلام كردفان الغرة) على منصة (فيسبوك) بلغ عدد المسيرات التي جرى التصدي لها في سماء المدينة منذ بدء الحرب وحتى الآن 24 مسيرة.

وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت أن ما تسميها بكتيبة (صارص) التابعة لها شنت هجوماً مسيراً على مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان.

نزوح وتدهور

وتسببت العمليات العسكرية المتواصلة منذ أشهر داخل إقليم كردفان في موجات نزوح كبيرة من مناطق كازقيل والحمادي نحو مدينة الأبيض ومدن أخرى جنوب كردفان، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية الحاد بسبب استمرار القتال والمعارك داخل المنطقة.

وخلال فبراير/ شباط الماضي، تمكن الجيش من فك حصار مدينة الأبيض بعد عملية عسكرية نفذها متحرك الصياد الكبير انطلاقاً من ولاية النيل الأبيض المجاورة لشمال كردفان من جهة الجنوب.

تقليص القدرات

في السياق أوضح الباحث الأمني والسياسي إسماعيل يوسف أن الضربات الجوية المتلاحقة التي يقوم بها طيران الجيش أسهمت بالفعل في تقليص قدرات قوات "الدعم السريع" وحرمانها من تدفق الإمداد، وأفقدتها القدرة على التواصل والاتصال ومرونة الحركة نتيجة تشتتها داخل سهول كردفان، مما شل من قدراتها على المناورة وأصبح من الصعب عليها تنفيذ ما تجيده من تكتيك ميداني في الالتفاف والمباغتة التي كانت تعتمد عليها أية خطة للالتفاف.

وأشار يوسف إلى أن العتاد المتقدم والتعزيزات البشرية كبيرة من القوات الإضافية التي دفعت بها قيادة الجيش لهذا المحور الجوهري في العمليات الحربية الجارية، وبخاصة عقب انتقال مركز القيادة والسيطرة للعمليات الحربية إلى مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، مما رفع من قدرات الجيش القتالية ومستوى استعداده الميداني ضمن مخططه لتعزيز سيطرته على المفاصل الاستراتيجية الحاكمة في كردفان، بالوصول إلى عمق الإقليم والانفتاح لاحقاً نحو دارفور.

وذكر أن اقتراب الجيش من تحرير مدينة الخوي سيفتح الطريق بدوره لاستعادة السيطرة على مدينة النهود وكلتاهما غرب كردفان، مما سيمهد بدوره فتح طريق (الأبيض/ الدلنج/ كادوقلي)، وهو ما يعني أيضاً فك الحصار على مدينتي الدلنج وكادوقلي عاصمة جنوب كردفان.

وعلى صعيد محور دارفور، يرى الباحث الأمني أن تكثيف الجيش لضرباته الجوية بدارفور تؤكد أنه بصدد استعادة السيطرة الجوية داخل الإقليم، عقب نجاحه في تحييد الدفاعات الجوية لـ"الدعم السريع" بصورة شبه كاملة في الفاشر شمال دارفور وجزئياً داخل مدينة نيالا جنوبه، مما قد يشكل مقدمة لتحول في ميزان السيطرة والقوة بالإقليم.

ما وراء الصمود

يرجع الباحث الأمني والسياسي إسماعيل يوسف صمود مدينة الفاشر على رغم الحصار الطويل الذي تفرضه عليها قوات "الدعم السريع"، إلى جانب القصف والهجمات المتكررة لما يقارب العامين، إلى قدرة الجيش وتمكنه من إبقاء بعض خطوط وقنوات الإمداد مفتوحة، لمعرفته أن نفاد الإمدادات في ظل الضغط الطويل سيقود مع مرور الوقت إلى إضعاف قدرة قواته في الفرقة السادسة وحلفائها من القوات المشتركة والمقاومة الشعبية على المقاومة والصمود.

وأشار إلى أن بعض أسباب صمود وعدم سقوط مدينة الفاشر تعود إلى عوامل تتعلق بالتماسك الداخلي لمكونات المدينة المجتمعية القائمة على التضامن، مما أدى إلى صلابة المقاومة الشعبية والتحلي بالمعنويات والرغبة في الدفاع عن المدينة، إلى جانب التنسيق المحكم بين الجيش والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية.

وقال "يمثل وضع وموقع المدينة الاستراتيجي المهم، وكونها آخر معاقل القوات الحكومية في إقليم دارفور، أحد دوافع الصمود والتحدي، إذ إن تداعيات خسارتها ستكون كارثية وفادحة بالنسبة إلى الجيش، فضلاً عن أن سقوطها سيمنح في المقابل ميزات كبرى عسكرية وسياسية لقوات ’الدعم السريع‘ حال تمكنها من السيطرة عليها".

ومن جانب قوات "الدعم السريع"، فإن قدرتها المحدودة على الانقضاض الكامل على المدينة على رغم الحصار والهجمات لم تمكنها حتى الآن من القيام بعملية اقتحام شاملة للسيطرة على جميع أحياء المدينة ومرافقها، ويعود ذلك إلى عمليات الاستنزاف المستمرة التي ظلت تتعرض لها تلك القوات من خلال خسائرها البشرية والمادية الكبيرة التي تكبدتها، خلال مئات المحاولات الفاشلة في السيطرة على المدينة.

مركز الأزمة

أممياً، جددت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان دينيس براون دعوتها إلى وقف الحرب والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وبخاصة إلى مدينة الفاشر المحاصرة.

ووصفت براون خلال زيارتها لمنطقة طويلة شمال دارفور أمس، والتي تؤوي نحو 600 ألف نازح فروا من الفاشر والمناطق المجاورة ومن الخرطوم، بأنها مركز الأزمة الإنسانية، مشيرة إلى الصعوبة البالغة في الوصول إليها (طويلة) بسبب تعدد خطوط القتال داخل السودان، مما أدى إلى أن تستغرق رحلتها إلى المنطقة خمسة أيام عبرت خلالها ثلاث دول.

وأشارت المنسقة الأممية إلى أن الأمر لا يقتصر على الوضع المروع داخل دارفور والفاشر وحدهما، بل طالبت بضرورة إبقاء كردفان في مركز الاهتمام أيضاً، حيث تتعرض طرق الإمداد للإعاقة وترتفع أسعار المواد الغذائية بصورة جنونية، بينما المساحة الإنسانية محدودة جداً بانعدام قدرة المجتمع الإنساني على العمل وتقديم الإمدادات والخدمات.

ولفتت براون إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية في السودان هي الأعلى تمويلاً لكن الاستجابة محدودة بنسبة 25% فحسب.

ترحيب وأمل

من جانبه، أكد مجلس غرف طوارئ شمال دارفور استمرار تشغيل المطابخ والتكايا الخيرية في مدينة الفاشر بدعم من المجلس، مشيراً إلى مواصلة دعمه لمشروع الاستجابة الطارئة والسريعة داخل الفاشر.

ورحب بيان للمجلس بزيارة المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية إلى منطقة طويلة، التي أصبحت ملاذاً لآلاف المكلومين ممن هُجِّروا قسراً من الفاشر وزمزم والمعسكرات والقرى المجاورة، بفعل اعتداءات "الدعم السريع" وأعوانها.

واعتبر البيان أن وصول المنسقة الأممية يمثل بصيص أمل في ظل هذه الكارثة الإنسانية الكارثية التي تهدد حياة الملايين هناك.

عمل حاسم

مجلس غرف طوارئ شمال دارفور وجه الدعوة للمنسقة للقيام بطواف ميداني على طول الطريق الذي يربط بين طويلة وزمزم والفاشر، لتشاهد الحقيقة المرة المتمثلة في جثث الأطفال والنساء المتناثرة على الطريق من دون دفن، وتمتد عبر مناطق شاسعة من شرق طويلة كأبلغ دليل على الفظائع التي ارتكبت، وخطوة أولى لضمان المساءلة وكسر جدار الصمت.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI