15 أكتوبر 2025
10 أكتوبر 2025
يمن فريدم-الحرة-رندة جباعي


بين تضارب عناوين الصحافة وحالة الترقب التي تهيمن على الشارع الإيراني، تبدو طهران عالقة بين خيارين: أن تُظهر ضعفها فينتفض الداخل، أو تتظاهر بالقوة فتُجرّ إلى حرب، مع ذلك، تتكاثر المؤشرات على أن الجمهورية الإسلامية تتهيأ لجولة ثانية من الصراع مع إسرائيل.

في مكالمة هاتفية مع "الحرة"، يقرأ أحد كوادر المعارضة في الداخل الإيراني، طلب عدم ذكر اسمه، عناوين الصحف الصادرة صباح اليوم بلهجة عربية مكسّرة، ساخرا من تناقضاتها.

يقول: "صحيفة كيهان تتحدث عن العبء الثقيل لسوء الإدارة، فيما تركز ستاره صبح على البيان الخليجي الأوروبي. الكل يهاجم الكل، ولا أحد يعرف من العدو الحقيقي".

هذا المشهد الإعلامي المتضارب يعكس، بحسب المعارضة الإيرانية، قلقا رسميا متزايدا من مرحلة مقبلة قد تكون الأصعب منذ سنوات.

ووسط ضغوط داخلية وخارجية، تسعى القيادة الإيرانية في هذه المرحلة الحساسة إلى تثبيت قبضتها داخليا عبر تعزيز القدرات العسكرية، وتصعيد في قمع المعارضين السياسيين.

وتترسخ قناعة داخل الدوائر الرسمية بأن إسرائيل تسعى لإسقاط النظام عسكريا، وهو ما بات يُطرح علنا في التصريحات والخطاب الإعلامي. وقبل يوم من توصل حماس وإسرائيل لاتفاق بشأن خطة ترامب للسلام، نشرت وسيلة إعلامية مقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "قد يسعى بعد فشله في غزة وأوكرانيا، لتحقيق السلام في الشرق الأوسط عبر إسقاط الحكومة الإيرانية".

في موازاة ذلك، تشير تقارير معهد دراسة الحرب الأميركي (ISW) إلى أن المسؤولين الإيرانيين يعتقدون أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران "لن يصمد طويلا"، وأن جولة جديدة من القتال "مسألة وقت فقط". هذا التقييم يتقاطع مع سلسلة تحركات ميدانية لافتة في الداخل الإيراني.

في 27 سبتمبر، أعلن نائب وزير الداخلية للأمن وإنفاذ القانون، علي أكبر بور جمشيديان، أن المجلس الأعلى للأمن القومي أصدر توجيهات بتعيين نوّاب وخلفاء لجميع المسؤولين العسكريين والمدنيين لضمان استمرارية الحكم في حال تعطل القيادة.

واتخذت وزارة الداخلية القرار ذاته على مستوى المحافظين. وبعد أيام قليلة، واصل القادة العسكريون زياراتهم الميدانية لتفقد وحدات الدفاع الجوي والقوات البرية، إذ زار العميد علي رضا صباحي فرد مجموعة الدفاع الجوي في دزفول، وتفقد رئيس الأركان العامة عبد الرحيم موسوي وحدات الكوماندوز والطيران البحري في هرمزغان.

وتحدث موسوي عن استعداد القوات "لصراع مستقبلي محتمل".

ومن إقليم كردستان العراق، قال القيادي في حزب "كومله" الإيراني المعارض، أمجد حسين بناهي، إن الأيام القليلة الماضية شهدت تحركات غير مسبوقة للحرس الثوري الإيراني، شملت نقل قوات مدججة بالسلاح وصواريخ وطائرات مسيّرة إلى الحدود مع الإقليم.

ويشير بناهي إلى أن مدنا حدودية مثل مريوان وبانه وسردشت وبيرانشهر وأشناويه وكرمانشاه شهدت "نشاطا عسكريا مكثفا وعمليات تخزين للأسلحة،" مضيفا قوله إن طهران في الأحزاب الكردية المعارضة خطرا مباشرا، وفي كردستان العراق تهديدا استراتيجيا.

وأكد خمسة قياديين من المعارضة الإيرانية الكردية، بدورهم، أن الجيش الإيراني نقل كميات كبيرة من الصواريخ الباليستية ونصب منصات إطلاق متنقلة في شمال إيران وغربها، إضافة إلى تنفيذ مناورات يومية في تلك المناطق.

يقول الخبير الإيراني، بهنام بن طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن طهران أجرت منتصف سبتمبر اختبار إطلاق صاروخ من منصة فضائية في محافظة سمنان، معتبرا ذلك استمرارا لمسار تطوير البرنامج الصاروخي بعد حرب الاثني عشر يوما مع إسرائيل.

"إن النظام يبني منذ أكثر من عقد ونصف ما يسميه مدنا صاروخية تحت الأرض، وهي في الواقع مستودعات لإنتاج وتخزين الصواريخ والطائرات بدون طيار بعيدا عن أعين المراقبة الأمريكية والإسرائيلية،" يضيف طالبلو.

وأفادت صحيفة تابعة لهيئة الأركان الإيرانية في الأول من أكتوبر بأن الجيش استبدل وعزّز أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى لمواجهة الطائرات المسيّرة، في وقت تحاول فيه طهران الحصول على بطاريات صواريخ بعيدة المدى من طراز HQ-9 الصينية.

وفي ما يبدو سباقَ تسلّح متسارعا، يؤكد برادلي بومان، المدير الأول لمركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن إيران حصلت في بداية الأسبوع على مقاتلات "سوخوي SU-35" الروسية القادرة على تنفيذ مهام هجومية ودفاعية معا. وحذر من أن "روسيا تعود إلى أساليبها القديمة في مساعدة إيران في برنامجها النووي".

ويشير إلى أن الصين أيضا "قد تكون أرسلت مواد كيميائية تُستخدم كوقود للصواريخ الباليستية، وربما تساعد في إعادة بناء القدرات الصاروخية الإيرانية"، بينما تسعى طهران أيضا للحصول على أنظمة رادار ودفاع جوي صينية متقدمة.

وتحت الأرض، تُظهر صور أقمار اصطناعية أن إيران تواصل بناء موقع عسكري عميق في جبل بيككس، جنوبي منشأة نطنز النووية التي تعرضت لضربات إسرائيلية وأمريكية في يونيو الماضي.

ويقول طالبلو إن العمل جار في موقع يُعرف باسم "جبل الفأس" منذ عام 2020، حيث تُحفر أنفاق عميقة في جبال زاغروس على بُعد ميل واحد من مجمع نطنز. ويرى أن الأنفاق الجديدة "أعمق بكثير من منشأة فوردو"، ما يثير مخاوف من احتمال نقل مواد نووية إليها في ظل تراجع رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في الجانب الإسرائيلي، رفض مسؤول أمني التعليق بشأن تزايد احتمالات المواجهة.

وقال المصدر لمراسل "الحرة" في تل أبيب، يحيى قاسم، إن الهجوم الافتتاحي في حرب مايو الماضي، نُفذ خلال أربع دقائق فقط، ما أدى إلى "شلل مؤقت" في القيادة الإيرانية التي امتنعت عن الرد طوال 24 ساعة، فيما فرضت إسرائيل "تفوقا استخباراتيا وجويا كاملا" فوق الأجواء الإيرانية.

وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي يستعدّ لجميع السيناريوهات ويأخذ كل الاحتمالات على محمل الجد".

لكن مراقبين يشيرون إلى أن إسرائيل "لن تنتظر الخطر، بل ستسبقه"، في إشارة إلى أن المواجهة المقبلة مع إيران قد تكون أقرب مما يُعتقد ـ وربما أخطر من سابقتها.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI