20 أكتوبر 2025
19 أكتوبر 2025
يمن فريدم-ذا اندبندنت


اشتدت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة هذا الأسبوع، إذ فرض البلدان رسوماً جديدة على سفن كل منهما عند موانئ الآخر.

وأدى التصعيد الأخير في التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم إلى تدهور في العلاقات الثنائية واضطراب في الأسواق المالية.

وبعدما أعلنت بكين فرض قيود أكثر صرامة على صادراتها من المعادن الأرضية النادرة - رداً على التوسيع الكبير للعقوبات الأمريكية على الشركات الصينية - هدد الرئيس دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية وبتطبيق قيود جديدة على "جميع البرمجيات الحيوية".

ويعتقد محللون تجاريون أن الرسوم الجمركية المئوية التي لوّح بها ترمب ستفاقم حال عدم اليقين في الأسواق على المدى القريب، ولا سيما في القطاعات التي تعتمد سلاسل إمدادها بدرجة كبيرة على الصين مثل الصناعة والتكنولوجيا.

وتُعد المعادن الأرضية النادرة، الضرورية في إنتاج المركبات الكهربائية ومحركات الطائرات والرادارات العسكرية ومجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية اليومية، إحدى أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات بين البلدين المتنازعين، إذ تنتج الصين نحو 70% من هذه المعادن وتعالج ما يقرب من 90% من الإنتاج العالمي منها.

وكان الإعلان الصيني مفاجئاً بصورة واضحة لترمب، الذي وصفه بأنه خطوة "غير متوقعة". لكن بدا خلال عطلة نهاية الأسبوع أكثر ميلاً للتهدئة مقارنة بمواقفه السابقة، على رغم تمسكه بتهديداته الجمركية.

وقال ترمب في منشور على موقع "تروث سوشيال": "تريد الولايات المتحدة مساعدة الصين لا إيذاءها!!!".

ويبدو أن الصين غير مكترثة لتهديدات ترمب، إذ يشير ازدهار صادراتها إلى أنها قد تكون في طريقها لاكتساب اليد العليا في الحرب التجارية.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية الثلاثاء: "موقف الصين ثابت. إذا كانت هناك معركة "للقتال حتى النهاية"، وإذا كانت هناك مفاوضات فباب الحوار مفتوح".

وأضاف: "لا يمكن للولايات المتحدة أن تطالب بإجراء محادثات وفي الوقت نفسه تفرض إجراءات تقييدية جديدة مصحوبة بالتهديد والترهيب. هذه ليست الطريقة الصحيحة للتعامل مع الصين".

هل تميل الكفة الآن لصالح الصين في الحرب التجارية؟

يبدو أن الصين تكتسب اليد العليا في النزاع التجاري المستمر مع الولايات المتحدة، بعد نحو ستة أشهر على فرض الرئيس دونالد ترمب رسوماً جمركية مرتفعة للغاية على عملاق آسيا الاقتصادي.

لكن الصادرات الصينية في سبتمبر/ أيلول الماضي ارتفعت بنسبة 8.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتبلغ نحو 246 مليار جنيه إسترليني (330 مليار دولار)، على رغم تراجع الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة بنحو 27%.

ومنذ إعلان ترمب في أبريل/ نيسان الماضي فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات من مختلف دول العالم، سارعت عدة قوى اقتصادية كبرى إلى تنويع أسواقها الخارجية، في مؤشر إلى تحول عالمي نحو نظام لم تعد فيه الولايات المتحدة السوق المركزية.

وفي هذا السياق، ارتفعت الشحنات الصينية إلى وجهات غير أمريكية بنسبة 14.8%، وهو أسرع معدل نمو منذ مارس/ آذار 2023، وفق بيانات الإدارة العامة للجمارك في الصين. وزادت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 14%، وإلى دول رابطة "آسيان" بنسبة 16%، وإلى أفريقيا بنحو 56%.

وقد عزز الأثر المحدود لرسوم ترمب في تجارة الصين الإجمالية تصميم بكين على تبني موقف أكثر تشدداً في مفاوضاتها مع واشنطن، وهو ما عكسته القيود الأشد التي فرضتها على صادراتها.

ويشير الطلب القوي على السلع الصينية في الأسواق خارج الولايات المتحدة إلى أن المصدرين الصينيين قد يكونون أقل عرضة لتداعيات الرسوم الإضافية التي يلوّح بها ترمب.

وارتفعت الواردات الصينية بنسبة 7.4% الشهر الماضي، في مؤشر إلى احتمال تعافي الاستهلاك المحلي.

وقد يمثل أي تعافٍ ذاتي للاقتصاد الصيني تآكلاً واضحاً في هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، غير أن محللين يحذرون من أن إعلان الفائز في هذه الحرب لا يزال مبكراً.

كبير محللي الأسواق في شركة الوساطة "أف إكس تي أم"، لقمان أوتونوغا قال لـ"اندبندنت": "في حين يشير نمو صادرات الصين الأخير إلى قدر من المرونة، إلا أنه لا يعني بالضرورة أن بكين قد اكتسبت تفوقاً في الحرب التجارية".

وأضاف: "قد يعكس جزء كبير من هذا الارتفاع تسريع الشحنات قبل دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ، أو تغيراً في مسارات التجارة. الصورة العامة لا تزال متشابكة، إذ يواجه الاقتصادان تحديات هيكلية وسط توتر تجاري طويل الأمد".

وأوضح السيد أوتونوغا أن الرسوم الأمريكية الإضافية مرشحة لزيادة حال عدم اليقين في الأسواق على المدى القريب، مشيراً إلى أن "المستثمرين قد يشهدون تقلبات أعلى مع تقييم الأسواق لتأثيرها في أرباح الشركات وآفاق النمو العالمي".

ما الرسوم الجديدة؟

كشف الرئيس دونالد ترمب الأسبوع الماضي عن فرض رسوم إضافية بنسبة 100% على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة، إلى جانب ضوابط تصدير جديدة على البرمجيات الحيوية، على أن يبدأ العمل بها اعتباراً من الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وهدّد بإلغاء اجتماع شخصي كان مقرراً مع الرئيس شي جينبينغ، وهو اللقاء الأول بينهما منذ ستة أعوام، لكن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسِنت أوضح لاحقاً لوكالة "رويترز" أن الزعيمين ما زالا على المسار نحو عقد اللقاء في كوريا الجنوبية أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

ووفق تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس"، فإن زيادة الرسوم الأمريكية بمقدار 100% سترفع المعدلات الفعلية على السلع الصينية إلى نحو 140%، وهو ما قد يؤدي إلى شل التبادل التجاري بين البلدين تماماً.

وقالت كبيرة متخصصي الاقتصاد لمنطقة "الصين الكبرى" (التي تشمل الصين وهونغ كونغ وتايوان وماكاو) في مصرف "آي أن جي بنك أن في" ING Bank NV، لين سونغ لـ"بلومبرغ": "منذ بداية العام الحالي، أظهرت الصين أنها لا ترغب في حرب تجارية، لكنها مستعدة للرد على أي تصعيد عند الضرورة".

وأضافت: "من المرجح أن يعزز تماسك الصادرات ثقة بكين في هذا النهج قبيل المحادثات المقررة في وقت لاحق من الشهر الجاري".

وبحسب "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي"، بلغ متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية 58% بنهاية سبتمبر الماضي، مقابل 33% للرسوم الصينية على الواردات الأمريكية.

وعلى رغم أن المعدلات الحالية تتجاوز المتوسط العالمي بنحو 25 نقطة مئوية، فإن قوة التصنيع الصينية ما زالت تدفع بنمو الصادرات.

وفي خطوة انتقامية مماثلة، فرضت بكين رسوماً جديدة على السفن الأمريكية الراسية في موانئها، دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء.

فقد أعلنت الصين الأسبوع الماضي أن السفن المملوكة أو المشغَّلة من شركات أو أفراد أميركيين ستخضع لرسوم قدرها 400 يوان (نحو 42 جنيهاً إسترلينياً) لكل طن صافٍ في كل رحلة ترسو فيها داخل الموانئ الصينية. وستُطبَّق هذه الرسوم على السفينة نفسها بحد أقصى خمس رحلات سنوياً، على أن ترتفع تدريجياً كل عام حتى عام 2028، حين ستبلغ 1120 يواناً (نحو 117 جنيهاً إسترلينياً) للطن الصافي.

وتتماشى هذه الخطوة إلى حد كبير مع الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على السفن الصينية. إذ تُفرض على السفن المملوكة أو المشغَّلة من جهات صينية رسوم قدرها 50 دولاراً (37 جنيهاً إسترلينياً) لكل طن صافٍ في كل رحلة إلى الولايات المتحدة، على أن تزداد بمقدار 30 دولاراً (22 جنيهاً إسترلينياً) سنوياً حتى عام 2028.

ووفقاً لمؤسسة "كلاركسون للبحوث"، قد تطاول رسوم الموانئ الصينية الجديدة ناقلات النفط التي تمثل نحو 15% من إجمال السعة العالمية لناقلات النفط.

هل يلتقي دونالد ترمب شي جينبينغ للتفاوض في شأن التجارة؟

كان من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الصيني شي جينبينغ خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، المزمع عقدها في كوريا الجنوبية أواخر أكتوبر الجاري. وترددت أنباء عن زيارة محتملة لترمب إلى بكين في يناير/ كانون الثاني 2026، غير أن احتمال عقد تلك الاجتماعات تراجع بعد التصعيد الأخير في التوترات بين البلدين.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن اللقاء المقرر بين ترمب وشي لا يزال قائماً كما هو مخطط له، في إطار جهوده لطمأنة التجار والمستثمرين على جانبي المحيط الهادئ، مشيراً إلى التعاون القائم بين فريقي التفاوض واحتمال أن يجدا سبيلاً للمضي قدماً بعد الهدنة الجمركية الراهنة.

وقال بيسنت لشبكة "فوكس بيزنس" الإثنين: "لقد خففنا حدة التصعيد بصورة كبيرة".

وأضاف أن اتصالات مكثفة جرت بين الجانبين خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأن اجتماعات على مستوى المتخصصين ستُعقد هذا الأسبوع في واشنطن على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وأوضح بيسنت: "ليس من الضروري أن تُفرض الرسوم بنسبة 100%. فالعلاقة، على رغم الإعلان الصادر الأسبوع الماضي، لا تزال جيدة. لقد أُعيد فتح قنوات الاتصال، وسنرى إلى أين ستؤدي".

وتابع: "قال الرئيس ترمب إن الرسوم لن تدخل حيز التنفيذ قبل الأول من نوفمبر المقبل، وهو سيجتمع مع الرئيس شي في كوريا. أعتقد أن الاجتماع لا يزال قائماً".

وتتفاوض واشنطن وبكين منذ مايو/ أيار الماضي.

وقد أكدت وزارة التجارة الصينية الثلاثاء أن اجتماعاً على مستوى المتخصصين عُقد في اليوم السابق.

وأشارت الوزارة أيضاً إلى المفاوضات الرسمية السابقة التي جرت في لندن وستوكهولم ومدريد، والتي انتهت بتمديد الهدنة الجمركية لمدة 90 يوماً.

لكن الوزارة حذرت من أن "الولايات المتحدة لا يمكنها أن تطالب بإجراء محادثات بينما تلوّح في الوقت نفسه بإجراءات تقييدية جديدة".

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI