14 نوفمبر 2025
14 نوفمبر 2025
يمن فريدم-محمد ناصر


في وقت تشير فيه تقديرات دولية إلى وجود أكثر من 4.5 مليون طفل يمني خارج مقاعد الدراسة نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية منذ عام 2014، دشّنت منظمة "طفل الحرب" مشروعاً جديداً يستهدف إعادة دمج الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في محافظة تعز، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، في خطوة تعد من بين أهم المبادرات التعليمية والإنسانية خلال السنوات الأخيرة.

وقبيل الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية، كان عدد الأطفال المتسربين لا يتجاوز مليونَي طفل، إلا أن الرقم تضاعف خلال العقد الماضي بفعل النزوح الواسع الذي طال نحو 4.5 مليون شخص، وتدمير عشرات المدارس، إضافة إلى تجنيد الأطفال، وتحويل المؤسسات التعليمية إلى مراكز عسكرية.

ويسعى المشروع الجديد، الذي يحمل عنوان "أيادٍ صغيرة... أحلام كبيرة» ويُنفّذ بالشراكة مع جمعية «بناء الخيرية للتنمية الإنسانية"، إلى إعادة دمج الأطفال، وتحسين بيئة المدارس، وتقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي.

يركز المشروع على توفير التعليم الرسمي وغير الرسمي للأطفال خارج المدرسة في مديريات المعافر، والمظفر، والقاهرة، وصالة، وهي مناطق تشهد أعلى معدلات التسرب في المحافظة.

وسيتم دمج أنشطة الحماية داخل العملية التعليمية عبر جلسات للإرشاد النفسي، وتدريب متخصصين محليين على تقديم خدمات الدعم الاجتماعي، بما يعزز مرونة الأطفال وقدرتهم على التكيف.

كما سيُشرك المشروع أولياء الأمور والمجتمع المحلي عبر مجالس الآباء والأمهات ولجان حماية الطفل، في محاولة لإعادة بناء دور المجتمع في حماية التعليم، وضمان وصول الأطفال إلى المدارس، والحد من عمالة الأطفال والزواج المبكر.

وبحسب مصادر في قطاع التعليم، فإن عدداً كبيراً من الأطفال في تعز يضطرون للعمل، أو التسول، أو الالتحاق بجبهات القتال في مناطق سيطرة الحوثيين، بسبب انهيار الوضع الاقتصادي، مما يجعل أي مشاريع حماية وتعليم شاملة ضرورة ملحّة.

تعليم مرن واستجابة للأزمات

يتضمن المشروع إضافة إلى الأنشطة التعليمية دعماً لوجستياً لمواجهة الأزمات، خصوصاً في ظل تجدد المعارك أو تعرض المنطقة لصدمات مناخية. ويشمل ذلك إنشاء بنية تحتية مرنة للصرف الصحي والمياه، وتأهيل الفصول الدراسية المتضررة، وتوفير مواد تعليمية أساسية، إلى جانب دعم النقل المدرسي، وهو العنصر الذي تفتقر إليه كثير من القرى المحيطة بمدينة تعز.

وسيتم تنفيذ عملية مراقبة جودة مشتركة بين منظمة "طفل الحرب"، ووزارتَي التخطيط والتعاون الدولي، والتربية والتعليم، إضافة إلى مكاتب التربية في المديريات المستهدفة. ويأمل القائمون أن تضمن هذه الشراكة الحكومية - الدولية تنفيذ المشروع وفق أعلى مستويات الشفافية، وتفادي عراقيل يصنعها الصراع السياسي والميداني.

ويهدف المشروع في نهايته إلى تمكين 6625 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و18 عاماً من الحصول على فرص تعليمية أفضل، وتحسين مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، بما يفتح أمامهم آفاقاً أكثر أماناً واستقراراً.

وتعمل منظمة "طفل الحرب" في عدة دول متضررة من النزاعات حول العالم، وتقدم برامج تعليمية ونفسية تهدف إلى حماية الأطفال من آثار العنف، وتمكينهم من استعادة حياتهم الطبيعية.

ضمان مدرسة آمنة

يقول عارف جبار، المدير القطري للمنظمة في اليمن، إن الفريق يعمل على "تحسين بيئة التعليم وضمان مدرسة آمنة وصحية، ومكافحة عمالة الأطفال والزواج المبكر"، مضيفاً أن نهج المنظمة "يجمع بين المعرفة المحلية والخبرات الدولية لتقوية قدرات المجتمع وتحقيق نتائج مستدامة".

المبادرة الجديدة تُعد من المشاريع القليلة التي تجمع بين التعليم الرسمي وغير الرسمي، والحماية، والدعم النفسي، وتمكين المجتمعات المحلية، وهو ما يمنحها فرصة حقيقية لصناعة فارق ملموس في واحدة من أكثر المحافظات تضرراً.

وفي إطار الجهود الموازية، سيقوم المشروع بتوفير فصول مجتمعية بديلة للأطفال غير الملتحقين بالمدارس، إضافة إلى تقديم مساعدات نقدية لأشد الأسر ضعفاً لمنع اضطرار أطفالها للعمل، أو تزويجهم في سن مبكرة، وهي ممارسات توسعت خلال سنوات الحرب.

ويؤكد خبراء تربويون في تعز أن المشروع يحمل "أهمية استراتيجية"، خصوصاً بعد أن حوّل الحوثيون عدداً كبيراً من المدارس إلى معسكرات للتدريب والتجنيد؛ ما أدى إلى إغلاقها أو هروب الطلاب منها، فضلاً عن تدمير عشرات المنشآت التعليمية بالقصف أو الإهمال.

(الشرق الأوسط)
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI