يزيد تردي خدمات الاتصالات والإنترنت في اليمن من البطالة، حيث تتعرقل فرص الوصول إلى أسواق العمل في الكثير من الأنشطة التي باتت تعتمد على هذه الخدمات.
ولا يمتلك سوى 27% من اليمنيين خدمة الاتصال بالإنترنت، وهي الخدمة التي تعتبر من بين الأغلى والأقل موثوقية في العالم، وفق تقارير متخصصة.
وبحسب تقرير حديث صادر عن مركز "Arabia Brain Trust" للدراسات، فإن تعزيز اتصال اليمنيين بخدمة الإنترنت سيكون له أثر بالغ في زيادة حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، وفتح فرص في قطاعات جديدة، مع توفير الوظائف للعمالة الماهرة، وتمكين النساء والمجتمعات المهمشة، إضافة إلى إحداث ثورة في الإدماج المالي بالنظر إلى استخدام اليمنيين خدمات الاتصالات، كالأجهزة المحمولة، لتسديد المدفوعات في حال كانت الخدمة متاحة، مشيراً إلى أن أقل من 4% من اليمنيين فقط استخدموا خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول بنهاية 2022.
في السياق، يقول الخبير في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات مروان سالم، لـ"العربي الجديد"، إن الضرورة تقتضي التفكير بأهمية هذا القطاع، خاصة في ما يتعلق بمعالجة تداعيات الانقسام المالي، مشيراً إلى أن دمج الخدمات المالية الرقمية مع الأساليب التقليدية، على سبيل المثال، سينعكس بأثر بالغ في تمكين أكثر من 90% من اليمنيين الذين لا يملكون حسابات مصرفية من الوصول إلى الخدمات المالية، وإشراك المجاميع والمناطق المحلية المنفصلة في الجانب المالي والنقدي بما يتيح طرقاً جديدة للوصول إلى الخدمات.
ورغم تدشين خدمات الجيل الرابع من الهاتف الجوال (4G) في اليمن العام الماضي، إلا أنها أثارت انتقاد كثير من المستخدمين الذين يرون أنها لم تشكل إي إضافة ملموسة في تحسين خدمة الإنترنت. في المقابل، تعتبر بيانات الهاتف الجوال في اليمن الأغلى على مستوى العالم، حيث يصل سعرها إلى نحو 16 دولاراً للغيغابايت.
ويشير أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء أحمد جبران، لـ"العربي الجديد"، إلى ضرورة إيجاد أدوات من شأنها تسهيل وصول الناس إلى الخدمات وفرص العمل، لا سيما أن الاقتصاد اليمني محدود الموارد.
ويضيف أن الاقتصاد الذي يستند إلى تعزيز وتحسين جوانب التنقل والوصول والاتصال والاستدامة يتمتع بالقدرة على التطوير والمرونة في مواجهة الصدمات، بما فيها الاضطرابات السياسية أو الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية وحتى الكوارث الطبيعية، كما أنه يوفر بيئة محصنة يمكن للناس أن يقودوا فيها مسار التنمية الخاصة بهم، وحمايتهم من التدخل غير الضروري من قبل النخب السياسية أو الاقتصادية أو بيروقراطيات المساعدات الإنسانية.
ويعيش اليمن على وقع تجاذبات وصراع طاحن يشهده قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وتركزه بشكل كبير على شركات الهاتف النقال وخدمات الإنترنت التي تقدمها والاستثمارات الجديدة، التي بدأت بالتسلل أخيراً إلى هذا القطاع الحيوي، الذي يعتبر من الموارد الرئيسية في البلد الذي دخل منذ منتصف العام الماضي في حالة "لا حرب ولا سلم".
ويشدد المحلل الاقتصادي والمختص في تقنية الاتصالات توفيق الصلوي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، على ضرورة معالجة الاختلالات الحاصلة في قطاع الاتصالات.
ومطلع العام الجاري، أبرمت الحكومة اليمنية مذكرة تفاهم مع الإمارات، تسمح باستثمار الدولة الخليجية في مشروعات قطاع الاتصالات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة التي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة لها.
وتشهد مختلف خدمات الاتصالات تدهوراً كبيراً في عدن تحديداً ومختلف المناطق التابعة للحكومة التي قامت جهات محسوبة عليها، في منتصف العام الماضي، بإيقاف المراكز التابعة لشركة الاتصالات الجديدة "يو" التي استحوذت على الشركة السابقة "إم تي إن" الجنوب أفريقية قبل انسحابها من اليمن، الأمر الذي أدى إلى انقطاع وتوقف الخدمة عن مشتركي الاتصالات في هذه الشركة الذين يزيد عددهم عن 700 ألف مشترك.
وكانت شركة "إم تي إن" قد أعلنت في نهاية عام 2021 مغادرتها اليمن بشكل نهائي والانسحاب من العمل، بالتوازي مع الإعلان عن استحواذ شركة استثمارية عمانية على هذه الشركة.
كما أعلنت مجموعة استثمارية يمنية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في فعالية نظمتها في مدينة عدن، جنوبي اليمن، عن استحواذها على إدارة وتشغيل شركة "واي" للهاتف النقال التي أنهت سلطة صنعاء عملها بصورة غامضة قبل أكثر من عام.
(صحيفة العربي الجديد)