مع دخول الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعها الرابع، بدأ القتال يشتد في مناطق أخرى في إقليم دارفور غربي البلاد بعد أن كان متمركزا في العاصمة الخرطوم، وسط مخاوف من عودة العنف مجددا للإقليم الذي ظل يعاني لسنوات من الحرب.
ورغم سيطرة الجيش السوداني على معظم ولايات دارفور الخمس، ما زالت قوات الدعم السريع تتركز في مواقع عديدة بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دافور، من بينها مطار المدينة.
وينقسم إقليم دارفور إلى خمس ولايات إدارية هي شمال دارفور وعاصمتها مدينة الفاشر، وجنوب دارفور وعاصمتها مدينة نيالا، وغرب دارفور وعاصمتها مدينة الجنينة، وشرق دارفور وعاصمتها مدينة الضعين، ووسط دارفور وعاصمتها مدينة زالنجي.
وفي خضم الاشتباكات المحتدمة في الخرطوم، أعلن رئيس "حركة تحرير السودان" منّي أركو مناوي، الاثنين، أن قواته توجهت إلى إقليم دارفور، دون أن يذكر المكان الذي تغادره ولا سبب ذلك.
ولقوات مناوي الذي يشغل أيضا منصب حاكم إقليم دارفور، وجود عسكري في العاصمة السودانية بموجب اتفاق سلام مع الخرطوم في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، واتخذت موقفا محايدا في الصراع الذي اندلع في 15 أبريل/ نيسان الماضي بين الجيش و"الدعم السريع".
مواقع السيطرة
منذ اندلاع الاشتباكات منتصف أبريل الماضي، ظل الجيش السوداني يسيطر على معظم ولايات دارفور الخمس، بينما تنتشر قوات الدعم السريع في عدة مواقع بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور المتاخمة لحدود دولة جنوب السودان.
ورغم السيطرة الكبيرة للجيش على ولايات شرق دارفور ووسط دارفور، وغرب دارفور، فإن الآثار السلبية للاشتباكات المتقطعة لم تسلم منها هذه الولايات.
وفي نيالا التي تعد ثاني أكبر المدن كثافة سكانية في السودان، يسيطر الجيش على الجزء الغربي من المدينة الذي يضم مرافق الحكومة والقيادة العسكرية، بينما تسيطر "الدعم السريع" على جزئها الشرقي الذي يقع فيه المطار ومقرات الشرطة وجهاز المخابرات.
وخلافا للسيطرة على المواقع، تشير بيانات الجيش السوداني إلى انتشار لقوات من الدعم السريع بين المنافذ الغربية للعاصمة الخرطوم ومناطق دارفور.
والأحد، قال الجيش في بيان، إنه رصد هروب مجموعة من الدعم السريع على متن 40 عربة متجهة من الخرطوم إلى غربي البلاد، بينما ذكر السبت، أنه رصد مجموعة تعزيزات عسكرية للدعم السريع مكونة من 25 عربة قتالية تحركت من جنوب دارفور في طريقها إلى العاصمة.
ورغم أن مدينة الأبيض (وسط) خارج إقليم دارفور، فإن موقعها الرابط بين ولايات دارفور والخرطوم، جعلها في مرمى نيران اشتباكات الجيش و"الدعم السريع" دون أن تستطيع الأخيرة السيطرة عليها.
ولذلك شهدت المدينة الأحد، هجوما من "الدعم السريع" على إحدى قراها الجنوبية خلف 15 قتيلا وفق تقديرات محلية، وسبق أن تعرضت الأسبوع الماضي أحياء في المدينة لاشتباكات بين الطرفين أدت إلى مقتل قرابة 12 شخصا وإصابة العشرات.
ضحايا الاشتباكات
بات ضحايا الاشتباكات من ولايات دارفور يشكلون حضورا راتبا في تقارير الوفيات والإصابات التي تصدرها وزارة الصحة السودانية ونقابة أطباء السودان (غير حكومية)، ما يشير إلى استمرار التوتر الأمني في الإقليم الغربي بجانب الخرطوم.
والأحد، قالت نقابة أطباء السودان إن "جميع المستشفيات والمرافق الصحية ما زالت متوقفة في مدينة الجنينة (غرب)" مشيرة إلى أنها استطاعت "حصر 100 وفاة في المدينة منذ 24 أبريل الماضي، بينما لا يوجد حصر دقيق لعدد الإصابات".
بدورها، ذكرت وزارة الصحة الاتحادية في آخر تقرير أصدرته حول الاشتباكات بتاريخ 2 مايو/ أيار الجاري، أنها "سجلت حالة وفاة واحدة بولاية وسط دارفور".
وفي 3 مايو الجاري، قالت جمعية الهلال الأحمر السوداني في بيان، إنها "أكملت إدارة 19 جثة وأخلت 307 جريحا في ولاية غرب دارفور"، بينما أشارت إلى أن فريقها بولاية شمال دارفور" قام بإدارة 51 جثة وفق الإجراءات القانونية المتبعة".
مخاوف الصراع القبلي
ويخشى مراقبون من تفاقم النزاع القبلي في دارفور جراء استمرار اشتباكات الجيش و"الدعم السريع" وانحياز قبائل المنطقة بأسلحتها لأحد طرفي الصراع، في وقت يزداد فيه سكان الإقليم النازحون إلى تشاد المجاورة بسبب القتال الأخير.
وكانت الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور مسرحا لتحول اشتباكات الجيش والدعم السريع إلى قتال قبلي، حيث اندلع في 24 أبريل الماضي صراع عنيف سقط فيه عشرات القتلى، وصفه الجيش بأنه ذو طبيعة "قبلية" بين قبائل عربية وقبيلة المساليت الإفريقية.
وفي 27 أبريل الماضي، عاودت مليشيات مسلحة هجوما عنيفا على الجنينة، تعرضت فيه مستشفى المدينة التعليمي لعمليات نهب كما اندلعت عمليات حرق واسعة طالت الأسواق والمرافق الحكومية والصحية ومقرات منظمات طوعية وأممية والبنوك، وفق شهود عيان.
وفي 6 مايو الحالي، تجددت الاشتباكات في مدينة نيالا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وطالت 3 أحياء من المدينة، استخدم فيها الجانبان أسلحة ثقيلة أحدثت أضرارا في عدد من منازل المدنيين.
ويوم اندلاع الاشتباكات في 15 أبريل الماضي، شهدت المدينة قتالا عنيفا بين الطرفين أدى إلى مقتل أكثر من 60 مدنيا، وفق تقديرات محلية.