يستخدم المزارعين في اليمن مادة "الكربيد كالسيوم" أو ما تعرف محليًا بمادة الكربون من أجل تسريع إنضاج الفاكهة قبل أوانها، طريقة تحمل في طياتها العديد من المخاطر الصحية التي من الممكن أن تصيب المستهلكين لهذه الفواكه.

اعتمد المزارعين على هذه الطريقة الغير آمنة صحيًا بصورة دائمة متجاهلين المخاطر والأمراض التي من الممكن أن تسببها مادة الكربون، سواء للمزارعين أنفسهم أو على المحاصيل الزراعية والبيئة نفسها بالإضافة إلى المستهلكين.

يختصر "كربيد الكالسيوم" الكثير من الوقت اللازم لنضج الفاكهة بصورة طبيعية وذلك من خلال التأثير الكبير والفعال في رفع درجة الحرارة في الأماكن التي يستعملها المزارعين بصورة خاصة لهذه العملية، حيث يتم عمل ذلك بطرق مختلفة.

خوف من فساد المحصول

على الرغم من خطورة استخدام "كربيد الكالسيوم" إلا أن هذه الطريقة باتت الحل الوحيد أمام المزارعين في ظل غياب الوسائل الآمنة بالإضافة إلى خوفهم من فساد المحاصيل الزراعية وبالتالي فقدانهم لمصدر دخلهم الوحيد في الحياة.

يقول المزارع "زايد بن ثبية" من أبناء محافظة الجوف وصاحب مزارع متعددة بأنه يلجأ إلى استخدام طريقة إنضاج الفاكهة بالكربون وذلك لخوفه من فساد محصوله الزراعي الذي يعتمد عليه في توفير متطلبات الحياة المعيشية.

ويضيف في حديثه لـ "يمن فريدم" قوله: " كل المحصول من الفواكه مثل الموز والمانجو لابد من استخدام الكربون وإلا فإنه يفسد نصف المحصول إن ترك فوق الشجر وأنا عليّ التزامات للناس يجب أن أسددها للناس، لذلك أنا مضطر".

وعن الطريقة التي يستخدمها فقد أوضح "زايد" بأنه يتم جني المحصول قبل موعد نضجه بأسبوعين أو أكثر ويتم تخزينه في غرف خاصة مظلمة ويتم وضع كميات من "الكربون" في أجزاء من الغرفة أو بين صناديق الفاكهة المغلقة بإحكام.

يعمل "كربيد الكالسيوم" على رفع درجة الحرارة بصورة كبيرة داخل تلك الغرفة المغلقة الأمر الذي يؤدي إلى عملية تسريع نضج الفاكهة في وقت قياسي لا يتعدى الأسبوع الواحد بحسب حديث "زايد".

مخاطر صحية

في الوقت الذي يستفيد المزارعين فيه من استخدام مادة "الكربون" ويساعدهم في اختصار الوقت والجهد إلا أن هناك العديد من المخاطر الصحية والبيئية التي يتسبب فيها "الكربون، لكن انعدام الاهتمام الرسمي بهذا المجال دفع بالعاملين فيه إلى البحث عن طرق غير آمنة لرفد السوق المحلية بالمحاصيل الزراعية من أجل توفير متطلبات الحياة، متجاهلين المخاطر التي قد يتسببون فيها.

أخصائي التغذية "هيثم الدبعي" يقول في تصريحه لـ "يمن فريدم" إن استخدام كربيد الكالسيوم تاريخيًا كمصدر لغاز "الأسيتيلين" وله استخدامات عديدة في الزراعة منها عامل النضج وخاصة الموز، ومع ذلك فإن طريقة إنضاج الفاكهة الاصطناعية باستخدام "كربيد الكالسيوم" تعتبر غير آمنة، حيث يحتوي على خصائص مجففة ما يعني أنه يمتص الرطوبة من البيئة المحيطة، وقد أصبح استخدام كربيد الكالسيوم في إنضاج الفاكهة محظورًا في العديد من البلدان بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والمخاطر الصحية المحتملة.

مخاطر بيئية

وعن المخاطر المحتملة يشير "الدبعي" إلى وجود مخاطر متعددة محتملة منها ما يتعلق بالمخاطر البيئية ومنها مخاطر قد تصيب المزارعين أنفسهم ومخاطر للمستهلكين، فعندما عندما يتلامس كربيد الكالسيوم مع الرطوبة فإنه يطلق غاز الأسيتيلين والذي يضر بالإنسان إذا تم استنشاقه، فقد يؤدي ذلك إلى مشاكل في الجهاز التنفسي وتهيج العيون وحتى تلف الجهاز العصبي، بالإضافة إلى وجود كميات من المواد الكيميائية الضارة مثل "الزرنيخ وغاز الفوسفين" الذي من الممكن أن تشكل مخاطر للمستهلكين.

وينوه "الدبعي" إلى وجود مخاوف ومخاطر بيئية عديدة حيث يساهم غاز الأسيتيلين في تلوث الهواء ويمكن لبقايا كربيد الكالسيوم إذا لم يتم التخلص منها بشكل صحيح في أن تلوث التربة ومصادر المياه مما قد يؤثر على النظم البيئية والكائنات الحية

المهندس الزراعي" محمد الفاضلي" يقول:" استخدام مادة الكربيد كالسيوم يسبب أضرار كبيرة على مستوى المحاصيل الزراعية حيث يؤثر يفقد قيمته الغذائية وجودته تقل بشكل كبير جدا".

لا يقتصر الأمر على مخاطر استخدام "الكربيد كالسيوم" في إنضاج الفاكهة فقط، فالمزارعين يستخدمون العديد من السموم المجهولة المصدر وبصورة كبيرة جدًا والتي تعتبر مواد مسرطنة، لذلك فإن معدل الإصابة بالأمراض السرطانية انتشر بصورة مفزعة بين المواطنين، كما يشير "محمد الفاضلي".

تتحمل الجهات الرسمية المختصة سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو مناطق الحكومة الشرعية المسؤولية الكاملة لمخاطر الوسائل التقليدية في عملية تسريع إنضاج الفاكهة، بالإضافة إلى توفير الوسائل الآمنة للمزارعين والتي من شأنها تطوير قطاع الزراعة ودعم المزارعين وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتدنية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي ألقت بظلالها على المزارعين بصورة كبيرة.