يسعى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى تجديد سياسة المملكة الخارجية والانخراط دبلوماسيا مع منافسته الأولى إيران في محاولة لتحقيق الاستقرار الإقليمي اللازم لتحقيق خطته "رؤية 2030".
وتنقل مجلة "نيوزويك" في تحليل لها أن ولي العهد السعودي يسعى لإنهاء الحرب في اليمن وتحقيق خطته داخليا في المملكة، وذلك بمساعدة طهران.
وتشير المجلة إلى أنه حتى مع استمرار الاتفاق الذي توسطت فيه الصين بين الرياض وطهران، لا تزال هناك تحديات خطيرة في المستقبل.
وترى المجلة أن أصعب مهمة أمام الرجل الذي يمكن أن يحكم المملكة لعقود هي انتشال بلاده من حرب أهلية شرسة عبر الحدود في اليمن مع إيجاد حل للتهديدات الأمنية المستمرة "التي يمكن أن تكون مدمرة لأجندته وإرثه".
ووفق المجلة، فإن العامل الاقتصادي مهم لكلا الجانبين، حيث ثبت أن انعدام الأمن مُكِلف لآمال إيران والسعودية في زيادة نفوذهما على المسرح العالمي.
تقارب صعب
يقول المحلل الأمريكي، وليام لورانس، إن التقارب السعودي الإيراني لن يكون سهلا، مشيرا، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن البلدين تقاربا في بعض القضايا لكن ليس في كل شيء.
ومع ذلك، يستبعد لورانس أن تسبب الخلافات بين البلدين نزاعات، "لأن الوقت الراهن يشهد صفقات سلام بين الجميع، وليس بالضرورة أن جميع هذه الصفقات ستنجح"، بحسب ما يراه.
ويقر لورانس أن التقارب مع إيران مفيد للسعودية، لأن كل ما تقوم به الرياض مرتبط برؤية 2030، وإن استطاعت وقف الصواريخ التي تهاجمها فذلك يساعد الاستثمارات، وهذا ما يريده ولي العهد السعودي الذي يسعى لتحقيق تلك الاستثمارات.
ويرى لورانس أن الحل لوقف الصراع في اليمن بيد الدولتين، لأن "الحوثيين يرغبون فقط في السيطرة على منطقتهم، بينما الحكومة المدعومة من قبل السعودية والإمارات تدرك أنه لا يمكنها السيطرة على الشمال، لذلك فالنزاع لن يحل عسكريا".
لكن هل يتحقق السلام؟ "نعم"، يقول لورانس، "لأنه لا ضرورة لهذه الحرب".
واستهدفت السعودية في السنوات الأخيرة بصواريخ أطلقتها حركة أنصار الله اليمنية المتحالفة مع إيران، والتي يشار إليها باسم "الحوثيين"، وتعرضت لضربة مدمرة بطائرة بدون طيار بشكل خاص ضد منشآت بقيق وخريص النفطية، في سبتمبر عام 2019، ونسبت العملية مباشرة إلى إيران على الرغم من نفي طهران مسؤوليتها عن الهجوم.
وفي حين أن التنافس الإقليمي بين الرياض وطهران قد ظهر في عدد من البلدان، بما في ذلك لبنان والعراق وسوريا، أثبتت الحرب في اليمن أنها جبهة متقلبة بشكل خاص.
لكن كينيث كيتزمان، الخبير الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، فيقول إنه "يشكك في قدرة التقارب بين البلدين على وقف الحرب في اليمن".
ويقول كيتزمان في حديث لموقع "الحرة" إن واشنطن لا تزال لا تصدق إيران بشأن التزاماتها، ورغم وعد الإيرانيين للرياض بوقف الحرب، لكن ذلك لم يتم بعد".
ويرى الخبير أن ليس هناك تغييرا حقيقيا في العلاقات بين السعودية وإيران.
ويقول كيتزمان إن تطبيع العلاقات بين البلدين لن يكون سهلا، لأن "إيران لا تزال تسعى للنفوذ في الخليج، ولبنان والعراق وسوريا"، أما السعودية تحاول العمل مع الولايات المتحدة وإسرائيل لاحتواء إيران، "لذلك لا أتوقع علاقة قوية بين البلدين".
وبالنسبة لرؤية السعودية 2030، يرى الخبير أن ولي العهد السعودي يمكنه العمل عليها والتقرب من إيران و"لكن في نفس الوقت مواجهة نفوذها استراتيجيا".
أما إيران، بحسب ما يراه كيتزمان، فلا يمكنها "مساعدة 'بن سلمان' في رؤيته، لأنها تحت ضغط العقوبات، واقتصادها لا ينمو".
واتُّهمت الرياض طوال الصراع بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استهداف المدنيين، في حين اتُّهمت طهران بتزويد الحوثيين مباشرة بمعدات عسكرية متطورة. وينفي الجانبان هذه المزاعم.
ومن المرجح أن تتمقل الخطوات التالية بالاستفادة من الروح الدبلوماسية والنوايا الحسنة النادرة بين إيران والسعودية، التي ظهرت منذ إعادة العلاقات حاسمة، بالنسبة لجهود ولي العهد السعودي لإعادة تعريف صورته الدولية، والتي ارتبطت حتى الآن ارتباطا وثيقا بالصراع في اليمن، وفق المجلة.
وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران، عام 2016، بعد هجوم شنه متظاهرون إيرانيون على كلّ من سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، احتجاجاً على إعدام الرياض رجل الدين الشيعي البارز، نمر النمر.
لكن البلدين اتفقا على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما بعد قطيعة أنهاها اتفاق مفاجئ تمّ التوصّل إليه بوساطة صينية، في العاشر من مارس الماضي.