في ضواحي تبن بمحافظة لحج جنوب البلاد تكد 84 امرأة ساعات النهار في سبيل طحن مادة الحناء من أجل توفير لقمة العيش لأسرهن إذ باتت هذه المهنة هي المهنة الوحيدة المتاحة لهؤلاء النساء الريفيات.
على مدى سنوات ظل عمل هؤلاء النساء يقتصر على شراء مادة الحناء من مزارع الحناء في تبن وبيعه على المحال والاسواق التجارية وهو مهمة مضنية وغير مربحة كما يشير العاملات في هذه المهنة.
قبل عامين بدأت نوف محمد العمل في مطحن الحناء في قرية بير جابر عقب دعم تحصلن عليه مع 11 امرأة في المنطقة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو الأمر الذي ساعدهن في رفع الطموح ووتيرة العمل لديهن من خلال رفع قدرة الانتاج لمادة الحناء قبل تسويقها لأسواق لحج وعدن.
مراحل الانتاج
وأشارت نوف وهي المشرفة على معمل بير جابر أنهن يعملن على طحن الحناء بعد تجفيفه ليوم واحد بعد القيام بقطعه من المزارع وبعد تصفيته، ومن ثم جمعه في أكياس وتوريده عن طريق شخص لديه دراجة (تُكتُك) تحصل عليه المعمل من الصليب الاحمر يقوم بنقل الحناء إلى السوق وهناك يتم بيعه بالجملة في سوق السيلة، ويتفاوت سعر الكيس الواحد الذي يتم بيعه بين أربعين ألف إلى خمسه وأربعين ألف ريال بحسب الوزن حيث يتقاسمن العاملات حصيلة الانتاج بعد إخراج متطلبات العمل الأخرى.
جمعية تنمية وتمكين المرأة الريفية في لحج لعبت دورا كبير في توفير المطاحن في سبع من مناطق لحج ذات الطبيعة والتي تقع غالبيتها في ضواحي مديرية تبن من خلال الدعم المقدم من الصليب الاحمر.
تقول مدير تنمية وتمكين جمعية المرأة الريفية في محافظة لحج، فتحية أرشد" لـ "يمن فريدم" إن الجمعية تتكون من 22 مركزا وتم اختيار منها 7مراكز لعمل معامل انتاج مطحون الحناء، ومن خلال ذلك بدأت جمعية تنمية وتمكين المرأة الريفية بعمل مجاميع نسائية تتكون من 12 امرأة عامله في مجال الحناء، وبدأت بتأسيس صناديق ادخار لعدد 7 من المجاميع وتم الشروع في تكوين رأس مال لكل مجموعة، وبدأن في شراء أشجار الحناء الخام ويتم طحنه عند ملاك الطواحين بالإيجار، ثم يتم بيعه على المحال التجارية وبهذا تكون راس مال للمجاميع من خلال بيع الحناء المطحون.
84عاملة في طحن الحناء
وأشارت أرشد أن الجمعية عملت دراسة لتطوير المشروع وتم عرضها للمنظمة الدولية للصليب الأحمر، وتم الموافقة على دعم المعامل بالطواحين ومعدات العمل وبناء هناجر للمعامل وتم تدريب الطاقم المكون من 84عاملة زراعية لعدد 7 معامل في إدارة أعمال المشروع.
وأضافت أن عدد إجمالي عدد المستفيدات من العاملات الزراعيات 84 عامله زراعية موزعين على 7 معامل وكل معمل مكوّن من رئيس الفريق ومشرفة أعمال، ومسؤولة مالية وعاملات زراعيات.
وعددت أرشد الصعوبات التي تواجه العاملات في طحن الحناء، وتتمثل في تكرار انطفاء الكهرباء مما يعرقل عمل المجاميع، بالإضافة إلى عدم توفر وسيلة مواصلات لسهولة التوصيل إلى السوق، وغياب تشجيع المزارعين في توسع رقعة زراعة الحناء للاكتفاء الذاتي من المحصول الخام.
ووجدن العديد من النساء في لحج من صناعة الخزف وطحن الحناء والبخور فرصة للعيش في ظل تنامي حالة البطالة والفقر في سنوات الحرب حيث ارتفعت نسبة البطالة والفقر في اليمن لما يفوق70% وفق تقارير دولية.
وتوسعت زراعة الحناء في محافظة لحج بشكل واسع في السنوات الاخيرة حيث تقدر المساحة الكلية لزراعة بزهاء 200فدان، وتعد منطقة الفيوش التابعة اداريا لمديرية تبن من أكثر المناطق الزراعية في محافظة لحج في زراعة الحناء بعد أن ظل طيلة العقود الماضية تزرع بمساحات صغيرة وللاستخدام المنزلي فقط.
عمل متواصل
تشتغل العشرات من النساء في فترة ما بعد الظهيرة في مزارع الحناء المنتشرة في ضواحي تبن سواء من خلال رشه أو قطعه وتركه تحت التجفيف بعد نقله من المزارع إلى معامل الطحن.
بعد عملية قطعه تقول نوريا سيف وهي عاملة في معمل بير جابر أن النساء ينقلنه بعد تجفيفه الى ساحة بجوار معامل الطحن وهناك يظل يوما تحت اشعة الشمس ثم تتوزع المهام بين فرق العمل بين النقل والطحن والتغليف وبيعها بالتجزئة والجملة سواء في داخل القرية والقرى المجاورة أو أسواق المدينة.
أزمة الشتاء
وأشارت نوريا أن زراعة الحناء تواجه مشاكل كبيرة خلال فترة الشتاء بخلاف الصيف حيث أن الحصاد أما لا يكون بالشكل المؤمل منه أو ينتهي في مراحله الأولى جراء موجة البرد وبعض الآفات التي يجهل المزارعات طريقة القضاء عليها.
واوضحت أن العمل في مطاحن الحناء وفرن للنساء فرصًا حقيقية للعيش وحولتهن من دائرة الفقر المدقع والبطالة إلى دائرة الاستقرار الممكن، حيث يتحصلن جميع العاملات على المردود المالي من بيع الحناء.
ونجحت جمعية تنمية وتمكين المرأة الريفية في محافظة لحج، بعد متابعات حثيثة في توزيع معامل الطحن الذي تحصلت عليه من المنظمة الدولية للصليب الأحمر بعد سنوات من المتابعة بعد أن ظلين النساء في المنطقة بنسبة قليلة يقمن بشراء الحناء من مالكي المزارع وبيعه.
وعلى الرغم من أن النساء في المناطق الريفية اليمنية يواجهن الكثير من الصعوبات والتحديات، إلا إنهن يمثلن العديد من قصص النجاح التي تشكل فارقا كبيرا في المجتمع اليمني، فما تقدمه المرأة الريفية هو نموذج للتنمية والمشاركة في الإنتاج المحلي.