الميزانية الألمانية في ورطة، بعدما تصاعدت الأزمة التي خلّفها قرار المحكمة الدستورية والذي نصّ على أن إعادة تخصيص الديون غير المستخدمة والمخصصة في الأصل للتمويل الطارئ لجائحة كورونا لصالح خطط الإنفاق الحالية مسألة غير قانونية.
حكم دستوري ضد إعادة التخصيص
تصاعدت الأزمة بسبب المعارضة الألمانية غير الراضية على إعادة تخصيص الديون، وصعّدت المسألة إلى المحكمة الدستورية، التي أصدرت حكماً في الخامس عشر من نوفمبر تشرين الثاني بأنه من غير القانوني إعادة تخصيص الديون التي كانت موجهة لصالح أزمة كورونا نحو صندوق المناخ.
وكانت الميزانية التي تم الاتفاق عليها في ديسمبر كانون الأول 2021، سمحت للأحزاب بتحقيق أقصى استفادة ممكنة من التعليق المؤقت لحدود الاقتراض والمرتبط بفترة الجائحة.
وقد تم ذلك مع قانون الموازنة التكميلية الثانية لعام 2021، والذي عدل بأثر رجعي قانون الموازنة لعام 2021، لكن المحكمة الدستورية قضت بأن ذلك يتعارض مع القانون الأساسي في ألمانيا وبالتالي فهو باطلاً.
واستندت المحكمة الدستورية في قرارها إلى عدد من النقاط أبرزها أن تجاوز سقف الدين من الممكن أن يحدث في حالة الطوارئ، مثل ما كان الوضع عند اندلاع أزمة كورونا، لكن تحويل الأموال لصالح قضايا المناخ لم يستوف تلك الشروط.
تجميد الإنفاق.. وتعليق حد الاقتراض
وتصاعدت تداعيات الأزمة هذا الأسبوع، إذ قررت المالية الألمانية تجميد الإنفاق على مستوى جميع الوزارات.
وكشفت رسالة من وزارة المالية الألمانية عن تجميد تعهدات الإنفاق المستقبلي على مستوى الميزانية الفدرالية بأكملها تقريباً، وينطبق هذا الإجراء على كافة الوزارات وتمويل بـ 200 مليار يورو كان مخصصاً لدعم الشركات خلال الجائحة وأزمة الطاقة بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
وحذر وزير الاقتصاد الألماني روبيرت هابك من أن الحكم القضائي يهدد قدرة ألمانيا على دعم صناعتها عبر التحول الأخضر وكذلك الاحتفاظ بالوظائف.
فيما يدرس وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر في الوقت الحالي تقديم مقترح ميزانية تكميلية لهذا العام الأسبوع المقبل، وتشمل تعليق الحد الدستوري لصافي الاقتراض (كبح الديون) لرابع عام على التوالي، في ظل مساعي احتواء أزمة الميزانية.
ووضعت ألمانيا قانون كبح الدين في 2009، ويحد من حجم الديون التي من الممكن أن تتحملها الحكومة، كما يحدد الحد الأقصى لحجم العجز الهيكلي في ميزانية الحكومة الفيدرالية، وتقتضي القوانين أنه لا يمكن أن يكون أكبر من 0.35% من حجم الناتج المحلي الإجمالي السنوي لألمانيا.
ومع بداية أزمة كورونا، اتخذت الحكومة الألمانية إجراءات بإصدار ديون عاجلة لكبح تداعيات الأزمة على موازنتها وذلك عبر تعليق حد الدين.
وشدد ليندنر على أنه سيتم دعم الإنفاق بشكل خاص المخصص لصالح أمن الطاقة والغاز.
وكان وزير المالية متردداً بشأن تعليق حد الاقتراض، إذ أن حزبه السياسي من أنصار الانضباط المالي.
كما أن مسألة إقرار موازنة عام 2024 قبل نهاية هذا العام أصبح على المحك، بعدما أكد ليندنر على أن الأولوية الآن هي إرساء ميزانية هذا العام على أساس قانوني.
ومع ذلك، تعهد المستشار الألماني أولاف شولتس بإنهاء موازنة العام المقبل بحلول نهاية 2023.
ومع تنحية تلك الأزمة جانباً، يعاني الاقتصاد الألماني من انكماش في الناتج المحلي الإجمالي، كما أظهرت البيانات الاقتصادية أمس، إذ انكمش الاقتصاد بنحو 0.1% في الربع الثالث، وسط انكماش الإنفاق الاستهلاكي الخاص الذي يمثل حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.3% على أساس فصلي.