15 يوليو 2024
4 أكتوبر 2022
يمن فريدم-خاص-منيرة أحمد الطيار
الصورة أرشيف

 

قد يبدو المستشفى هو الأمل الأخير للنجاة والشفاء إلا في اليمن يلجأ إليه المريض كآخر حل ربما ينجح، وربما يفشل، كون المستشفيات الخاصة في الفترة الأخيرة باتت سيئة السمعة، إعاقات مستدامة وموت حتمي وكأن المريض لا يكفيه الصراع مع المرض، بل عليه أن يتصارع مع الموت المتربص به في المستشفى، إذ لا يقتصر الأمر على الأخطاء الطبية فقط، بل يمتد للإهمال والاستهتار المتعمد والغير مسؤول من قبل الأطباء.

 

قرابة العام وعمار يطالب بحق نجله "عبداللطيف" الذي اصيب بعاهة مستدامة منعته من الحركة مجددا، بسبب اهمال طبي واستهتار من قبل المستشفى في التشخيص الصحيح للحالة حال وصولها للمستشفى عند تعرضه لحادث سير، ولكن التشخيص الخاطئ جعل من عبداللطيف عمار المقالح البالغ من العمر (12) عاما معاقا لا يستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعي كأي طفل، فبسبب الخطأ الطبي الذي حدث له نتيجة عملية خاطئة تجميلية تضرر المفصل وتأكل العظم وتورمت.

 

 يحكي والد الضحية: "أسعفت إبني عبداللطيف لمستشفى "يوني ماكس" أثر تعرضه لحادث سير بسيط وسطحي ولدي أوراق تثبت ذلك، حالما وصلنا للمستشفى تم ابلاغي أن إبني بخير وأن الجرح سطحي فقط يحتاج لعملية تجميلية وسيخرج بعدها اليوم الثاني ما كان مني إلا أن وافقت ولكن بعد 12 يوما لاحظت تورم رجل ابني وعجزه عن ثنيها ذهبت للمستشفى مرة أخرى ليروا الحالة كيف أصبحت الا أنه تم رفضه وكان ردهم:" احنا عملنا اللي علينا ".

 

والد الضحية لم يقتنع بذلك وذهب به إلى مستشفى آخر لإجراء أشعة تثبت أن المفصل تقيح والعظم والغضروف تآكل بسبب مضاعفات العملية والاهمال والتقصير، وقال: " تقدمت بشكوى للمجلس الطبي واللجنة تجاوبت، وكلفت لجنة بالنزول للمستشفى لتحقيق وتم الاقرار بأن المستشفى أهمل".

 

القانون اليمني يقف عاجزا عن انقاذ حياة المرضى حتى بوجود نصوص تحميهم فالمحامية أمل الصبري المختصة بالأحوال الشخصية ومدنية توضح أن المادة (245) من قانون العقوبات تنص على حبس سنتين أو دفع غرامة مالية لمن تسبب بجريمة غير جسيمة وعدم وفاة بحق المريض، وتضيف الصبري أما إذا أدت إلى الوفاة فإن المادة (241) ذهبت لعقاب الدية المغلظة أو الحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات.

 

وبناءً على القانون وقرار المجلس الطبي بدفع غرامات مالية تم دفع الغرامة الخاصة بالحق العام، ويذكر والد عمار أنه خلال تلك الفترة كان ابنه يرقد في المستشفى دون النظر اليه أو محاولة إصلاح الخطأ وتعويضه، بل تكفل بدفع كل نفقات العلاج والغرفة وغيرها، على الرغم من أن المجلس أقر بخطأ واهمال المستشفى الذي أوصل ابنه لهذه الحالة، وقال: " مازالتُ للآن أطالب بحق إبني ولكن دون إنصاف حتى بعد مضي قرابة العام على القضية ووصولها للمجلس الطبي وللنيابة العامة".

 

ليس عبداللطيف وحده من دخل المستشفى بقدميه بغيه الحصول على العلاج لينتهي به الأمر متألما ويعاني من خطأ وإهمال وصل به للإعاقة، بل هناك ضحية أخرى للخطاء والإهمال انتهت بالموت كانت عنوانها سمر عبدالجبار الصلوي (27) عاما ذهبت للمستشفى الأوروبي كما تحكي شقيقتها "هبة" لإجراء عملية تحويل مسار للمعدة، وأجرت "سمر" كل الفحوصات اللازمة استعدادا للعملية، وكانت جميع نتائج الفحوصات سليمة وبإمكانها اجراء العملية بدون مخاوف من أضرار ومضاعفات.

 

وتسرد هبة شقيقة الضحية: " دخلت العملية الأولى وبعد خروجها كانت تشعر بضيق تنفس ونقص في الاكسجين أنا واسرتي خفنا عليها وهرعنا لدكتور اللي أجرى العملية رد طبيعي مع العملية يومين وتتحسن وكانت سمر حينها بالأكسجين وتستطيع الحركة".

 

شقيقة الضحية أكدت أن الطبيب حاول اخراجهم من المستشفى بداعي نجاح العملية إلا أن الحالة تدهورت بسبب اعتمادها على الاوكسجين، وهو أمرا ليس طبيعيا بناء على كلام الطبيب الذي أكد نجاح العملية.

 

وتقول "هبة" شقيقة "سمر" إنه تم التأكد من تدهور في الرئة وأصبحت تعمل بنسبة 30%، وتم إبلاغ الطبيب، إلا أن الطبيب أوهمهم بأن الحالة لا تستدعي القلق.

 

وبعد توصية من الطبيب عُرضت الحالة على طبيب متخصص بالرئة، كشف اصابتها بالتهاب حاد بسبب تجرثم في العملية، ووصف لها مضاد حيوي، لكن الآلام استمرت حينها، وبدء جسمها بالتورم بسبب سوائل في الرئة أدى إلى تقيأ بالدم.

 

وتضيف الأسرة أنها لجأت لجروب أطباء جميعهم أكدوا بوجود خطأ في العملية، وبعد عشرة أيام من العملية دخلت "سمر" العناية المركزة، حيث كانت العملية الثانية استكشافية رغم تحذيرات طبيب التخدير من خطورتها لعدم تحمل الحالة.

 

وتؤكد أسرة "سمر" أن الطبيب اعترف بنهاية المطاف بفشل العملية الأولى، والتي تسببت بثقب في الكبد أدى لنزيف حاد استدعت عملية ثالثة لوقف النزيف، ولكن النزيف لم يتوقف، واضطروا لإجراء عملية رابعة وبعدها تحسنت قليلا إلا أنها بدأت في التعفن بسبب اهمال في الجراحة، ولم يستطيعوا التحكم فيه وانتشر التعفن داخل الجسم كامل ما أدى إلى وفاتها.

 

 اختتمت هبة بالقول" ماتت أختي بعد معاناة كبيرة، أنهرنا من الحزن ولم نقم بأي بلاغ لمعرفة أن الطبيب الذي أجرى العملية عضوا في المجلس الطبي، واكتفينا بالحزن وتوضيح القصة في مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا يقع الناس في فخاخ الدكاترة المهملين والذين لا يعترفون بأخطائهم".

 

ضحايا خارج الاحصائيات

 

تتكتم وزارة الصحة التابعة للحوثيين، في نشر إحصاءات لعدد ضحايا الأخطاء الطبية في اليمن لاعتبارها "سرية وغير قابلة للنشر"، وحصلنا على احصائية عبر المصادر المفتوحة والمصادر الخاصة تشير إلى وجود أكثر من (18) خطأ طبي، خلال العام 2021، توزعت ما بين الموت والموت السريري، واستئصال الأعضاء، والتشخيصات الخاطئة.

 

على الرغم من كثرة الأخطاء الطبية والاهمال الذي يحدث في المستشفيات الخاصة، إلا أن أسر الضحايا فضلت الكتمان، وباتت تقنع نفسها أن موت مريضها هو قضاء وقدر حتى لا تدخل في دوامة القضاء للحصول على الانصاف الغائب.

 

لا انصاف ولا اعتراف بالخطأ

 

تتهرب المستشفيات من الرد على الاتهامات التي توجهها أسر الضحايا حتى الاعتراف بالتقصير، بل أنها تتعامل مع الأمر باستفزاز لأسر الضحايا لتثبت بذلك أن هدفها هو فقط ربحي، ولا علاقة لها بما يشعر به المرضى وأسرهم .

 

رهاب وخوف

 

أصبح المرضى يخشون المستشفيات ويصابون بحالة رهاب منها خوفا من أن تزداد معاناتهم بتشخيص خاطئ أو اهمال كما تصف الدكتورة "منيرة النمر" اخصائية نفسية، والتي قالت:" يزورني مرضى يحاولون التعافي من هذا الرهاب الذي اصابهم بعد فقدهم لأصدقائهم واحبتهم نتيجة اهمال وخطأ طبي بل أن أحد المرضى قال لي " أموت في البيت أحسن لي من أنهم يعوقوني أو يموتوني"

 

فهل من عقوبات رادعة للإهمال والتلاعب بحياة المرضى؟

 

وثائق عن قضية الطفل عبدالله

 

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI