تواصل "أرامكو" السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، إرسال ناقلات محملة بالنفط الخام والوقود عبر جنوب البحر الأحمر، حيث يهدد المسلحون الحوثيون منذ أشهر السفن التجارية رداً على الحرب الإسرائيلية في غزة.
قال محمد القحطاني، الذي يرأس أعمال التكرير وتجارة النفط والتسويق لدى "أرامكو"، عبر مقابلة بمقر الشركة في الظهران: "نقوم بشحن النفط والمنتجات في البحر الأحمر". أوضح أن المخاطر المرتبطة بذلك الأمر، "يمكن التحكم فيها".
يتناقض هذا القرار مع توجه مجموعات أخرى من أصحاب الناقلات الذين تخلوا عن تسيير رحلات عبر البحر الأحمر بعد أن قصفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أجزاء من اليمن في محاولة لقمع هجمات الحوثيين.
ورد المسلحون بالقول إنه سيتم استهداف سفن كلا البلدين، إلى جانب السفن الإسرائيلية، مما أدى إلى إصدار تحذيرات بحرية للسفن التجارية بالابتعاد.
حتى قبل الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، المستمرة منذ 12 يناير، ابتعدت المئات من سفن الحاويات والعديد من السفن التجارية الأخرى بالفعل عن المنطقة-وهو طريق لا مفر منه لأي ناقلة تريد استخدام قناة السويس للمرور بين آسيا وأوروبا.
هذا الوضع يؤدي إلى إطالة أمد الرحلات وتأخير وصول شحنات كل شيء بما في ذلك الوقود وقطع غيار السيارات، حيث إن العديد من السفن تسافر لمسافات أطول حول أفريقيا. الأمر الذي يثير المخاوف بشأن عودة التضخم.
الدعوة إلى ضبط النفس
دعا السعوديون إلى ضبط النفس إزاء الضربات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين، في محاولة لاستمرار محادثاتهم بشأن السلام مع المسلحين. تسعى المملكة إلى إنهاء تدخلها في اليمن، وسط صراع قام خلاله المتمردين بمهاجمة منشآت النفط السعودية في الماضي.
موقع المملكة العربية السعودية-حيث البحر الأحمر من الغرب والخليج العربي من الشرق-يجعل من الصعب إلى حد ما على أكبر منتج في "أوبك" تجنب استخدام المنطقة. تنقل "أرامكو" بانتظام النفط الخام والوقود من الخليج العربي، حيث تقع أكبر حقولها النفطية ومصافيها الكبرى.
تتدفق باستمرار الناقلات التي تقوم برحلات مكوكية وتمر عبر جنوب البحر الأحمر- بما في ذلك من وإلى مصفاة جيزان في البحر الأحمر-منذ بدء الصراع، حسبما يظهر تتبع الناقلات الذي جمعته "بلومبرغ".
كما مرت شحنة وقود متجهة إلى الأردن. مع ذلك، لم ينقل عملاء "أرامكو" أي شحنات خام عبر البحر الأحمر حتى الآن هذا الشهر، والتي ربما مرت في أوقات أخرى عبر الممر المائي عبر مصر إلى المشترين في الغرب. هذه التدفقات متقطعة على أي حال كون معظم الخام السعودي يتجه إلى آسيا.
كما تتجه ناقلتان على الأقل، قامتا بتحميل الخام السعودي في رأس تنورة والوقود في الجبيل، وكلاهما في الخليج، حول أفريقيا في رحلة إلى أوروبا، بدلاً من اتباع الطريق الأقصر عبر البحر الأحمر، وفقاً لتتبع حركة السفن.
"تقييم الوضع بشكل يومي"
قال القحطاني إن "أرامكو" السعودية تستخدم أيضا خط أنابيب عبر البلاد لشحن بعض الخام من حقولها الرئيسية في الشرق إلى ساحل البحر الأحمر حيث يمكن تصديره عبر قناة السويس.
في النصف الأول من يناير، شحنت "أرامكو" كمية من النفط الخام من محطتها على البحر الأحمر في ينبع شمالاً باتجاه أوروبا كما فعلت في الشهر السابق بأكمله، وفقاً لبيانات تتبع السفن التي جمعتها "بلومبرغ". قال القحطاني: "هذا يمنحنا أيضاً إمكانية وصول وخيارات هائلة.. نحن نقوم بتقييم ذلك بشكل يومي تقريباً".
مع ذلك، مثل بقية الصناعة النفطية، يتعين على "أرامكو" مواجهة انخفاض عدد السفن الراغبة في السفر إلى البحر الأحمر وارتفاع تكاليف التأمين للقيام بذلك.
قال القحطاني، الذي يشغل منصب رئيس التكرير والكيميائيات والتسويق لدى "أرامكو": "إن التأثير يكمن في تكاليف هذه الشحنات.. إنها تتزايد نتيجة لما يحدث. ولكن بشكل عام يمكن التحكم في الأمر بشكل كبير".